NORTH PULSE NETWORK NPN

ركود غير مسبوق في «الحميدية» و«الحريقة» بدمشق

 

نورث بالس

 

حول تدهور الوضع الاقتصادي والمعيشي في مناطق حكومة دمشق، أشارت صحيفة الشرق الأوسط إلى أن الارتفاع الخيالي للأسعار، وانعدام القوة الشرائية للمواطنين، بعد التدهور التاريخي لقيمة الليرة السورية، فرض حالة من الركود غير المسبوق على أشهر وأعرق أسواق مدينة دمشق، وتسبّب في خسائر كبيرة لأصحاب المحال التجارية.

 

ونص التقرير كالآتي:

 

“فرض الارتفاع الخيالي للأسعار، وانعدام القوة الشرائية للمواطنين، بعد التدهور التاريخي لقيمة الليرة السورية، حالة من الركود غير المسبوق على أشهر وأعرق أسواق مدينة دمشق، وتسبب في خسائر كبيرة لأصحاب المحال التجارية.

 

ولم تحسن حركة البيع في تلك الأسواق أفواج الشيعة الذين قدموا من إيران والعراق ودول الخليج ولبنان وباكستان والهند وأفغانستان لإحياء ذكرى عاشوراء التي انتهت يوم الجمعة الماضي، بل ساهمت في تراجع حركة المارة من السوريين فيها.

 

ورصدت «الشرق الأوسط» حركة البيع في سوقي «الحميدية» و«الحريقة» اللتين تعدان من أشهر وأعرق أسواق العاصمة السورية، وكانتا تشهدان دائما حركة ازدحام بالمارة، حيث يقصدهما المواطنون السوريون والزوار والسياح الأجانب لشراء كثير من المستلزمات المنزلية والألبسة الجاهزة والأقمشة… وغيرها.

 

وبينما بدت حركة المارة في سوق الحميدية ضعيفة قياساً بما كانت تشهده من حالة ازدحام شديد في الفترات السابقة ووقوع عمليات تدافع بين المواطنين للمرور، لفت صاحب محل مختص في بيع أثواب الزي التراثي الفلسطيني للنساء وكذلك الزي الملكي الأردني للنساء، إلى أن الإقبال على الشراء حالياً «ضعيف جداً»، موضحاً أن النساء الفلسطينيات في سوريا والعراق وحتى في الأردن كنّ يقصدن محله على الدوام لشراء هذه الثياب، ولكن «صرت نادراً ما أراهن على ذلك بسبب ارتفاع الأسعار الجنوني». وأضاف: «بالنسبة إلى الفلسطينيات في سوريا، فإن سعر الثوب الذي يبلغ 450 ألف ليرة لا يناسب دخلهن. كما أنه من الطبيعي ألا تشتري الفلسطينيات في العراق هذه الثياب من سوريا؛ لأن سعرها في العراق بات أرخص من هنا».

 

صاحب محل آخر مختص في بيع الألبسة الولادية الجاهزية، أوضح أن عمليات البيع باتت تقتصر على «المقتدرين؛ وهم قليلون جداً. ربما يأتي في اليوم زبون واحد؛ وقد لا يأتي». وأضاف: «بيجامة ولادية سعرها 90 ألف ليرة. طقم سعره 300 ألف، والمواطن العادي ليست لديه مقدرة على هذه الأسعار». وبسبب ندرة الزبائن، كان صاحب محل آخر مختص ببيع فساتين «حريم السلطان» جالساً على كرسي أمام محله وبيده قطعة من الكرتون يلوح بها على وجهه من شدة الحر، واكتفى بالقول، والوجوم يخيم على وجهه، في رده على سؤال حول حركة البيع: «ماشي الحال»، بينما بدت الأسعار المعروضة على الفساتين خيالية؛ إذ تتراوح أسعارها بين 250 ألف ليرة و650 ألفاً.

 

وطالت تأثيرات الارتفاع الخيالي للأسعار، وانعدام القوة الشرائية للمواطنين، أيضاً محلاً شهيراً للبوظة، حيث بدا واضحاً أن هناك تراجعاً كبيراً في الإقبال على الشراء منه لارتفاع ثمن زبدية البوظة البالغ 8 آلاف ليرة، بعدما كان هذا المحل يشهد في السنوات الماضية إقبالاً شديداً من المواطنين والزوار والسياح الموجودين في سوق الحميدية خلال فصل الصيف.

 

ولم تسهم أفواج الشيعة الذين قدموا من إيران والعراق ودول الخليج ولبنان وباكستان والهند وأفغانستان لإحياء ذكرى عاشوراء، التي انتهت يوم الجمعة الماضي، بعدما استمرت 10 أيام ويقصدون خلالها مقام «السيدة رقية» الواقع شمال الجامع الأموي في آخر سوق الحميدية، في تحسين حركة البيع في السوق. وقال صاحب محل مختص ببيع الأدوات المنزلية: «نادراً ما كان يشترون، حتى إن غذاءهم كان معهم».

 

وأكد صاحب المحل القريب من المقام، الذي فرضت حوله وفي الطرق الفرعية المؤدية إليه حراسة أمنية مشددة، أن مجيء تلك الأفواج ساهم في تراجع كبير في حركة المارة في السوق، وقال: «أغلب الناس هنا تتفادى القدوم إلى السوق والمنطقة بشكل عام خلال فترة قدومهم بسبب الانتشار الكثيف للعناصر المسلحة المرافقة لهم وتفادياً للاحتكاك بهم».

 

الوضع في سوق «الحريقة» الواقع جنوب سوق الحميدية، والذي يضم مئات المحال التجارية المختصة ببيع الأثاث المنزلي والألبسة الجاهزة وشتى أنواع الأقمشة، كان أسوأ، حيث لوحظ خلو أغلبية المحال من الزبائن.

 

وقال صاحب محل مختص ببيع أقشمة أطقم الكنبايات: «السوق واقفة تماماً، بسبب الانهيار الكبير لليرة، فكلما حصل انهيار ترتفع الأسعار والناس تحجم عن الشراء، وعند ثبات السعر تعود حركة البيع ولكن بأقل مما كانت عليه بكثير، وحالياً يبدو أن الوضع يتجه إلى الأسوأ»، موضحاً أن ثمن قماش الطقم حالياً نحو 3 ملايين ليرة. بدوره، أقسم صاحب محل لبيع الملابس أنه منذ 4 أيام لم يبع قطعة، ومعظم أصحاب المحال مثله. وأضاف: «حالياً أخسر من رأس المال؛ لأن أجرة المحل في اليوم مليون ليرة، هذا عدا الضرائب التي تأخذها الحكومة، وإذا استمر الوضع على هذا فكثيرون سيسلمون المحلات لأصحابها ويتركون العمل، فبذلك نحافظ على ما تبقى من رأس المال». وتسارع مؤخراً انهيار الليرة السورية بقدر كبير لتتجاوز لأول مرة عتبة الـ13 ألف ليرة مقابل الدولار الأميركي في السوق الموازية بدمشق. بينما حدد المصرف المركزي سعر صرف دولار الحوالات بـ9900 ليرة، وذلك وسط ارتفاع خيالي في عموم أسعار السلع، وعمليات احتكار لمواد أساسية من قبل التجار، على حين بات الراتب الشهري لموظف الدرجة الأولى لدى الحكومة لا يتعدى 10 دولارات.

 

وتحسن في الأيام الماضية سعر الصرف نسبياً، وسجل في السوق الموازية في دمشق 12700 للمبيع و12600 للشراء من دون أن ينعكس ذلك على أسعار السلع التي ارتفع أغلبها بنسبة 100 في المئة خلال موجة الانهيار الحالية.

 

ورأى خبير اقتصادي في دمشق أن هذا الانهيار يأتي رغم محاولات «مصرف سوريا المركزي» ضبط سعر الصرف، من خلال تعديلات يجريها على أسعار تسليم الحوالات للحاق بسعر السوق الموازية، مما يدل على فشل هذه السياسة.

 

وأوضح الخبير أن السيطرة على سعر الصرف تحتاج إلى تدخل قوي من قبل «المركزي» يتمثل في ضخ كميات كبيرة من الدولارات في السوق، «وهذه الكميات عاجز عن تأمينها»، ويستبعد أن ينجح في ذلك قريباً «في ظل العقوبات الغربية وتوقف الإنتاج. وبالتالي يبدو أن الوضع يتجه نحو الأسوأ، وربما نشهد مزيداً من التدهور في قيمة العملة المحلية في الأيام والأشهر المقبلة، والمتضرر الأكبر هو المواطن؛ فقد باتت أصغر عائلة تحتاج الى 5 ملايين ليرة في الشهر لتستطيع تأمين حاجاتها الأساسية».”

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.