حلب – نورث بالس
رغم انتهاء المعارك والقصف في مدينة حلب السورية منذ أكثر من عامين، إلا أنه لم تنتهي ضحاياها، حيث تم توثيق فقدان 29 شخص لحياتهم، وإصابة أكثر من 200 آخرين جراء تعرض المباني المتضررة جراء العمليات الحربية للانهيار فوق قاطنيها.
وكانت قد شهدت مدينة حلب أعنف المعارك منذ بداية عام 2013 بين القوات الحكومية وفصائل المعارضة المسلحة السورية، واستخدم الطرفان فيها كافة أنواع الأسلحة الثقيلة، بالإضافة إلى استخدام القوات الحكومية للقصف الجوي عبر الصواريخ والبراميل المتفجرة، وقصف الطيران الروسي أيضاً على الأحياء الشرقية من مدينة حلب التي كانت تحت سيطرة فصائل المعارضة والجهادية، ما أدى لإلحاق أضرار كبيرة في الأبنية والبنية التحتية لتلك الأحياء، فبعضها تهدمت أثناء المعارك وأخرى بقيت منتصبة ولكنها باتت هشة ومعرضة للانهيار في أية لحظة.
وبعد انتهاء القتال على خلفية الصفقة التي جرت بين تركيا وروسيا عام 2016 والتي بموجبها انسحبت فصائل المعارضة المدعومة من تركيا من مدينة حلب وسيطرة الحكومة على كامل المدينة، بدأت عودة الأهالي النازحين إلى مدينتهم ومنازلهم، واضطر البعض السكن في أبنية لحقت بها الأضرار دون الاكتراث لمخاطر السكن فيها، وبعد مرور شهرين على عودة الأهالي انهار أول بناء سكني بحي صلاح الدين ما أسفر عن مقتل وجرح 14 مدنيا بينهم ثلاثة أطفال وخمسة نساء.
وبعد انهيار أول بناء سكني قام مجلس مدينة حلب بتشكيل لجان مختصة بإزالة المباني التي تعرض حياة ساكنيها للخطر وأنشأت لجنة أطلقت عليها اسم “السلامة العامة” التي يقع على عاتقها إزالة المباني المعرضة للانهيار بأي لحظة وتتضمن هذه اللجنة خمسة أعضاء مهندسين وفنين ويترأسها رئيس كل قطاع.
ولكن ورغم ذلك لازال حياة الكثير من الأهالي معرضة للخطر بسبب اهمال اللجنة لبعض المناطق وعدم الإسراع في الكشف عن كافة الأبنية المتضررة واتخاذ إجراءات السلامة من أجلها، حيث انهار بناء سكني آخر بحي السكري بمنتصف عام 2019 ولقي فيها 9 أشخاص حتفهم، بينهم نساء وأطفال بالإضافة إلى إصابة 20 بجروح كانوا يقيمون بالبناء المجاور للبناء المنهار.
واثر الإهمال الحكومي بالتخلص من تلك المباني الخطرة، بات أهالي الأحياء المتضررة يتوجسون الخوف بالبقاء بمنازلهم التي تجاور بعض الأبنية المتضررة والمعرضة للإنهيار.
وبهذا الصدد بين المواطن زياد تركماني البالغ 38 عاما من سكان حي القاطرجي استيائه من إهمال “لجنة السلامة العامة” وأكد أنهم قدموا الكثير من الطلبات للجنة لإزالة المبنى المتضرر المجاور للمبنى الذي يقطن فيه خوفا من انهياره بأي لحظة، وكون الأطفال يلعبون بين ركام الأبنية المدمرة والمتضررة، “ولكن اللجنة لم تأتي للكشف عن حالة البناء حتى الآن”.
ولفت تركماني بان وضعه المعيشي متدني وغير قادر على استئجار منزل بالأحياء التي لا يوجد فيها ابنية مدمرة من اجل انقاذ حياة أطفاله من الخطر المحدق بهم، لذا يضطر للبقاء بمنزله، ولازال ينتظر اللجنة أن تخلصهم حالة الرعب التي تمتلكهم كل لحظة.
ومن جانب أخر قال المواطن حسن ططري البالغ 43 عاما من سكان حي الصالحين أن نصف الأهالي لم يعودوا للحي بسبب الأبنية المتضررة وعدم توفر المقومات الخدمية للحي من كهرباء ومياه، وشبه السكن في الحي “بالمغامرة” كون البناء الذي يسكن به والمؤلفة من خمسة طوابق ثلاثة منها متضررة، ونوه أنه جاءت اللجنة وطلبت منهم الخروج ولكن بدون إيجاد بديل للسكن لقاطني البناء لحين إعادة الإعمار، لذا لم يخرج أحد من البناء رغم المخاطر الكبيرة.
وأكد ططري بأن الحكومة لا تضع البديل ولا تساهم بمساعدة المواطنين وسط هذا التدهور للأوضاع المعيشية التي تعاني منها كل عائلة بحلب، وطالب بإيجاد سكن للعوائل التي تسكن بالأبنية المتضررة ثم المطالبة بإخلاء المباني وقال :”إننا نعلم جيدا إن خرجنا لن نرى منازلنا إلا بعد خمس سنوات على الأقل، لأن المشاريع الحكومية تستغرق مدة زمنية طويلة لإعادة الإعمار”.
وبخصوص المباني التي تنهار أوضح المهندس عبد العزيز الأحدب رئيس لجنة السلامة بقطاع الانصاري الذي يشمل منطقة “سيف الدولة والزبدية والإذاعة والاكرامية وصلاح الدين والسكري” بأن هذه تعد أكبر القطاعات التي تتواجد فيها مباني سكنية مدمرة وأخرى معرضة للانهيار، بالإضافة إلى وجود مباني غير نظامية في هذه الأحياء.
وأشار بأنهم يقومون بالكشف العيني على المحاضر المتضررة بشكل كبير وتقديم تقرير بخصوص تلك الأبنية، وقال :”هنا نطلب في بعض الأحيان من نقابة المهندسين طلب كشف دعمي وهنا يقومون بدارسة مدى تحمل البناء وما كيفية دعم أساساته بدون ازالته بشكل كامل وهذه العملية تحتاج لبعض الوقت.
وأكد بانهم لا يستطيعون إزالة الأبنية قبل حضور كافة أصحاب المنازل لتفادي مشاكل بإزالة الأبنية، ولفت بأن أمر الازالة تأتي بعد توقيع المحافظ عليها، وما مدى الإمكانيات المادية والآليات لإزالة المباني كونه غير قادر على ازالة جميع الأبنية بذات الوقت لأن المحافظة تتعاقد مع الإسكان العسكري لعملية إزالة الأبنية.
وبين الأحدب بأنه منذ 2019 وحتى اليوم قدموا 800 تقرير وتم انجاز الكثير منه بدون إحصائية تامة بسبب تفاوت الأبنية وحسب حالتها كون الأبنية جميعها لا تحتاج للإزالة كاملة.
وتابع الأحدب :”بأنه لا مدة زمنية حتى الآن للتخلص من الأبنية المعرضة للانهيار لأن معظم المباني مخالفة وتحتاج لقرار سياسي وهذه الأبنية التي تتم إزالتها الآن هي حلول اسعافية من اجل فتح بعض الطرقات”.
مشيرا بأن هناك أبنية لا توحي بالانهيار ولكنها فجأة تنهار بسبب تفتت الأساس للأبنية.
يذكر أنه وبحسب آخر إحصائية يبلغ عدد الأبنية الموجودة في مدينة حلب ٣٦ ألف مبنى سكني.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.