سيادة عراقية بألوان متعددة
نورث بالس
السيادة مفهوم وتعريف لا يقبل القسمة على اثنين وغض البصر عن التوغل التركي وتبريره باتفاقيات عقدها الرئيس الأسبق صدام حسين مع الجانب التركي لا يشفع لكم هذا السكوت.
ما لكم كيف تحكمون. هل يوجد أبلغ من هذه العبارة في حكمكم أيها الساسة؟ وهل تُدركون معنى السيادة في مفهوم نظام سياسي أنتم جزء منه؟ وهل يستطيع المقتدر منكم أن يجد تفسيرا في مخيلته لمفهوم السيادة أو تفسير معانيها؟
أكاد أجزم أنكم لا تدركون أن للسيادة لونا وطعما واحدا، وأنها لا تتلون وفق الأهواء والمصالح، ولا تتعدد حسب مقتضيات المصلحة الشخصية والحزبية والفئوية.
السيادة.. أيُها الساسة هي مفهوم وتعريف لا يقبل القسمة على اثنين. ومحاولات السكوت وغض البصر عن التوغل والقصف التركي، الذي طال القرى والمزارع في إقليم كردستان، وتبرير هذا التوغل باتفاقيات عقدها نظام الرئيس الأسبق صدام حسين مع الجانب التركي، لا يشفع لكم هذا السكوت، وكأن شيئا لم يحدث، خصوصا مع ما صحب ذلك من تدمير هائل في الثروات الطبيعية والقرى المأهولة بالسكان من جانب القوات التركية المدججة بالسلاح وهي تقتحم تلك المناطق.
في مقابل ذلك، كان الرفض والاستنكار للقصف الإيراني، الذي وصل إلى حدّ مطالبة بعض الأصوات في حكومة الإقليم بتدويل القضية في أروقة الأمم المتحدة.
واستهدف القصف مواقع على أرض الإقليم تدعي إيران أن التخطيط يجري للقيام بأعمال مشبوهة أو معادية لطهران فيها.
وبين السكوت والرضوخ، والرفض والاستنكار، يكمن دليل دامغ على الكيل بمكيالين، عندما يتعلق الأمر بمفهوم السيادة. مع الاعتراف، سرا أو علنا، من قبل ساسة الإقليم الكردي أن التوغل المدجج بالسلاح والقصف الجوي الذي استهدف الإقليم والسكوت والتغاضي وعدم ظهور رد فعل يتناسب مع هذا الفعل، ما هو إلا محاولة لنيل رضا الجانب التركي وعدم إغضابه، خصوصا بعد موافقته تصدير النفط المهرّب من كردستان في أنبوب النفط الممتد عبر الأراضي التركية إلى دول عديدة، من بينها إسرائيل، بأسعار مخفّضة تجذب المتهافتين عليه في ظل ارتفاع أسعار النفط العالمية.
لم تُحرك السيادة ذلك الشعور بالوطنية والانتماء للأرض وهم يسمعون تصريح وزير الداخلية التركي سليمان صويلو عام 2021 عندما قال “سنذهب إلى العراق وسوريا قريبا سيرا على الأقدام”، في حديث يختصر الكثير من المعاني.
وهنا لا بد من التأكيد أن أي عاقل وصاحب شعور بالولاء والانتماء لبلده سيرفض أي نوع من أنواع الاعتداءات أو التهديدات، سواء صدرت من إيران أو تركيا، أو حتى من بعض دول الخليج، التي تعترض يوميا صيادين عراقيين وتحتجزهم مع قواربهم بحجة الدخول إلى مياهها الإقليمية.
لكن، تفسير معنى السيادة وفق الأهواء والمصالح هو فعلٌ، من المؤكد، لا يمكن تصنيفه في الأنظمة السياسية الطبيعية أو الصحيحة إلا في باب الخيانات العظمى، حيث لا يمكن أن يوصف بأقل من ذلك.
القصف والتوغل التركي الذي، بالتأكيد، لن يكون الأخير في بلد مثل العراق تتحكم به مجموعات سياسية تتبع لهذا القطب أو ذاك الطرف، وتسكت عن تجاوزات الدول التي تأتمر بأوامرها وتأخذ النصائح منها. وهو سكوت لا يمكن إدخاله من أبواب السياسة، لأنه أقرب إلى خانات الخيانة والتبعية. ولا يمكن أن تشفع لهم تلك الممارسات أمام شعوبهم التي تعرف جيدا أنهم ليسوا مؤهلين لقيادتها. لكنها من سُخريات السياسة ليس أكثر.
المصدر: صحيفة العرب
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.