NORTH PULSE NETWORK NPN

شقيقتان يبدعن في حياكة السجاد اليدوي المهدد بالزوال

ديرك- نورث بالس

تتنقل أنامل الشقيقتان “ستي وقمري” بين خيوط السجاد بمهارة وسرعة عالية وهي مربوطة بدقة على آلة “النول” المصنوعة من الخشب، لينتجا إرثاً فنياً نادراً مهدد بالزوال.

تعمل الشقيقتان قمري وسيتي إبراهيم، وهما كرديتان في العقد الخامس من العمر، من منطقة كوجرات التابعة لمدينة ديرك(المالكية) شمال شرقي سوريا، في صناعة السجاد اليدوي، محافظتين بذلك على تقاليد الأجداد وتقنياتهم والتراث الشعبي.

الشقيقتان الغير متزوجتان واللتين تسكنان معاً في منزل قديم، تقضيان أغلب وقتهن خلف آلة الحياكة اليدوية، يحاولان بكل جهد الحفاظ على هذا التراث من جهة ولتأمين بعض مصاريفهن من مردود عملهن من جهة أخرى.

ورثت الشقيقتان هذه الحرفة من والدتهما منذ أكثر من 30 عاماً ولا يزلن يمارسن هذه المهنة بالحرفية التي تحتاج إلى مهارة واتقان، تقول ستي: “تعلمت أنا وشقيقتي هذا المهنة عندما كنا أطفال من والدتي التي كانت تتقن هذه المهنة، وتعتبر من إحدى أنواع تراث منقطة كوجرات التقليدي القديمة لذا لا نزال نعمل في هذا المجال”.

وأضافت ستي: “تختلف صناعة السجاد اليدوي والوانه وحجم القطعة حسب أذواق الزبائن، ونطلب من الزبائن أن يأتوا بالخيوط والألوان التي يرغبون بها، ونحن بدورنا نقوم بحياكتها لهم، ونتقاضى أجر الحياكة فقط منهم”.

ونوهت ستي أن السجاد اليدوي باتت قطعة نادرة لما يحتاج إليه من جهد بشري من ناحية، ولقلة العاملين فيه من ناحية أخرى بسبب عدم جدواه الاقتصادي ومردوده القليل بالمقارنة مع الجهد الكبير.

وهذا ما تواجهه الشقيقتان، كون أجر حياكة السجاد ضئيل جداً مقارنةً مع الجهد الجسدي الذي تبذله كل واحدة منهما وتأثير الجلسات الطويلة لحياكة السجاد على اختلاف المقاسات على صحتهما، و في هذا الإطار بينت ستي أنهما: “يعملن لساعات طويلة كي ينهيان حياكة سجادة واحدة والتي تتقاضيان عليها أجر حوالي 10 آلاف ليرة سورية فقط للسجادة الصغيرة، وقالت: “دخلنا أضحى لا يتناسب مع الوضع الاقتصادي الذي تمر به المنطقة، فأصبحنا لا نحيك لغرض البيع بل نعمل على أساس الطلب”.

تقول ستي أن: “الإقبال على شراء هذا النوع من السجاد بات ضعيفاً جداً في المنقطة مقارنةً في السابق، حيث كانت تتميز في القدم بقيمته الفنية والمادية الثمينة أما في الوقت الحالي فقدت نوعاً ما تلك القيمة الفنية إلى جانب المادية”.

ونوهت ستي أن من يشترون هذا النوع من السجان حاليا، يشترونه بهدف استخدامه كزينة لجدران المنازل أو لاستخدامه كسجادة للصلاة، فيما لم يعد أحد يستخدمه لفرش أرضية المنازل.

وحول المدة التي ينهون فيه حياكة سجادة من النوع الصغير، تقول ستي: “تستغرق صناعة السجادة الواحدة أسبوع أو أكثر والتي تكون بحجم صغير أما الكبيرة تستغرق شهور وهذا يكون حسب ساعات العمل عليها، فصناعتها يتطلب الدقة، والصبر، والبراعة، والتركيز الدائم كونها تتعمد على نقوش مختلفة واستعمال العديد من الخيوط وبمختلف الألوان معاً”.

وعن الصعوبات التي يواجهنها في العمل تقول ستي: “نلاقي صعوبات كثيرة في المهنة حيث نعاني من آلام في الجسد وتعب لأننا نعمل ونحن جالسين معظم الوقت”.

تعد صناعة السجاد اليدوي إحدى أقدم الحرف التي عرفها الإنسان، بدأت مع العصر الفرعوني ومنذ أكثر من خمسة آلاف عام قبل الميلاد، واليوم أصبحت صناعة السجاد اليدوي من المهن المهددة بالانقراض، فلا يوجد كتب تهتم بتعليم صناعة السجاد اليدوي أو مكان يهتم بنقل أصولها، فهي مهنة تورث ولا تدرس، كما هو الحال لدى الشقيقتين “ستي وقمري”.

إعداد: لافين آراس

 

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.