ماذا تريد تركيا من أفغانستان
قررت تركيا إجلاء قواتها من أفغانستان، كان هناك الكثير من الأسئلة التي لم تتم الإجابة عليها حول مهمة تركيا لحماية مطار كابول حامد كرزاي الدولي بعد عودة طالبان السريعة إلى العاصمة الأفغانية.
صاغ المتحدثون باسم طالبان تصريحاتهم حول تركيا بعناية، وشجعوا الاستثمارات والمساعدة في إعادة الإعمار، لكنهم أصروا على مغادرة جميع القوات الأجنبية، بما في ذلك القوات التركية، أفغانستان وهو ما أزعج اردوغان لأنه يريد بلدا جديدا تنتشر فيه قواته بعد ليبيا وسوريا والعراق وقبرص وقطر والصومال وأذربيجان.
ومن المسلم به أنه كان من الصعب على طالبان تبرير استمرار وجود القوات التركية في أفغانستان في وقت تم فيه اخراج كافة القوات الاجنبية فماذا يفعل اردوغان بجيشه هناك.
في الوقت نفسه، تواصل الجماعات المتطرفة في أفغانستان، بما في ذلك داعش نشاطاتها والذي من شأنه أن يمثل استمرارًا لمهمة الناتو، يهدد بأن يكون بمثابة نقطة ضعف لطالبان.
في ضوء قرار الولايات المتحدة بالخروج قبل تشكيل حكومة انتقالية، لم تكن تركيا في وضع يسمح لها بفرض شروط على طالبان أيضًا ولهذا اتبعت دبلوماسية التقرب والتودد.
ولكن السؤال هو، هل يمثل إجلاء القوات التركية نهاية المبادرة التركية بشأن الأزمة في أفغانستان؟ الجواب لا.
وبدلاً من ذلك، ستأخذ الحكومة التركية مشاركتها مع أفغانستان إلى مستوى مختلف وها هو اردوغان يحاول استمالة طالبان بوسائل ومداخل متعددة، بادئ ذي بدء، وهو لا يخفي ان تركيا كانت وسوف تبقى متحمسة لإدارة مطار العاصمة الأفغانية.
ما تزال أنقرة تحاول دس انفها في تشكيل حكومة انتقالية بشتى الوسائل ومنها استغلال التنسيق مع كل من باكستان وقطر القريبتان من طالبان، وجنبًا إلى جنب مع طالبان وأصحاب المصلحة الأفغان الآخرين، وتروج تركيا مواقف إيجابية وأنها لتقديم مساهمة دبلوماسية وسياسية واقتصادية للأفغان.
في الواقع، هنالك ورقة اخرى يمكن لتركيا ان تلعبها وهي ورقة الهجرة غير النظامية من أفغانستان والتي يمكن ان تتيح لتركيا الدخول في محادثات مكثفة وممارسة ضغوط على جهات عدة ومنها مع طالبان وإيران وباكستان والاتحاد الأوروبي.
نقل الرئيس رجب طيب أردوغان رسالة مباشرة إلى المجتمع الدولي بالقول إن تركيا لا تستطيع تحمل عبء طالبي اللجوء الإضافيين بمعنى انه يريد امتيازات واموال، وتلك حقيقة أكن اعلام اردوغان اتهم وسائل الإعلام الأوروبية بأنها بدأت بالفعل في الادعاء بأن أردوغان سيستخدم اللاجئين الأفغان لابتزاز الاتحاد الأوروبي.
السياسيون والصحفيون الأوروبيون يتهمون تركيا صراحة بالابتزاز لأن لها تاريخا في ذلك اما انقره فتروج لنفسها بالسياسة الإنسانية.
تقول انقره انه يجب على الأوروبيين تجاهل مثل هذه الأوهام والاستمرار في البحث عن طرق للتعاون مع تركيا بشأن الهجرة غير الشرعية.
على هذا النحو، تعمل تركيا على مواصلة التعامل مع أفغانستان لتسهيل تشكيل حكومة انتقالية، ومنع الهجرة والمساهمة في إعادة إعمار أفغانستان.
تحافظ أنقرة على تفاؤل حذر بشأن مسار عمل طالبان المستقبلي لكنها مستعدة للتطورات السلبية.
ستكون معاملة الأفغان، الذين عملوا مع الولايات المتحدة وحلفائها، الاختبار النهائي لطالبان.
قد يؤدي مزيج من الانتقام والفقر والقمع إلى حرب أهلية جديدة في أفغانستان. وعلى النقيض من ذلك، فإن ما يحتاجه الشعب الأفغاني بشدة هو حكومة انتقالية ذات قاعدة عريضة.
في الختام، فإن انسحاب القوات التركية يسهل فعليًا على تركيا مواصلة مبادراتها الدبلوماسية واثبات حسن النية لطالبان وفي ظل الظروف الحالية تترك أنقرة الباب مفتوحا لإمكانية الحوار مع الحركة دون إضفاء الشرعية على ممارساتها اي اتباع انتهازية مسك العصا من المنتصف.
تمثل سياسة تركيا القائمة على “التفاؤل الحذر” عملية ديناميكية – سيتم تحديد مسارها بشكل أساسي من خلال خيارات طالبان.
لقد كانت التطورات في أفغانستان سريعة للغاية.
لم يتوقع أحد أن تسيطر طالبان بهذه السرعة، في غضون أيام قليلة، كانت كابول تحت حكم طالبان بنسبة 100٪ تقريبًا.
لا تزال الحشود في المطار تنتظر الهروب بشكل مقلق وهناك ملايين الأفغان يحلمون بمغادرة بلدهم خوفًا من التعرض للقتل أو التعرض لرقابة طالبان الشديدة.
طلبت طالبان من جميع القوات الأجنبية مغادرة البلاد بحلول 31 أغسطس على أبعد تقدير، لذلك هناك حالة عدم يقين كبيرة بشأن ما سيحدث بعد يوم الاثنين.
كما طُلب من تركيا المغادرة وبدأ الجنود الأتراك في العودة. في الواقع، كان من المتوقع أن تتولى تركيا السيطرة على مطار كابول حامد كرزاي الدولي، لكن الأمور لم تسر كما كان متوقعًا. استندت هذه الخطة إلى افتراض بقاء بعض القوات الأجنبية وسيطرة طالبان محدودة.
بما أن طالبان تسيطر على كل شيء، فما الفائدة من السيطرة على المطار؟ سيكون هذا نوعًا مختلفًا من المكر وأنقرة لم يكن لديها مثل هذه الأجندة من قبل حتى انسحبت الولايات المتحدة عندها ادركت انقرة ان عليها التدخل وسد الفراغ.
من ناحية أخرى، طلبت حركة طالبان من أنقرة مساعدة شعب أفغانستان؛ ومع ذلك، نظرت انقرة الى ان هذا الطريق محفوف بالمخاطر، اردوغان يريد ضمانات واستثمارات وتواجد عسكري ومخابراتي على الارض.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.