هل ستوقف الحكومة السورية الملاحقات الأمنية بعد صدور العفو عن “الجرائم الإرهابية”؟
نورث بالس
لا تزال نتائج العفو الصادر بالمرسوم الرئاسي رقم 7 لعام 2022، والمتضمن العفو عن “الجرائم الإرهابية” الواردة في قانون الإرهاب رقم 19 لعام 2012، غير واضحة بشكل كامل، على الرغم من أن نص العفو جاء واضحاً إلى درجة كبيرة.
يوم أمس السبت تناقل السوريون البيان الذي أصدره وزير العدل، أحمد السيد، كتنفيذ لمرسوم العفو، جاء فيه إلغاء جميع البلاغات والإجراءات المستندة إلى الجرائم المنصوص عليها في قانون الإرهاب، رقم “19” لعام 2012، وذلك “بحق جميع المواطنين السوريين في الداخل والخارج، ما لم يتسبب فعلهم بموت إنسان أو يثبت استمرار انتمائهم إلى تنظيمات إرهابية أو ارتباطهم مع دول أخرى”.
لم يأت البيان الصادر عن وزير العدل بأي تفصيلات متعلقة بإلغاء البلاغات، كما أنه لم يتطرق إلى بلاغات الأجهزة الأمنية، كما أن البيان جاء مناقضاً لمنطوق العفو، حيث قام بزيادة جرائم لم تكن موجودة في مرسوم العفو.
ويرى المحامي إبراهيم القاسم، أنه في البداية يجب أن يتبع العفو مجموعة من الإجراءات الإدارية أمام دائرة تنفيذ الأحكام الجزائية، فالعفو لا يشمل جميع الأشخاص بشكل تلقائي، فالنشرات الشرطية “البلاغات” التي تصدرها دائرة الأحكام الجزائية تذهب للأمن الجنائي ومنه لجميع المنافذ الحدودية، وبالتالي يجب أن تقوم الدائرة بإرسال بلاغ جديد للأمن الجنائي يتضمن شمول الأشخاص التي صدرت بحقهم أحكام بالعفو ليتم تعميمها من جديد، وبالتالي يتمكن هؤلاء من دخول البلاد مجدداً.
وأوضح القاسم، أن إجراءات العفو حين تتم يجب أن تشمل الدعاوى المنظورة أمام المحاكم “التي لم تفصل بعد”، والدعاوى المفصولة، وهنا يجب التمييز بين أمرين، الدعاوى التي صدرت فيها أحكام تكون التهم فيها معروفة، أما الدعاوى المنظورة فلا تزال التهم الموجهة للأشخاص فيها غير واضحة، ويمكن للمحاكم أن توقفها وتحفظ ملفاتها، لكن الإشكالية تكمن في ضبوط الشرطة الموجودة في هذه الدعاوى، والتي صدرت فيها نشرات شرطية صادرة عن الشرطة نفسها، فهناك الآلاف من هذه النشرات تصدر سنوياً من أقسام الشرطة في سوريا وتتحول إلى المحاكم أو الأمن الجنائي، وهذه يجب أن يتم إلغاؤها أيضاً من قبل الشرطة.
ويرى عدد من القانونيين، أن البيان الصادر عن وزارة العدل يشمل المطلوبين من قبل الأفرع الأمنية أيضاً، وهو ما يجعل منه خطوة قد تريح الكثير من الناس، في حال كان كذلك.
أما القاسم فيرى أن إذاعات البحث التي تحدث عنها البيان هي النشرات الشرطية الصادرة عن المحاكم، في حين أنها لا تشمل إذاعات البحث الصادرة عن الأجهزة الأمنية والتي لا تتم مشاركتها مع الأمن الجنائي بالعادة، وهي سرية وغير معممة على المنافذ الحدودية أو على السجلات العدلية، لذلك فالأمر ليس بهذه السهولة، ويحتاج لقرارات واضحة تشمل إذاعات البحث الصادرة عن الأجهزة الأمنية بشكل واضح، وفق تعبيره.
فمن الممكن أن يعود أي شخص سوري عبر أي منفذ حدودي والمرور عبر الأمن الجنائي، لكن من الممكن أن يصطدم بأنه مطلوب لأحد الأجهزة الأمنية بموجب إذاعة بحث صادرة عنه ما يؤدي لاعتقاله.
وحمل بيان وزارة العدل يوم أمس عبارة لم تكن موجودة في مرسوم العفو، وهي “ما لم يثبت استمرار انتمائهم إلى تنظيمات إرهابية، أو ارتباطهم مع دول أخرى”.
حيث لم يحدد البيان، ما هي المعايير التي يتم بموجبها تحديد ما إذا كان الشخص مرتبطاً بدولة أخرى أم لا، وهو ما يجعل تطبيق هذه الفقرة فضفاضاً، وبالتالي تجعل أي شخص عرضة لتوجيه هذه التهمة له حال عودته إلى سوريا واعتقاله.
من جهته، قال القاسم، أن المرسوم كان واضحاً في تحديد الجرائم، والشروط الواجب تطبيقها على المطلوبين ليشملهم العفو، أما شرط عدم الارتباط بدول أخرى فلم يأتِ المرسوم عليه، إنما أُضيف من قبل وزارة العدل كنوع من المزاودة، وبهذا يحاول البيان التضييق على الأشخاص المشمولين بالعفو، وهذا ما يؤكد أن العفو في الأصل رسالة للخارج كبادرة حسن نية، في حين سيؤثر بشكل لافت على الأشخاص المشمولين به.
ومن الجدير بالذكر أن البيان جاء ليوضح أن هناك فرقاً كبيراً بين مرسوم العفو من الناحية النظرية، وبين تطبيقه في الواقع وكم ستكون هناك عراقيل أمام الإفراج عن معتقلين، وعن عودة السوريين من الخارج.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.