NORTH PULSE NETWORK NPN

النظام يجرب “سيناريو الزلزال”.. المساعدات الإنسانية إلى سوريا “معلقة”

لا تزال آلية المساعدات الأممية العابرة للحدود إلى شمال غربي سوريا “معلّقة”، بعد مرور أسبوعين على انتهاء التفويض الأممي، وبينما يقول مسؤولون أمميون إنهم يواصلون التفاوض مع النظام السوري، تحدث نشطاء إنسانيون لموقع “الحرة” عن وضع “استثنائي”، يحاول من خلاله الأخير تجربة “سيناريو الزلزال”.

 

وخلال جلسة لمجلس الأمن، الاثنين، أبلغ مدير تنسيق مكتب الأمم المتحدة، راميش راجاسينغهام الأعضاء بالرسالة التي تلقاها من النظام السوري مؤخرا، بشأن موافقته على فتح معبر باب الهوى أمام المساعدات، مدة ستة أشهر. وقال إنه لا يزال يتواصل مع حكومة النظام من أجل السماح بفتح المعبر “بما يتوافق مع المبادئ الإنسانية والحياد والاستقلال”، مضيفا أن “الأوضاع مستمرة بالتدهور في جميع أنحاء البلاد، مع ارتفاع أسعار السلع الغذائية الأساسية بنسبة تزيد عن 90 بالمئة عام 2023”.

 

كما حذر من أنه في حالة عدم وجود تمويل عاجل، سيتعين على العاملين في المجال الإنساني اتخاذ “خيارات صعبة مرة أخرى هذا العام”.

 

وتنص رسالة النظام على أنها ستسمح بإدخال المساعدات الإنسانية عبر باب الهوى “بالتعاون الكامل والتنسيق مع الحكومة”، كما طلبت “إشراف اللجنة الدولية للصليب الأحمر” و”الهلال الأحمر العربي السوري” على العملية.

 

وأشارت إلى أن الأمم المتحدة “يجب ألا تتواصل مع المنظمات والجماعات الإرهابية في شمال غرب سوريا”، وهو الأمر الذي اعتبرته الأخيرة “غير مقبول”، بحسب ما عبّر عنه مؤخرا مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع لها (أوتشا).

 

بدورها قالت المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفليد، في إيجاز لمجلس الأمن الدولي، الاثنين، إن “روسيا مسؤولة بشكل كامل عن توقف عمليات تسليم المساعدات الإنسانية عبر الحدود من خلال معبر باب الهوى”.

 

إذ “رفضت موسكو التفاوض بحسن نية، ويمثل الفيتو التي استخدمته تذكيرا آخر بأنها لا تبالي إلا قليلا لا بل على الإطلاق باحتياجات الناس الضعفاء”، وفق غرينفليد.

 

وأضافت أنه “وبينما يواصل مساعد الأمين العام غريفيث المشاركة مع نظام الأسد بشأن معالم عمليات الأمم المتحدة المستقبلية، حري بنا أن نتذكر أن النظام صاحب تاريخ طويل في مجال عرقلة أنشطة الأمم المتحدة في سوريا، ولقد شهدنا على ذلك المرة تلو الأخرى لأكثر من عقد من الزمن”.

 

“خمسة شروط أميركية”

ومن غير الواضح حتى الآن كيف ستتعاطى الأمم المتحدة مع الشروط التي فرضها النظام السوري، وكذلك الأمر بالنسبة إلى ما إذا كان النظام سيصر عليها أم قد يتراجع عنها بموجب المفاوضات.

 

ولم يبد النظام السوري أي تعليق بعد الرسالة “غير المقبولة” التي أرسلها إلى الأمم المتحدة الأسبوع الماضي.

 

وفي غضون ذلك تعتبر فترة الأسبوعين من تعليق إدخال المساعدات “الأطول من نوعها منذ عام 2014″، بحسب ما يوضح مدير المكتب الإعلامي لمعبر “باب الهوى” الحدودي، مازن علوش.

 

ويقول علوش لموقع “الحرة” إن آخر قافلة مساعدات إنسانية دخلت إلى شمال سوريا في التاسع من يوليو الحالي، ومنذ هذا التوقيت لم تعبر أي قافلة أممية.

 

وأضاف علوش: “هذه هي الفترة الأطول من الانقطاع التي تواجه آلية الإيصال عبر الحدود منذ عام 2014”.

 

وضمن الإيجاز الذي قدمته إلى مجلس الأمن، أوضحت المندوبة الأميركية أن الولايات المتحدة انضمت إلى هيئات مانحة كبرى في إصرارها على أن أي وصول عبر الحدود وترتيب لهذا الوصول يجب أن يشتمل على عناصر خمسة رئيسية.

 

أول العناصر أن “الوصول يجب أن يحافظ على استقلالية العمليات، وينبغي السماح بمشاركة الأمم المتحدة مع كافة الأطراف الميدانية، بما يتسق مع طريقة تسليمها للمساعدات في مختلف أنحاء العالم”.

 

كما ينبغي أن “يتم الحفاظ على بنية الاستجابة لمختلف أنحاء سوريا، وأن تتمكن الأمم المتحدة من مواصلة تشغيل مراكز الاستجابة خاصتها خارج المناطق التي يسيطر عليها النظام”.

 

و”على النظام السوري ألا يتدخل في أي ترتيبات وصول بين الأمم المتحدة والسلطات المحلية في المناطق التي لا يسيطر عليها”.

 

ويتعين إتاحة الوصول لأطول فترة ممكنة للمساعدات، كما لا ينبغي أن تتوقف الآلية في منتصف فصل الشتاء، “فضمان الوصول أساسي لتوفير إمكانية التنبؤ والفعالية اللتين تحتاج إليها الجهات المانحة وشركاء الأمم المتحدة والشعب السوري”.

 

وأضافت غرينفليد أنه “لا مبرر لضمانات الوصول قصيرة المدى والمحددة الغرض بالنظر إلى الاحتياجات الإنسانية الهائلة والمتواصلة في شمال غرب سوريا”.

 

وتابعت أنه “يجب أن يكون تسليم المساعدات متسقا مع المبادئ الإنسانية، وأن يحافظ أي ترتيب على عملية مراقبة تقديم المساعدات عبر الحدود التي تم وضعها في الأصل بموجب القرار رقم 2165”.

 

وما سبق يعتبر “حاسما”، ويعزز الثقة بين الدول المانحة والشركاء المنفذين و”يعيد التأكيد على أن عمليات الأمم المتحدة لا تسترشد إلا بالمبادئ الإنسانية”.

 

كما يحافظ، بحسب المندوبة الأميركية، على حماية تمويل الشركاء والجهات المانحة ويعززها، ويمنح العاملين في المجال الإنساني قدرة التنبؤ التي يحتاجون إليها لإنقاذ الأرواح.

 

“سيناريو الزلزال”

وسبق أن تمت عرقلة دخول المساعدات الإنسانية إلى شمال غرب سوريا لأيام في السنوات الماضية. ومع ذلك يعتبر الحال القائم الذي تعيشه الآلية الدولية “استثنائيا”.

 

وهذه الحالة من الاستثناء ترتبط بدخول النظام السوري على الخط، بعدما طرح شروطه الخاصة أمام أي عملية إدخال للقوافل الأممية عبر “باب الهوى”.

 

ولطالما نسقت منظمات غير حكومية ودول بمفردها إرسال قوافل مساعدات من طرف واحد إلى الشمال الغربي، لكن منظمات الأمم المتحدة لا تستطيع اجتياز المعبر دون موافقة الحكومة السورية، أو مجلس الأمن.

 

وكانت إشكالية الحصول على موافقات انعكست على مناطق شمال سوريا خلال الزلزال المدمّر الذي ضربها، إذ استغرق إيصال المساعدات إليها أسبوعا حتى حصلت الأمم المتحدة على موافقة من رئيس النظام السوري، بشار الأسد.

 

ويقول الطبيب السوري، محمد كتوب إن “النظام السوري يتعامل الآن بأسلوب جديد وهو المرونة بدل أن يترك الموضوع لمجلس الأمن”.

 

ويوضح لموقع “الحرة” أنه “استفاد من تجربة الزلزال، إذ سارع لإعطاء إذن باستخدام معبري الراعي وباب السلامة في ريف حلب، قبل أن يتصرف مجلس الأمن”.

 

“إذا لم يشعر النظام السوري أن الأمم المتحدة ومجلس الأمن جادان بعدم الخضوع لشروطه سيظل متمسكا بها”.

 

أما “في حال شعر أنه قد يتعرض لضغط كبير قد يتراجع بصورة استباقية وليضمن عدم ذهاب القضية مرة أخرى ولقرار ثانٍ في مجلس الأمن”، حسب ذات المتحدث.

 

ومع مضي نصف شهر على انتهاء تفويض إدخال المساعدات الإنسانية إلى سوريا “تزداد أوضاع السكان سوءا مع موجة حر تسيطر على المنطقة وتفاقم احتياجات السكان الطبية والخدمية ونقص مياه الشرب”، حسب بيان لـ”الدفاع المدني السوري”، يوم الثلاثاء.

 

وقال الفريق الإنساني إن “استمرار صبغ الملف الإنساني من قبل روسيا ونظام الأسد بصبغة سياسية، سينعكس بشكل مباشر على حياة أكثر من 4.8 مليون مدني يعيشون في ظروف مأساوية في شمال غربي سوريا”.

 

كما “سيعمّق من فجوة الاحتياجات الملحّة للبقاء على قيد الحياة، في ظل استمرار الهجمات العسكرية للنظام وروسيا، ويزيد من الشرخ الكبير في معاناة المدنيين التي سببتها الحرب وفاقمتها كارثة الزلزال المدمر”.

 

و”من حق السوريين الحصول على المساعدات الإنسانية على أساس المبادئ المنصوص عليها في القانون الإنساني الدولي”.

 

وجدد “الدفاع المدني” التأكيد بأن “إيصال المساعدات المنقذة للأرواح لا يحتاج لإذن من مجلس الأمن الدولي، ويوجد إطار قانوني يعطي الأمم المتحدة الحق في إدخال المساعدات خارج المجلس، وبما يضمن استجابة سريعة وفعالة للمجتمعات المتضررة”.

 

“إعادة القرار ليده”

ووفقا لتحليل قانوني نشرته منظمة “العفو الدولية”، في مايو الماضي، فإن تسليم المساعدات الإنسانية غير المتحيزة عبر الحدود السورية إلى المدنيين الذين هم في حاجة ماسة إليها دون تصريح من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أو موافقة الحكومة السورية، أمر قانوني بموجب القانون الدولي.

 

وذلك بسبب عدم توفر بدائل أخرى، ونظرا لضرورة عمليات الإغاثة عبر الحدود التي تقوم بها الأمم المتحدة للحد من معاناة السكان المدنيين، والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في شمال غرب سوريا.

 

ويرى الطبيب كتوب أن ما تعيشه آلية إيصال المساعدات في الوقت الحالي “يعد مختلفا”، ويعتقد أن “النظام السوري يحاول إعادة القرار إلى يده، ولكي يصبح المتحكم الوحيد بفتح المعابر وإغلاقها”.

 

وتشير تصريحات المسؤولين الأممين إلى أنهم “غير راضين” على ما يطالب به النظام السوري، خاصة أنه طرح شرطين في رسالته الأخيرة.

 

وفي حين أن “موضوع إدخال المساعدات من عدمه يمكن تعويضه بطريقة أو بأخرى من خلال المنظمات التي تستخدم المعابر التجارية”، إلا أن هذا الأمر لا يمكن أن يغطي عمليات الأمم المتحدة.

 

ويوضح الطبيب أن هناك مشكلات عدة تتعلق بـ”القدرة اللوجستية الكبيرة للأمم المتحدة، قياسا بعمل المنظمات الإنسانية بصورة فردية”.

 

وتوجد مشكلات أخرى أيضا ترتبط بالتمويلات التي تحتاج لفترة طويلة، في حالة اتجهت المنظمات للعمل بعيدا عن العمليات التي تجريها الأمم المتحدة، فضلا عن مشكلات يفرضها “التنسيق بين المنظمات والأطراف المختلفة سواء الحكومات على الأرض أو الحكومة التركية”، حسب الطبيب.

 

المصدر: الحرة نت

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.