“تحرير الشام” تسعى لإزالة اسمها من لائحة الإرهاب
نورث بالس – إدلب
عبر العديد من الإجراءات التغييرية على الأرض تحاول “هيئة تحرير الشام” (جبهة النصرة سابقاً) أن يعاد النظر في تصنيفها على لائحة الإرهاب وإزالته من قبل الولايات المتحدة الأمريكية.
حيث تتعمد “تحرير الشام” التي تبسط نفوذها على مناطق إدلب وريفها، لإجراء تعديلات في منهجها وتعاطيها مع الواقع، لكن كل اجراءاتها تصطدم بحقيقة ما يعانيه سكان المنطقة التي تسيطر عليها.
ففي بداياتها حاولت هيئة “تحرير الشام” إبراز نفسها على أنها حاضنة ومهتمة بشؤون الأقليات الدينية ضمن مناطق سيطرتها.
فعمدت هيئة “تحرير الشام” مطلع العام الفائت 2020 للسماح للأقلية المسيحية في ريف إدلب الغربي بإقامة احتفالات رأس السنة، وتم تصوير هذه الاحتفالات لكن بعد ذلك تبين أنها كلفت إعلاميين يتبعون لها بتغطية الاحتفال ونشره بهدف تحسين صورتها.
ثم بدأت الهيئة بتنظيم عمل الإعلام بشكل كبير وإنشاء مديرية إعلام واستخراج بطاقات صحفية لجميع العاملين في هذا المجال، لكن الأمر الذي لم يدركه الكثير أنها خطوة متعمدة من قبلها لضبط حالة التصوير للجوانب السلبية في المنطقة.
فبات من الصعب على الصحفيين القيام بأي نشاط بدون تصريح رسمي من مديرية الإعلام ودون أن يكون حاملاً للبطاقة الصحفية، وبهذه الحالة تكون قد ضمنت هيئة “تحرير الشام” عدم تصوير أو اظهار اي جانب سلبي معاش في المنطقة.
كما غير وبشكل كبير زعيم الجماعة “أبو محمد الجولاني” طريقة تعاطيه مع المدنيين في المنطقة، حيث يجري بشكل دوري لقاءات تشاورية مع ممثلين عن فئات الشعب بالمنطقة بعد أن كان شخصاً افتراضيا لدى الكثير بتستره وتغيبه عن الإعلام وعدم اظهار وجهه.
ولوحظ عليه التغير بشكل أكبر بعد لقاءه الصحفي الأمريكي “مارتن سميت” ومطالبته للولايات المتحدة الأمريكية ازالة تنظيمه من لوائح الإرهاب.
الصحفي “سليم المحمود” في لحديثه لشبكة “نورث بالس” عن الواقع المعاش في إدلب والذي يعد بخلاف ما تحاول اظهاره “تحرير الشام” يقول: ” أن الأوضاع في إدلب متردية كثيراَ وعلى كافة الاصعدة، فجميع القطاعات متضررة بسبب منهجية وسياسة “تحرير الشام” التي تتبعها”
وأكد المحمود على “غلاء الأسعار ولاسيما المواد الغذائية والتموينية، والجانب الطبي بسبب فرض الضرائب على الدعم للمشافي والمنشأت الطبية، وغلاء في اسعار العلاج والأدوية، أما التعليم فهو من أكثر الجوانب المهملة”.
متابعاً، هناك: “تضييق كبير على العاملين في المجالات الطبية والإعلامية والخدمية والإنسانية في سياسة تكميم للأفواه ومنع القيام بأي نشاط بدون إذن وموافقة وضريبة”.
وأشار المحمود إلى أن: ” المنطقة بشكل عام تستثمر مادياً من قبل “تحرير الشام” وقياداتها وينظر لها على أنها مرتع للقيادات من أجل الحصول على مزيد من الثروات على حساب المدنيين”.
ويضيف المحمود: “ورغم كل ذلك تحاول “تحرير الشام” المراوغة وخداع المجتمع الدولي والعالم واظهار نفسها أنها تمسك بزمام المنطقة بشكل جيد وتعمل على راحة وسلامة المدنيين لكن الحقيقة خلاف ذلك فغالبية الشباب اليوم يحلمون بالخروج إلى تركيا والدول الأوروبية هرباً من الواقع المعاش في إدلب”.
وختم المحمود حديثه: ” لن يتحسن الواقع المعيشي في إدلب ما دام أن هناك تنظيم يلاحق المدنيين حتى إلى السلة الغذائية الشهرية المقدمة من المنظمات الإنسانية ويفرض عليها الإتاوات، والأوضاع من سيء إلى أسوأ، ولا أحد يستطيع التكهن بموعد انتهاء هذه المعاناة”.
من جانبه، يقول” محمد العوف” نازح من ريف حماة الغربي ويقطن ضمن مخيمات “دير حسان” في ريف إدلب الشمالي، لـ “نورث بالس”: “الجوع والفقر والبطالة هي من أكثر ما يوجد في إدلب، هناك نحو أربعة ملايين نسمة يقبعون تحت رحمة “تحرير الشام” غالبيتهم في مخيمات النزوح”.
مضيفاً: ” رغم الفقر وغلاء الأسعار وانعدام فرص العمل وازدياد حالات السرقة والقتل والخطف، تأتي تحرير الشام لتمنع المدني حتى من الشكوى والتعبير عن رفضه لهذا الواقع الأليم”.
وبين العوف: “أن المدنيين لم يعد لديهم الوقت للتفكير بالعودة لمنازلهم، فلم يعد همهم سوى تأمين قوت يومهم ورغم ذلك لا يسلمون من “تحرير الشام” وسياسة قمعها الوحشية لكل من يعارضها، وما يؤسف أن ترى موظفوها وقياداتها يتنعمون بالأملاك الكثيرة على حساب قوت المدنيين، أما غيرهم فمصيرهم الجوع والفقر”.
ويؤكد أخيراً، أن “تحرير الشام” مهما حاولت اظهار نفسها بأنها راعية وحامية لحقوق المدنيين والأقليات خصوصاً، واظهار نفسها أنها تسعى لتحسين الواقع المعيشي للمدنيين وتنظيم امور حياتهم اليومية، فلن تستطيع ذلك، فالجميع يشاهد ويعلم المعاناة والمأساة الحقيقية التي نعيشها.
تهميشاً للحقوق وتكميماً للأفواه وسرقة قوت المدنيين واضطهاد للأقليات ومصادرة للممتلكات، هذا هو جزء من حال يعاش يومياً في إدلب تحت هيمنة “هيئة تحرير الشام” (جبهة النصرة سابقاً) ما بات يولد لدى الكثير رغبة التغيير أو الهروب من الواقع للخلاص من هذه المعاناة.
إعداد: أيمن عبد الرزاق
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.