ضباط أتراك يعملون مهربين للبشر ويجنون مبالغ ضخمة من السوريين
إدلب / نورث بالس
لم ينحصر دور القوات التركية في السيطرة على مناطق سورية، ولم تكتفي بوضع يدها على منافذ الاقتصاد في الشمال السوري ضمن المناطق التي تسيطر عليها الفصائل الموالية لها، بل بات يعمد ضباط وعناصر أتراك للعمل كمهربي بشر عبر الحدود التركية السورية، مقابل مبالغ مالية كبيرة من المدنيين.
مصادر خاصة أفادت “لنورث بالس” أن عمليات تهريب كثيرة تجري على يد ضباط وعناصر أتراك وبالتعاون مع مهربين سوريين، ويعرف محلياً بين المدنيين ذلك بوضوح ويعلن المهربين السوريين عن عروض للتهريب بواسطة إذن ضباط وعناصر أتراك.
وتشير المصادر لـ “نورس بالس”، بأن بعضها تجري عبر سيارات عسكرية تابعة للأتراك وتستخدم في نقل المواد الغذائية والمعدات اللوجستية لنقاط المراقبة التركية الواقعة في عدة مناطق سورية.
وعلم مراسل “نورث بالس” من مصادر محلية، أن تكلفة التهريب التي يقوم بها الضباط والعناصر الأتراك عبر السيارات التابعة لنقاط المراقب تبلغ نحو 3600 دولار أمريكي تؤخد من الشاب، ومبلغ 2800 دولار أمركي على المرأة، ومبلغ 400 دولار على الطفل الذي لا يتجاوز العشرة سنوات.
وقالت المصادر المحلية، أنه يتم نقل المدنيين بشكلٍ جماعي في إحدى السيارات ويأخذ الضابط المسؤول المبلغ مقابل ذلك، كما تبلغ تكلفة التهريب الاعتيادي عبر الحدود السورية التركية وبإذن من ضابط من قوات الحرس “الجندرما” نحو 1200 دولار.
سوء الأوضاع المعيشية والمادية لغالبية سكان الشمال السوري وخصوصاً النازحين والمهجرين هو ما يدفع المدنيين للإقدام على الهروب لتركيا بحثاً عن لقمة العيش، فبعد عشرة سنوات من الحرب الدامية خسر الكثير مصادر دخلهم وخصوصاً أثناء حملة النزوح الأخيرة في العامين الماضيين والتي شملت قرابة المليون نسمة نزحوا إلى الشمال السوري، يضاف لهذا السبب أسباب أخرى مثل الهيمنة التركية وفصائلها التابعة لها من جهة، ومن جهة أخرى الجماعات المتشددة في إدلب على مرافق الحياة والاقتصاد بشكل كامل وفرض الضرائب والأتاوات ورفع الأسعار.
بسام الحسن (اسم مستعار) من بلدة معرزيتا في ريف إدلب الشمالي هو واحد من بين مئات الشبان الذين عبروا إلى تركيا بهذه الطرق وبواسطة القوات التركية، وفي حديثه مع “نورث بالس” يقول، “بعد أن نزحت مع عائلتي إلى مخيمات أطمة في الشمال السوري ضاقت بي الأحوال المعيشية وقررت اللجوء لتركيا لأبحث عن فرصة عمل، لكن كنت أخاف من قصص استهداف الهاربين على الحدود من قبل قوات الحرس وبدأت أبحث عن طريقة آمنة”.
ويكمل الحسن، “وصلت لطريقة آمنة جداً وهي الدخول في سيارة عسكرية تركية وستوصلني للداخل التركي بسرعة وبشكل آمن، لكن كان يتحتم علي دفع مبلغ ثلاثة آلاف دولار أمريكي، فقمت ببيع أثاث المنزل ودراجة نارية واستدانة مبلغ من المال حتى استطعت تأمين المبلغ ودخلت بكل سهولة بحماية ضابط تركي برتبة ملازم”.
ومضى على دخول بسام الحسن نحو ستة أشهر وبدأ في عمل ضمن ورشة نجارة خشب بمرتب شهري يبلغ 2000 ليرة تركية، بينما بقيت زوجته وأطفاله في خيمة صغيرة ضمن مخيمات منطقة أطمة شمال إدلب، ويؤكد أن الكثير من أقاربه دخلو بإذن من ضباط أتراك ويستغلون حاجة المدنيين للدخول لتركيا ليجمعوا الأموال على حسابهم.
وبدورهم يؤكد المهربين على وجود تنسيق وتعاون مع ضباط أتراك في عملية تهريب البشر من سوريا لتركيا وأخذهم لمبالغ كبيرة مقارنة بالتهريب الذي لا يتضمن حماية للشخص الذي يود الدخول، وعن هذا الجانب يتحدث إبراهيم الخلف (اسم مستعار) وهو من مدينة جنديرس في ريف حلب الشمالي في شهادته “لنورث بالس” ويقول، أن التهريب بشكل عام بدأ يأخذ تزايداً بشكل ملحوظ ما بعد عام 2019 والذي شهد أكبر عملية عسكرية برية للقوات الحكومية وسيطرتها على أجزاء كبيرة من المناطق، واستغل بعض الضباط الأتراك عمليات التهريب الجارية ليكون لهم نصيب من الأموال التي تدفع.
ويشير الخلف، أنه وبشكل أسبوعي تكون هناك عدة عمليات تهريب عبر سيارات الأتراك التي تدخل لسوريا وبتعاون كامل من بعض الضباط، “وتنحصر مهمتنا نحن كمهربين بتأمين الركاب ونأخذ نسبة قليلة من المبلغ الذي يدفعه الشخص الذي يريد الدخول لتركيا، أما الضابط التركي فهو الذي يأخذ الجزء الأكبر من المبلغ”.
ويؤكد الخلف في نهاية حديثه “لنورث بالس” أنه لا يوجد مراعاة من قبل الضباط الأتراك لأوضاع المدنيين الذين لا يتوفر لديهم المبلغ كامل والذي يبلغ نحو 3500 دولار، ولا يتم مساعدة أصحاب الحالات الخاصة والضباط الأتراك يستغلون الجميع لكسب المزيد من الأموال، وفضلاً عن التهريب عبر السيارات وبشكل آمن جداً، فأيضاً هناك طرق تهريب عبر الجدار وعبر الانفاق بتأمين وغطاء من عناصر وضباط وبأسعار مختلفة.
وتشهد المنطقة حركة هروب كبيرة لتركيا بسبب تردي الأوضاع المعيشية وغلاء الأسعار والخوف من عملية عسكرية جديدة يمكن أن تحدث قريباً في الشمال السوري في ظل إصرار القوات الحكوميةى والجانب الروسي على السيطرة على كامل المنطقة، وقد شهدت سنوات الأحداث في سوريا منذ بدايتها مقتل وإصابة المئات من السوريين على الحدود السورية التركية بفعل استهدافات قوات حرس الحدود التركية.
إعداد: أيمن العبد الرزاق
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.