نورث بالس
اعتبر مقال رأي لصحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية، بأن سوريا عادت إلى أسرة الدول العربية – ليس كبطل قاهر، ولكن كعامل يجب التعامل معه في إعادة التموضع الجيوسياسي المعقد الحالي في الشرق الأوسط.
بينما احتجت المعارضة السورية وجماعات حقوق الإنسان على الطبيعة غير الأخلاقية لإعادة تأهيل نظام الأسد الدموي، سادت السياسة الواقعية، سواء كانت ساخرة أم لا، بحسب الصحيفة.
ورأت الصحيفة بأنه وعلى غرار الأمور الأخرى في الشرق الأوسط، وفي القضية السورية أيضاً، فإن الانسحاب التدريجي الواضح لأمريكا من مواقفها السياسية والأمنية السابقة، قد سلط الضوء على إنشاء ترتيبات جيوسياسية جديدة في المنطقة.
ولفتت الصحيفة إلى أنه لا يوجد شيء اسمه الفراغ في السياسة الدولية، فقد ملأت روسيا وإيران الدور المتناقص لأمريكا، اللتان تضافرتا على الرغم من تضارب المصالح الاقتصادية وغيرها من أجل إنقاذ نظام الأسد. أدركت الدول العربية التي قدمت بعض المساعدات للثوار من قبل أن الوضع قد تغير.
وجاءت المبادرات الأولى تجاه دمشق من الإمارات العربية المتحدة والبحرين كنوع من رفع الستار، وتعززت بشكل كبير عندما تولت المملكة العربية السعودية زمام المبادرة. في الوقت نفسه، وليس بمعزل عن الملف السوري، جاء التطبيع برعاية صينية بين الرياض وطهران، والذي لسبب ما قوبل بتجاهل من قبل واشنطن.
ومع ذلك، ستسعى السعودية جاهدة لعدم تقليص علاقاتها الأمنية الأساسية مع أمريكا أو مع صناعة الدفاع الأمريكية. ولم تنوِ واشنطن التخلي عن علاقتها الخاصة مع آل سعود – رغم توتر العلاقات مع الرياض. هذه المواقف لها أيضاً تداعيات على إسرائيل وإمكانية علاقتها مع المملكة العربية السعودية.
وعلى الرغم من أن الأخيرة ترى ميزة في تعزيز علاقاتها مع إيران، إلا أنها لم تغفل عن مخاطر خطط طهران النووية وتطلعاتها للهيمنة في المنطقة، ولا تهدف العلاقة المتجددة مع دمشق إلى تعزيز مكانة إيران في سوريا، بل بالأحرى لمنافستها وكبحها.
ويمكن القول إن زيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي الأخيرة إلى دمشق ربما كانت تهدف أيضاً إلى اتخاذ إجراء وقائي في هذا الصدد، أي منع سوريا من منح السعودية والإمارات مساراً داخلياً في تجديد اقتصادها بشكل عام، وسوقها المحلي بشكل خاص.
وبدوره، وبحسب الصحيفة، ستستمر إسرائيل في إقامة علاقات رسمية مع السعودية في كونها هدفًا دبلوماسيًا واستراتيجيًا رئيسيًا لكل من إسرائيل نفسها والولايات المتحدة. ولا تزال الأخيرة، على الرغم من مشاكلها مع الرياض، تلعب دوراً نشطاً في هذا الصدد، كما يتضح، من خلال الاجتماع الأخير بين ممثلي الحكومة الإسرائيلية واثنين من كبار مستشاري الرئيس بايدن السياسيين عند عودتهم من مهمة في الرياض.
وعلى الرغم من أن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة بينهما قضية مشتركة بشأن سوريا ومسائل أخرى، فإن هذا لا يعني بالضرورة أنهما يلتقيان حول جميع القضايا الأخرى، بما في ذلك القضية الفلسطينية.
ونتيجة لذلك، جزئياً على الأقل، التردد الواضح للمملكة العربية السعودية فيما يتعلق بالتطبيع مع إسرائيل يميزها عن سياسة الإمارات، على الرغم من الاعتراف بالدور المحوري لإسرائيل، سياسياً وعسكرياً في نهاية المطاف، وكذلك في وقف طموحات إيران.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.