نيوزويك: “CNN TÜRK” منصة للكراهية وحان وقت إغلاقها
نورث بالس
أفادت وسائل إعلام تركية مؤخرًا أن قناة “سي إن إن” الأمريكية أرسلت فريقا إلى تركيا “للنظر في سياسة بث قناتها الفرعية باللغة التركية، والتي تحمل اسم سي إن إن تورك” بعد انتقادات لـ “تقاريرها غير الحيادية”، وتمثّل هذه الخطوة المتأخرة لسحب ترخيص القناة ضربة موجعة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، حيث أنها تشكّل منصة دعائية له.
وإنطلق بثّ شبكة سي “إن إن تورك” التابعة للمحطة الأم “سي إن إن” الأمريكية في تركيا عام 1999 وكانت وسيلة إخبارية رائدة خلال سنواتها الأولى. خضعت القناة لمراقبة محتواها غداة عرضها فيلماً وثائقياً عن طيور البطريق في عام 2013 بدلاً من تغطية الاحتجاجات بشأن حديقة غيزي، التي شهدت مظاهرات في جميع أنحاء البلاد ضد حكومة أردوغان.
وفي تلك الفترة، سخرت حتى قناة سي إن إن الأمريكية من القناة التركية التابعة لها لبثها الفيلم الوثائقي عن البطريق. حيث قامت بنشر لقطات لضيف تركي، خلال مقابلة مباشرة مع قناة سي إن إن التركية، وهو يخلع قميصه ليكشف عن قميص داخلي رسم عليه بطريقاً احتجاجاً على السياسات التحريرية للقناة.
وقد أضحت سياسات سي إن إن التركية أكثر سوءاً من ذي قبل بعد بيعها بالإذعان لموالين للحكومة عام 2018. و ردّ نائب الرئيس التنفيذي لقناة سي إن إن العالمية على سؤال حول ما إن كانوا سيقومون بإعادة النظر في الترخيص الممنوح بعد بيع القناة أم لا بالقول “في حال أصبحت النزاهة الصحفية على المحك من قبل المالكين الجدد، فسنقوم بإلغاء الترخيص”.
ويُظهر الارتفاع الحاد في المحتوى المعادي للسامية والعنصري على منصات قناة سي إن إن التركية أن الوقت قد حان لسحب ترخيصها.
وزعم سفير تركي متقاعد في برنامج حواري على قناة سي إن إن التركية بُثّ في نيسان/أبريل أن “اليهود يحكمون العالم ويسيطرون على 27 ٪ من الإقتصاد الأمريكي”، شاركه مستشار بارز لأردوغان بتصريحاته غير الصحيحة والخطيرة والمعادية للسامية قائلاً “إنهم يُسيطرون على الجيش والسياسة والإعلام والأهم صناعة السينما”.
خلال هذا الجدال في الحوار، تدخل مذيع سي إن إن التركية مرة واحدة فقط للإشارة إلى أنه على الرغم من وجود 7 ملايين يهودي فقط في الولايات المتحدة إلا إن “تأثيرهم له وقع كبير”.
ولم تكن هذه المرة الوحيدة التي تحض فيها القناة على الكراهية. في العام السابق، انتقد الأستاذ المساعد في كلية بروكلين، لويس فيشمان، قناة سي إن إن التركية لبرنامج حواري آخر، حيث ادعى ضيف معروف بنظريات المؤامرة المعادية للسامية أن أستاذا إسرائيليا في جامعة هارفارد طوّر فيروس كوفيد 19 كسلاح بيولوجي بالشراكة مع مختبر ووهان.
جاء هذا التيار المعادي للساميّة في وقت حساس أدى فيه ارتفاع حالات الإصابة بفيروس كورونا في تركيا إلى كثرة الإدعاءات المعادية للسامية، مما أثار اتهامات بأن اليهود مسؤولون عن الوباء. عندما حاول أحد الضيوف الآخرين التراجع عن نظرية المؤامرة هذه ، تدخل مذيع القناة مدافعاً وقال “ولكن هل يمكن دحض نظريته؟”.
ولا تقتصر الاتهامات الموجهة لقناة سي إن إن التركية على معاداة السامية. بل تعرضت الشبكة أيضا لانتقادات بسبب محتواها العنصري الذي يستهدف السود على حسابها على تويتر ومنصتها الإخبارية على الإنترنت.
وفي تغريدة تم نشرها عام 2019، حذفت لاحقاً، اتهمت الشبكة المُشرّع البريطاني ديفيد لامي بنشر “دعاية مُضللة” لانتقاده قرار الرئيس السابق دونالد ترامب سحب القوات الأمريكية من شمال سوريا. قامت سي إن إن التركية بتعديل الصورة المصاحبة للمنشور لإعطاء لامي بشرة داكنة، وهو أول بريطاني أسود يحضر كلية الحقوق بجامعة هارفارد. رد لامي على تويتر”لماذا قامت قناة سي إن إن التركية بتعتيم صورتي في هذا المنشور لتتهمني بنشر دعاية؟ إنني أطرح قضايا مهمة حول قرار ترامب التخلي عن الكرد لصالح قوات أردوغان في شمال شرق سوريا”. كما أشارت الإندبندنت “لاحظ العديد من المعلقين على الإنترنت أن كلا من المصطلحات والصورة يبدو أنهما يشيران إلى عرق السيد لامي”.
وبعد أقل من عام، في أعقاب الإحتجاجات العالمية ضد العنصرية بعد مقتل جورج فلويد، نشرت سي إن إن التركية مقالاً عن الأفارقة الأتراك نشرته وكالة الأناضول الرسمية التركية. لم يذكر المقال، الذي تضمن اقتباسات لتصريحات مواطنين أتراك من أصل سوداني ينتقدون العنصرية في الولايات المتحدة و يدّعون بعدم وجود عنصرية في تركيا، أن أسلاف الأتراك المنحدرين من أصل أفريقي جاءوا إلى المنطقة كعبيد قبل قرنين من الزمان. لقد غطت مقالة سي إن إن التركية ممارسة العبودية العثمانية بالإشارة إلى الأفارقة الأتراك على أنهم “مواطنون أتراك تعود جذورهم إلى السودان جاء أسلافهم إلى تركيا في القرن التاسع عشر للعمل الزراعي”. على الرغم من أن تقرير الفيديو المضمن في المقالة الأصلية على موقع وكالة الأناضول تضمن مقابلات متعددة حيث اشتكى الأفارقة الأتراك من التمييز اليومي و التسمية العنصرية في تركيا، إلا أن هذه التفاصيل لم تظهر في تقرير قناة سي إن إن التركية .
وعلق بيوتر زالوسكي، مراسل الإيكونوميست في تركيا، على تويتر قائلاً “هذا التقرير بمثابة وصمة عار و خطاب عنصري. لا، لم يأتِ أسلاف الأفارقة الأتراك إلى الإمبراطورية العثمانية في القرن التاسع عشر من أجل العمل الزراعي”. وقد قال الناقد و الكاتب آري أمايا أكرمانس المقيم في اسطنبول “يجب أن تكون هذه المقالة قراءة مطلوبة في منهج نظرية العرق؛ من الصعب فهمها بشكل خاطئ (بخلاف الكذب الصريح بالطبع)”. على الرغم من الإنتقادات المماثلة من قبل الأكاديميين ضد سياسة القناة، إلا أنها لم تصدر اعتذارا أو تقويما لموقفها . والمقالة لا تزال موجودة على موقعها الإلكتروني .
يُظهر مسار سياسات سي إن إن التركية التحريرية، بالإضافة إلى محتواها الذي يحض على الكراهية، أن القناة التابعة لشبكة سي إن إن العالمية هي الآن منصة تشارك في نظريات المؤامرة إضافة إلى النظريات المعادية للسامية والخطاب العنصري. ذكرت شبكة سي إن إن العالمية على موقعها الإلكتروني أن قناة سي إن إن التركية “مرخّصة ولديها علامتنا التجارية ومن حقها الوصول إلى محتوى شبكة سي إن إن العالمية والتدريب والخدمات كجزء من إتفاقيّة الترخيص”. بالنظر إلى أن تدريب وخدمات شبكة سي إن إن قد فشلت في معالجة المحتوى العنصري لـ قناة سي إن إن التركية التابعة لها والذي يستهدف اليهود والسود على حدّ سواء، يجب على شبكة سي إن إن أن تنأى بنفسها عن شريكتها التركية ومحتواها الذي يحض على الكراهية. وبقيامها بذلك ستكون على المسار الصحيح ليس فقط من منظور أخلاقي ولكن أيضا من منظور تجاري، وستمنع المزيد من فقدان مصداقية الشبكة التي تفتخر بأنها “العلامة التجارية الأكثر شهرة في الأخبار و الملتزمة بمهمة نشر الأخبار و التشاركية فضلا عن التمكين على مستوى العالم”.
المقال نشر في مجلة نيوزويك
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.