استراتيجية حكومة دمشق في جنوب سوريا محكوم عليها بالفشل
نورث بالس
قالت صحيفة عرب نيوز السعودية في تحليل لها “في 27 تموز، توغلت الدبابات السورية في معقل المتمردين السابق في طفس، في محافظة درعا. جاء العدوان، الذي بدا ظاهرياً لاستئصال مؤيدي داعش، بعد ثلاثة أيام فقط من اقتراح قادة عسكريين إمكانية تجنب العملية إذا تم تسليم الأشخاص الذين يبحثون عنهم طواعية.
ومع ذلك، بغض النظر عما يدعي النظام، فإن تحركاته في أماكن مثل طفس هي جزء من استراتيجية أكبر وأكثر طموحاً: لتعزيز الهيمنة، من خلال مزيج من العنف والمفاوضات، في هكذا مناطق.
مقارنة بالمناطق الأخرى التي يسيطر عليها النظام، تحتل محافظة درعا الواقعة في الجنوب السوري مكانة خاصة. كانت بؤرة الاضطرابات عام 2011 هي التي عجّلت بالحرب الأهلية، واليوم لا تزال تقاوم بعناد سيطرة بشار الأسد. تحافظ قوى المعارضة في المنطقة على دعم قوي، وعلى عكس المناطق الأخرى التي استعادت دمشق احتلالها، مثل الغوطة الشرقية، فإن درعا غير مروّضة جزئياً على الأقل.
لعبت روسيا دوراً مبكراً في تنفيذ هذا السيناريو. منح اتفاق استسلام توسطت فيه القوات الروسية في 2018 طفس ودرعا البلد، مستوى من الحكم الذاتي المحلي تحت حماية موسكو. سمحت الصفقة لنظام الأسد بإعادة فتح مؤسسات الدولة في درعا لكنها منعته من إقامة وجود عسكري أو أمني.
كانت هذه المقايضة في البداية مريحة للأسد، لأنها سمحت لدمشق باستعادة السيطرة الإقليمية على جنوب سوريا دون تكبد خسائر إضافية. لكن استخدام النظام للقوة مؤخراً ضد البلدات التي ليس لها وجود حكومي قوي يوضح أن الأسد لم يعد راضياً عن هذا الترتيب.
لا يمكن للنظام الاعتماد على قوة عسكرية ساحقة للسيطرة على البلدات التي يسيطر عليها المتمردون في درعا، بالنظر إلى التأثير المحتمل للقتال على الأمن القومي للدول المجاورة، وخاصة الأردن. كما تشير دعوات روسيا المتكررة لضبط النفس إلى أن الكرملين لديه مصلحة راسخة في ضمان ألا تخترق الأنشطة العسكرية السورية الحدود الجنوبية.
سعت روسيا، مرة أخرى، إلى التوسط، لكن في حين أن نتيجة هذه المفاوضات لا تزال معلقة – والحل السلمي ممكن – يبدو أن الأسد مستعد لاستخدام العصي بدلاً من الجزرة.
بدلاً من هجوم واسع النطاق، يبحث نظام الأسد عن فرص أصغر لاستعادة اليد العليا. فرضت قوات النظام، في تموز 2021، حصاراً عسكرياً خانقاً على درعا البلد داخل مدينة درعا. مثل مداهمة الشهر الماضي، تمت العملية بذريعة إلقاء القبض على أفراد موالين لداعش، لكن في ذلك الوقت، أصر النظام على إقامة وجود عسكري داخل القضاء.
بعد أسابيع من المفاوضات غير الحاسمة، قصفت قوات النظام درعا البلد وحاولت اقتحامها. في نهاية المطاف، دفعت الاشتباكات العنيفة بين الجانبين روسيا إلى التدخل والتوسط في اتفاقية جديدة، تُعرف باسم “التسوية الثانية”. وبدلاً من إقامة نقاط تفتيش جديدة، وافق الأسد على تلقي كمية كبيرة من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة من الثوار السابقين. على مدى الأشهر اللاحقة، استخدم النظام القوة المفرطة التي نشرها ضد درعا البلد لتهديد مناطق الثوار الأخرى بالتوقيع على صفقات مماثلة.
مع اكتمال هذه المهمة الآن، يبدو أن النظام يتخذ خطوة لتشديد سيطرته في درعا، وطفس هي نقطة البداية في هذه الاستراتيجية.
في النهاية، من شبه المؤكد أن استراتيجية الأسد ستفشل. إن رغبة النظام السوري في إحكام قبضته على مناطق المعارضة السابقة في درعا ستستمر في تأجيج المناوشات والاغتيالات في المنطقة. لا يمكن تحقيق الاستقرار طويل الأمد في الجنوب إلا من خلال التوصل إلى اتفاق يعالج الأسباب الجذرية للصراع”.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.