NORTH PULSE NETWORK NPN

مقتلُ “آيات” تتحوّل إلى “قضيّة رأي عام” في دمشق

نورث بالس

لا تزال قضية مقتل الشابة السورية آيات الرفاعي جراء تعرضها لاعتداء بالضرب، تتفاعل في الشارع الدمشقي. فبعد نحو يومين من إطلاق حمله عبر مواقع التواصل الاجتماعي للكشف عن ملابسات الحادثة، أعلن المحامي العام الأول بدمشق القاضي محمد أديب المهايني أن تقرير الطب الشرعي أثبت الاعتداء على الشابة الرفاعي بالضرب حتى فارقت الحياة. وجاء في تقرير الطب الشرعي أن الوفاة ناتجة عن ضربات عدة على الرأس. وقال المهايني؛ في بيان نشرته وزارة العدل على «فيسبوك»، إنه أُلقي القبض على الفاعلين، وإن التحقيقات جارية لمعرفة حيثيات القضية.

وكان مصدر في مشفى «المجتهد» قد صرّح الجمعة الماضي في رأس السنة بوصول شابة متوفاة، كشفت التحقيقات الأولية عن وفاتها قبل ساعتين من وصولها إلى المشفى.

وتشير دراسة حول العنف الأسري نشرتها العام الماضي «الهيئة السورية لشؤون الأسرة» (منظمة غير حكومية)، إلى تنامي ظاهرة العنف الأسري والعنف ضد المرأة، وأن أكثر أساليب العنف الجسدي انتشاراً هي «الصفع أو الضرب أو اللكم، وهو ما تتعرض له نسبة كبيرة من النساء، تقدر بنحو 45.1 في المائة». وبحسب الدراسة؛ تتعرض 3 نساء سوريات من 10 للتهديد بالضرب أو اللكمات بشكل متكرر، و21.5 في المئة من النساء يتعرضن للدفع بالقوة أو الرمي أرضاً والضرب المبرح والرَّكل بالرجل، وواحدة من كل عشر نساء تتعرض للعنف الجسدي بشكل متواتر.

وكانت عائلة الشابة آيات الرفاعي (19 عاماً) قد نعتها يوم السبت الماضي أول أيام العام الجديد، وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي صورة النعي مرفقة بروايات متضاربة حول أسباب الوفاة، منها ما رواه الجيران حول تعرض آيات للتعنيف المستمر من زوجها وعائلته وتعرضها ليلة رأس السنة للضرب الوحشي على يد زوجها، بعد علمها بعزمه على الزواج بثانية، الأمر الذي رفضته رفضاً قاطعاً راجية زوجها ألا يطلقها. وحسب هذه الروايات، قام الزوج بمساعدة والديه بضرب رأس آيات بالجدار حتى فارقت الحياة، وبعد أكثر من ساعة ونص الساعة جرى نقلها إلى مشفى «المجتهد»، وهناك جرى توقيف الزوج من قبل الأمن الجنائي الذي فتح تحقيقاً بالحادثة، وبعدما تمكنت عائلة الزوج من تضليل حيثيات الواقعة؛ جرى إطلاق سراح الزوج. الرواية الثانية النقيضة؛ وتُنسب لمقرّبين من عائلة الزوج، تؤكد أن آيات، وبعد علمها بنية زوجها الارتباط مع امرأة أخرى، ثارت وغضبت وضربت رأسها بالجدار حتى قَتَلَت نفسها.

وأحدث مقتل الشابة آيات الرفاعي صدمة في الشارع السوري؛ إذ كشف مجدداً عن حجم التعنيف والظلم الذي تتعرض له النساء والأطفال في المنازل نتيجة التعنيف الأسري الذي يصل إلى حدّ التوحش، ومساهمة الفساد في هروب الجناة من العدالة. وبحسب مصادر قانونية في دمشق؛ تعرضت آيات لأنواع عدة من التعنيف؛ أولها الزواج المبكر؛ فهي أم لطفلة رضيعة لم يتجاوز عمرها العام، كما حرمت من حقها في سكن زوجية مستقل عن عائلة زوجها التي تُتّهم أيضاً بممارسة العنف ضدها، كما تعرضت للتعنيف الزوجي وسوء المعاملة. وبحسب المصادر؛ فإن قضية مقتل آيات تدين الأمن الجنائي لتساهله مع مشتبه به في القضية وإخلاء سبيله قبل انتهاء التحقيق، رغم وجود أدلة واضحة على تعرضها للضرب الوحشي والتأخر في إسعافها.

وحسب مصادر إعلامية مطلعة؛ فإن أهل القتيلة ادعوا على الزوج وجرى إيقافه لدى دخول آيات المستشفى؛ لكنه خرج بسند كفالة لساعات عدة، ليتم استدعاؤه صباح السبت وبقي محتجزاً.

وتؤكد دراسة سابقة لـ«برنامج الأمم المتحدة الإنمائي» وهيئة المرأة وصندوق السكان حول عدالة النوع الاجتماعي في سوريا في ظل الحرب المستمرة، أن العنف الأسري؛ بما في ذلك العنف ضد النساء والفتيات، والمضايقات اللفظية، وزواج الأطفال، والخوف من العنف الجنسي، «ما زال قائماً بقوة في حياة النساء والفتيات في بعض المناطق السورية داخل المنزل وخارجه».

من جهته؛ قال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس: «آيات الرفاعي ليست الضحية الأولى للتعنيف من قِبل الزوج، بل هي ضحية من بين آلاف الضحايا السوريات اللائي يتعرضن للتعنيف من قِبل الزوج، إلا إن قضيتها تحولت إلى رأي عام بينما كثير من النساء يتعرضن للتعنيف والضرب ومحيطهن لا يحرك ساكناً حتى الآباء والأمهات». وزاد: «في ذات اليوم من الجريمة التي ارتكبت بحق الفتاة (آيات) استفاقت حوران على جريمة قتل مروعة بحق طفل في الثانية من عمره والذي راح ضحية انفصال والديه؛ فبعد انفصالهما بفترة وجيزة، تزوج الأب بزوجة ثانية، وعمد الأب إلى أخذ الطفل من أمه لتربيته، وفي الأمس، أخبر والد الطفل طليقته أن طفلهما توفي جراء وقوعه على درج المنزل. وبعد التحقيق وكشف الطبيب الشرعي على الجثة، تبين أن سبب وفاة الطفل التعذيب الشديد، حيث وجدت آثار كدمات على كافة أنحاء جسده وعلى وجه الخصوص منطقة الرأس والوجه، وبحسب جيران العائلة، فإن الطفل كان يتعرض للضرب المبرح من قِبل أبيه وزوجته، الأمر الذي أدى إلى وفاته في مدينة إنخل بريف درعا الشمالي الغربي».

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.