الدرزي: فتح معبر نصيب والوثيقة السرية اعتراف بشرعنة السلطة في دمشق
مركز الأخبار- نورث بالس
يرى الكاتب والسياسي السوري، د. أحمد الدرزي، أن “ما يجري يعني الاعتراف بشرعية السلطة السورية”، وحصر الخلاف حول نوع التسوية السياسية وفقاً للقرار 2254، مشيراً أنه بغض النظر عن دقة الوثيقة، “فإنها لا تخرج عن السياق العام لمحاولات فك ارتباط دمشق بطهران، من خلال تغيير السلوك السياسي لدمشق”.
و بعد أعوام من الأزمة السورية وقطع معظم الدول العربية والعالمية علاقاتها مع حكومة دمشق، ترجع دمشق إلى الواجهة من جديد عبر البوابة الأردنية، وتلعب الأردن دوراً في إعادتها إلى الجامعة العربية، المكان الذي خرجت منه سورية نتيجة الأزمة وعدم الاعتراف بحكومة “بشار الأسد”.
وثيقة سرية أردنية اقترحت مقاربة جديدة للتعامل مع حكومة دمشق، تهدف إلى تغيير متدرج لسلوك الحكومة، وصولاً إلى “انسحاب جميع القوات الأجنبية” التي دخلت إلى سوريا بعد عام ألفين وأحد عشر.
الوثيقة السرية اطلع عليها مسؤول غربي رفيع المستوى، بينهم العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، والرئيسين الأميركي جو بايدن في واشنطن في تموز الماضي والروسي فلاديمير بوتين في آب على هامش اجتماع قمة بغداد.
المسؤول الغربي أوضح لصحيفة “الشرق الأوسط” أن بعض الخطوات التطبيعية مع دمشق التي جرت في الفترة الأخيرة “تلامس هذه المقاربة الجديدة أو مستوحاة من روحها”.
وحصلت عمان على دعم واشنطن لمد خط الغاز عبر الأراضي السورية من مصر والأردن إلى لبنان، ووعدت بتقديم ضمانات خطية بعدم شموله بـعقوبات “قانون قيصر” المفروض على دمشق، وتقديم البنك الدولي الدعم المالي لإصلاح الخط جنوب سوريا.
وكما أعادت بعض الدول العربية علاقتها مع سوريا وافتتحت سفاراتها في دمشق، في خطوة تشير إلى نية الدول العربية الاعتراف بالسلطات الحالية، وإعادته إلى الواجهة السياسية عبر الجامعة العربية.
خلال الأعوام الماضية طرحت الكثير من المبادرات وعقدت عشرات الاجتماعات والمؤتمرات بخصوص الأزمة السورية لكنها لم تنجح في التوصل لحلول بسبب عدم وجود رغبة حقيقية لدى المجتمع الدولي لحل الأزمة.
ولكن مؤخراً جرت لقاءات ثنائية أمريكية روسية بخصوص سوريا وتم استدعاء بشار الأسد إلى موسكو وزار وفد من مسد والإدارة الذاتية موسكو وواشنطن وهو ما فسره مراقبون على أنه تحرك دولي لحل الأزمة.
ويرتبط الأردن وسوريا بمعبرين حدوديين رئيسيين، هما “الرمثا” و”جابر” الأردنيين، اللذان يقابلهما “الجمرك القديم” و”نصيب” على الترتيب من الجانب السوري، وقبل الأزمة السورية عام 2011، كانت تنشط عبرهما الحركة التجارية وسفر الأفراد.
المعبر أغلق لمدة 3 أعوام خلال الأزمة السورية التي لا تزال مستمرة، نتيجة سيطرة الفصائل الموالية لتركيا على المناطق الحدودية، إضافة إلى الجماعات الإرهابية وأعيد فتحه في تشرين الأول 2018، بعد أن أجرت حكومة دمشق التسويات في معظم المدن السورية.
وحول التقاربات التي تجري أوضح الكاتب والسياسي السوري د. أحمد الدرزي، في تصريح كتابي “لنورث بالس” بأنها تأتي “ضمن سياق كامل على مستوى منطقة غرب آسيا، ولا يرتبط في سوريا وكارثتها الكبرى”.
مضيفاً بأنه “مؤشر كبير على تناغم روسي أميركي يتعلق بمجمل الملفات بعد الهزيمة الأمريكية في أفغانستان، والاستعداد للتعاطي مع النيران المشتعلة وفق آلية تبريد الأجواء كاملةً في سوريا ولبنان والعراق واليمن، ما أتاح الفرصة لتعاطي دول الجوار السوري مع دمشق بمنطق جديد وبضوء أخضر أمريكي، الذي أتاح الفرصة للدول المتضررة من استمرار الكارثة للتعاطي مع دمشق وفقاً للمعادلات الإقليمية الجديدة.”
وعن مدى ربط افتتاح الحدود بقانون “قيصر”، أشار الدرزي “لنورث بالس”، أن كل المؤشرات التي ظهرت بعد اجتماع بوتين بايدن في منتصف حزيران/يونيو “تدلل على بدء الخروج التدريجي من قانون عقوبات قيصر، ابتداءً بإقرار دخول المساعدات الغذائية عن طريق دمشق، ما يعني الاعتراف الرسمي بشرعية السلطة السورية، وحصر الخلاف حول نوع التسوية السياسية وفقاً للقرار 2254، ولكن برؤية قريبة من رؤية موسكو، والإقرار بالدور الإقليمي لإيران”.
وتابع “من هنا تأتي أهمية افتتاح معبر نصيب لفتح المجال لسوريا في علاقات اقتصادية مع الدول العربية بخرق واضح لقانون قيصر الذي سيتآكل تدريجياً وفقاً لمسارات التهدئة على مستوى غرب آسيا”.
وتقترح “الوثيقة” مقاربة جديدة مؤثرة بما يؤدي إلى إعادة التركيز على الحل السياسي في سوريا وفق القرار الدولي 2254، بطريقة تقوم على سلسلة من الخطوات التراكمية، تركز على “محاربة الإرهاب واحتواء النفوذ المتصاعد لإيران”، على أن يكون هدف هذه المقاربة ” تغيير تدريجي لسلوك الحكومة السورية”، مقابل حوافز تنعكس إيجاباً على الشعب السوري وعودة اللاجئين والنازحين.
ويقول الكاتب والسياسي السوري، أنه بغض النظر عن دقة الوثيقة، “فإنها لا تخرج عن السياق العام لمحاولات فك ارتباط دمشق بطهران، من خلال تغيير السلوك السياسي لدمشق، ووصل الأمر في عام 2018 بلافرنتيف مسؤول الملف السوري في موسكو بالطلب لخروج كافة القوات الأجنبية عدا روسيا، وهذا الأمر تم رفضه، وقد تغيرت الظروف الآن بعد ارتفاع سوية التنسيق الروسي الصيني الإيراني، ودخول إيران بمنظمة شانغهاي، مع ذهاب الاتحاد الأوروبي ومعه الولايات المتحدة نحو سياسة الحد قدر الإمكان من توسع النفوذ الإيراني في كامل المنطقة، وليس إنهائه كما كانوا يعملون عليه”.
ويضيف “ومن هنا أعتقد أن تسريب الوثيقة كان في إطار وضع أرضية إعلامية مقبولة لطبيعة تحولات السياسة الأمريكية، لأن الجميع يعلم بأن دمشق لن تتخلى عن صمام الأمان الأساسي لها، خاصةً بعد التجربة المُرَّة للإنقلاب العربي التركي عليها، وهي لن تتخلى عن ذلك، بالإضافة إلى روسيا التي لا تستطيع أن تتخلى عن إيران في سوريا ولبنان وفلسطين واليمن والخليج وآسيا الوسطى، والأهم من كل ذلك في القوقاز وأفغانستان.”
ونوه الكاتب والسياسي السوري د. أحمد الدرزي، إلى أن طبيعة الترتيبات الإقليمية الجديدة، والصراع على خطوط نقل الغاز “فرض” نفسه كأولوية على الفرقاء، ما فرض تأمين ممراته، “ومن هنا تأتي أهمية ما حصل في درعا وتغير السياسة الروسية مع مصالحات 2018، وفرض تسوية جديدة تؤمن ممرات آمنة لنقل الغاز والكهرباء.”
إعداد: هوكر نجار
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.