نورث بالس
جدل واسع أثاره ظهور القائد العام لـ“هيئة تحرير الشام”، “أبو محمد الجولاني” في 7 يناير/ كانون الثاني الحالي، أثناء فعالية افتتاح طريق حلب – باب الهوى، إلى جانب رئيس حكومة “الإنقاذ”، علي كدّه، بالإضافة إلى عدد من الشخصيات العاملة في الحكومة.
وكان لافتاً حضور “الجولاني” في قضية ذات شأن اقتصادي بعيداً عن الشأن العسكري، خصوصاً أن مناطق نفوذ “الهيئة”، التي تشمل محافظة إدلب وجزءاً من ريف حلب الغربي وريف اللاذقية وسهل الغاب، شمال غربي حماة، تعرضت خلال الأيام الماضية لتصعيد عسكري واسع من قبل الطيران الحربي الروسي، وهذا ما أثار استياء السوريين في المنطقة.
وتحدث “الجولاني” عن أهمية افتتاح وتدشين الطريق، وأهمية المؤسسات العاملة في مناطق نفوذ “الهيئة”، وتعهد بتوفير فرص عمل خلال السنوات المقبلة.
تحدث “الجولاني” في إحدى القاعات ضمن فعالية الافتتاح، واصفًا افتتاح الطريق بـ”الإنجاز الثوري”، وأنه “من عرق جبين المحرّر”، وأن تعبيد الطريق كان بتكامل جهود الجميع في المنطقة، ومثّل تجربة التشارك التي حصلت بين المؤسسات والمقاتلين والقوى الشعبية، وأنه ثمرة أولى لما سيحدث في المستقبل.
ونوّه القائد العام لـ”الهيئة” إلى محاربة الجهل الذي خلّفته الحرب، وتقليل حجم “الكارثة”، من خلال الحفاظ على الكوادر والمؤسسات، التي أسهمت في بناء الجامعات والمعاهد والطرق المعبّدة والمستشفيات وشبكة الكهرباء والاتصالات.
وكانت “الإنقاذ” أحدثت سلسلة من المكاتب الزراعية والتعليمية والاقتصادية، وبدأت بإقامة مشاريع خدمية داخل المدينة، وفي ديسمبر/ كانون الأول 2021، افتتحت وزارة الصحة في “الإنقاذ “مستشفى “أريحا المركزي”، لتقديم الخدمات الطبية لأهالي منطقة أريحا، وجبل الزاوية.
تكرر ظهور “أبو محمد الجولاني” بلباس مدني بعيداً عن الزي العسكري في عدة مناسبات، وهذا ما اعتبرته بعض المواقع والصفحات ترويجاً إعلامياً له، ولمدنية سلطته، وشرعنتها.
وكان “الجولاني” ظهر، في أغسطس/ آب 2020، بأحد المطاعم في مدينة إدلب، وتجوّل داخل المطبخ وفي صالة الزبائن، وأجرى سابقاً عدة جولات على مخيمات النازحين على الحدود التركية، وجلس مع وجهاء المخيمات.
وظهر “الجولاني”، في نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، بصفته من الأشخاص المسؤولين عن موارد وشؤون الناس في الشمال السوري، وتحدث عن مشكلة “الأمن الغذائي في المحرر”، وطرح حلولاً ووعوداً بتحسن الاقتصاد، والانتعاش التدريجي، ودعم مادة الخبز بشكل إسعافي، من خلال توفير مبالغ من الإيرادات.
وعلى المستوى السياسي، يسعى “الجولاني” لإقناع المجتمع السياسي المحلي والدولي بأنه الحليف الأقوى ضمن المعارضة السورية، وأنه لا يشكّل تهديداً للأيديولوجية المناهضة للتطرف.
أوضح القائد العام لـ”الهيئة” أن الخدمات المذكورة ما هي إلا البداية، وسيكون القادم أكبر من هذا بكثير.
ووعد بأن “المحرر” سيصبح مناخاً وبيئة اقتصادية واستثمارية كبيرة جداً، وأن الثورة خرجت لنيل الحرية والكرامة، وتحققت الحرية في حديثه من خلال القوة العسكرية، أما الكرامة فستتحقق من خلال المشاريع الاقتصادية التي تمنح حياة كريمة تليق بالمسلم.
وتعهّد “الجولاني” بإنشاء ما يقارب 100 ألف فرصة عمل خلال ثلاث سنوات، وبناء مشاريع “تليق بالثورة” كل بضعة أشهر، مؤكداً أهمية إنشاء هذه المشاريع لليد العاملة، وما تتيحه من فرص عمل تمنح للفرد نيل قوت يومه.
كان الحديث عن أهمية المؤسسات العسكرية وتوحيد الفصائل حاضراً في حديث “الجولاني” الذي قال، إن بداية نهضة اقتصادية في المنطقة تنبع من توحيد السلطة، وإذا كانت السلطة منقسمة أو متقاسمة بين الأحزاب، في أي بلد أو أي مكان، فعجلة النمو ستكون بطيئة، وسيكون هناك دمار وخراب.
وكانت “تحرير الشام” عملت على بسط نفوذها على المنطقة، لتكون الجسد العسكري الوحيد المسيطر وصاحب النفوذ، وشهدت محافظة إدلب العديد من الخلافات بين “الهيئة” وفصائل أخرى.
ومؤخرًا، شنّت “هيئة تحرير الشام”، في 25 أكتوبر/ تشرين الأول 2021، حملة عسكرية على مقرات لفصائل “جهادية” أجنبية في ريف اللاذقية، يعتبر أكبرها فصيل “جنود الشام” بقيادة “مسلم الشيشاني”، الذي طالبته “الهيئة” سابقاً بمغادرة الأراضي السورية مع مقاتليه الأجانب.
كما تحدث “الجولاني” عن أهمية توحيد الصف في تحقيق نهضة اقتصادية، وضرب مثلاً العراق ولبنان، بامتلاكهما إمكانيات وثروات، لكن بسبب انقسام السلطة في كلا البلدين، فإن نسبة الفقر والبطالة والدمار كبيرة.
أكد القائد العام لـ”الهيئة” التركيز على الدعم الزراعي والصناعي ورعاية العمل الاقتصادي، وأشاد بدور المؤسسات الكبير في بناء المنطقة، وعلى رأسها المؤسسة العسكرية، ولولا حماية المقاتلين في كل الظروف والصعاب ورغم ضخامة عدوهم وقلة عتادهم، لما استطاعت المؤسسات بناء أي شيء، حسب تعبيره.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.