إسرائيل ترى في التقارب السوري – الخليجي تحجيما لنفوذ إيران
نورث بالس
منذ يوليو الماضي تتكثف تحركات دول عربية لتطبيع علاقاتها مع نظام الأسد، عبر لقاءات واتفاقات وتفاهمات اقتصادية.
القدس – ترى إسرائيل في التقارب السوري – الخليجي الذي زادت وتيرته مؤخرا تحجيما للنفوذ الإيراني في المنطقة، فيما اتسعت دائرة التواصل العربي مع نظام بشار الأسد، ما يمهد لتطبيع العلاقات بالكامل.
ونقلت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية عن مسؤول إسرائيلي وصفته برفيع المستوى قوله إن بلاده تنظر بإيجابية إلى التقارب الأخير بين النظام السوري ودول الخليج، وتأمل في أن “يؤدي ذلك إلى إبعاد إيران من سوريا”.
وقال المسؤول إن “إسرائيل تنظر بإيجابية إلى التقارب الأخير بين سوريا ودول الخليج، في ظل محاولة بشار الأسد إنعاش اقتصاد بلاده التي واجهت حربا أهلية خلال العقد الماضي”.
الكثير من الدول العربية أدركت استحالة الحسم العسكري في سوريا وأن من مصلحتها إعادة تطبيع العلاقات مع دمش
وأضاف أن “مثل هذا التقارب مع الدول الخليجية قد يؤدي إلى إبعاد إيران وعناصر المحور الشيعي الأخرى من سوريا”.
وخلال الشهور الأخيرة الماضية، زادت وتيرة التقارب بين النظام السوري ودول خليجية، ما اعتبره مراقبون بداية انطلاق لقطار التطبيع العربي مع نظام الأسد، بعد اثنى عشر عاما من تعليق عضوية سوريا في جامعة الدول العربية
واعتبر المسؤول الإسرائيلي أن التحدي الأكبر لنظام الأسد على الساحة الداخلية هو التحدي الاقتصادي، في ظل أزمات متلاحقة وصعوبة حقيقية في المضي قدما.
وأضاف “يتجسد أحد الحلول التي يمكن أن تساعده (الأسد) في الاستثمارات الأجنبية، التي يمكن أن تأتي من دول الخليج التي أشارت في الأشهر الأخيرة للأسد إلى أنها مستعدة للتحدث”.
وتابع “خلال العام الجديد هناك فرصة لتقليص الوجود الإيراني في سوريا”، دون المزيد من التوضيح.
وتتكثف منذ يوليو الماضي تحركات دول عربية لتطبيع علاقاتها مع نظام الأسد، عبر لقاءات واتفاقات وتفاهمات اقتصادية، لاسيما مع الأردن ومصر والإمارات.
وفي نوفمبر الماضي، أدى وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان زيارة إلى سوريا هي الأولى لمسؤول رفيع منذ قطع دول خليجية عدة علاقاتها الدبلوماسية مع دمشق، إثر اندلاع النزاع.
ووصف مراقبون الزيارة التي التقى فيها وزير الخارجية الإماراتي بالرئيس السوري بشار الأسد، بالخطوة التي تقلب صفحة مع سوريا وتمهّد لمبادرات الآخرين إلى تأهيل النظام في دمشق.
ويرى محللون أن الحرب في سوريا حُسمت عسكريا لصالح قوات النظام والقوات الحليفة لها منذ عام 2018، بخروج مقاتلي المعارضة المسلحة من محيط العاصمة ومحافظة درعا القريبة منها، وأن فرص إسقاط النظام عسكريا باتت “معدومة” تماما.
وأدركت الكثير من الدول العربية في وقت مبكر هذه الحقيقة، ورأت أن من مصلحتها إعادة تطبيع علاقاتها مع النظام الحاكم في دمشق.
وبدفع من حكومات عربية وعلى رأسها الحكومة الأردنية، يدور نقاش عميق في أوساط جامعة الدول العربية حول إعادة تطبيع العلاقات مع النظام السوري، وإعادة مقعد سوريا المعلّق في الجامعة.
خلال الشهور الأخيرة الماضية، زادت وتيرة التقارب بين النظام السوري ودول خليجية، ما اعتبره مراقبون بداية انطلاق لقطار التطبيع العربي مع نظام الأسد
وعلّقت الجامعة عضوية سوريا في الثاني عشر من أكتوبر 2011، ودعت إلى سحب السفراء العرب من دمشق، إلى حين تنفيذ النظام كامل تعهداته في توفير الحماية للمدنيين.
وقدمت دول عربية في بداية الصراع السوري الدعم لفصائل المعارضة السورية منذ أواخر 2011، بعد أشهر على توجه الثورة السورية إلى الخيار المسلح لمواجهة القمع من طرف القوات الأمنية وحملات القتل والاعتقالات.
وكانت للعمليات العسكرية تداعيات مباشرة على أمن واستقرار دول الجوار السوري: لبنان والعراق والأردن.
وأعادت الإمارات والبحرين فتح سفارتيهما في دمشق نهاية 2018 على مستوى القائمين بالأعمال. وفي أكتوبر 2020 أعادت سلطنة عمان سفيرها إلى دمشق، لتصبح أول دولة خليجية تعيد تمثيلها الدبلوماسي على مستوى السفراء.
ووفقا لتقارير إعلامية، أعادت السعودية في مايو الماضي فتح قنوات اتصال مباشرة مع سوريا، بزيارة رئيس جهاز المخابرات السعودي الفريق خالد الحميدان، لدمشق ولقائه بشار الأسد ورئيس مكتب الأمن الوطني اللواء علي مملوك.
ويتحرك النظام السوري أيضا عبر بوابة لبنان، وللمرة الأولى استقبلت دمشق وفدا رسميا لبنانيا قبيل تشكيل حكومة رئيس الوزراء نجيب ميقاتي، الذي تربطه بدمشق علاقة وثيقة تمتد لسنوات، عززتها استثماراته الضخمة في المرافق الاقتصادية السورية.
ولدول جوار سوريا مصالح جيوسياسية واقتصادية بالغة الأهمية، خاصة ما يتعلق بضمان عودة آمنة للاجئين السوريين بالنسبة للبنان والأردن، الذي يعاني من تراجع مستوى علاقاته مع الدول الخليجية وتحركه نحو مصر والعراق.
المصدر: صحيفة العرب
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.