نورث بالس
منذ أن حررت قوات سوريا الديمقراطية، مدينة الرقة من تنظيم داعش، وعودة أهلها إليها، فإن المدينة التي تعرضت للدمار بنسبة 70 %، تشهد حركة عمرانية متواصلة، ولكن إعادة إعمارها تواجه بعض الصعوبات إلى جانب وجود بعض التجاوزات في عمليات البناء.
وبحسب الإحصاء الذي أجراه مكتب التخطيط والدراسات في مجلس الرقة المدني، في ربيع عام 2020، فإنه يعيش في مدينة الرقة ما يزيد عن 300 ألف شخص، عادوا إليها بعد أن حررتها قوات سوريا الديمقراطية من تنظيم داعش في 17 تشرين الأول عام 2017.
وبحسب إحصائيات مكتب التخطيط والدراسات، فإن 40 % من منازل المدينة البالغ تعدادها حوالي 150 ألف منزل، تعرضت للدمار الكامل، في حين تعرضت النسبة المتبقية بشكل أو بآخر لأضرار.
ومنذ تحرير المدينة وعودة السكان إليها، عملت الفرق الهندسية على إزالة الألغام ومخلفات الحرب، ليبدأ مجلس الرقة المدني وبمساعدة السكان بترحيل الأنقاض، إذ أن مكتب الخدمات الفنية في بلدية الرقة، كان يرحّل يومياً ألف متر مكعب من الأنقاض، حتى تم فتح الطرق وتم التخلص من بقايا الأبنية المدمرة.
وغالبية أصحاب المنازل التي تأثرت بالحرب التي دارت في المدينة، بشكل جزئي بدأوا بترميمها والسكن فيها، وغالبية هذه المنازل كانت تقع في الأحياء الشعبية. وسمحت لهم البلدية بترميم المنازل بدون الحاجة للحصول على رخصة.
ومنحت البلدية حوالي ألفي رخصة بناء للمنازل التي تعرضت للدمار وتم إعادة إعمارها مع تغيير شكل العقار، وذلك خلال عامي 2018 – 2019.
حركة عمران واسعة خلال عام 2020
واستمرت حركة العمران في المدينة خلال عام 2020 وبوتيرة أسرع مع ظهور متعهدي البناء وشركات المقاولات التي بدأت بتنفيذ مشاريع سكانية في المدينة.
يقول عامل يعمل كحارس لبناء جديد يتم تشييده لـ “نورث بالس”، إن فرص العمل متوفرة بشكل كبير في مدينة الرقة نظراً لعمليات إعادة الإعمار، ولكنه اشتكى من انخفاض الأجور المقدمة للعمال.
ولفت العامل إلى أن هناك بعض العائلات التي لا تمتلك القدرة على إعادة إعمار منازلها المدمرة. ولكنه أشار إلى دور شركات المقاولات في إعادة إعمار المدينة.
ومن جانبه، قال المواطن فهد أبو بندر لـ “نورث بالس” والذي يعمل في مهنة إكساء البناء بالحجارة: “إن حركة إعادة الإعمار مستمرة على قدم وساق منذ تحرير مدينة الرقة”.
وأكد أبو بندر أن فرص العمل متوفرة وبشكل كبير في مدينة الرقة بفضل عمليات إعادة الإعمار، لافتاً إلى أنه لم يتوقف عن العمل منذ عام ونصف.
وفي سياق استمرار إعادة إعمار المدينة، يقول المهندس حمود العبد الله، من مكتب الرخص في بلدية الشعب، إن البلدية قدمت خلال العام المنصرم، 470 رخصة بناء جديد وما يقارب من 300 رخصة لإعادة بناء الأبنية المدمرة.
معوقات وتجاوزات
ومع ازدياد الحركة العمرانية، ظهرت بعض المعوقات في طريق إعادة الإعمار، متمثلة في ارتفاع أسعار الاسمنت وحديد البناء نتيجة الحصار المفروض على المنطقة ودخول كميات قليلة منها إلى عموم مناطق شمال وشرق سوريا وعدم كفايتها لتغطية احتياجات قطاع البناء.
وفي هذا السياق أشار المهندس حمود العبد الله، إلى ارتفاع أسعار الاسمنت والحديد في المنطقة بسبب عدم توفرهما، ولكنه قال :”بأن مشكلة الاسمنت تم حلها عبر تأمين البلدية للاسمنت وتوزيعها بالاعتماد على الرخص الممنوحة”.
ولكن تبقى مشكلة تأمين الحديد من إحدى العوائق التي تمنع إعادة الإعمار، لذا ظهرت تجاوزات من قبل بعض الأهالي وشركات المقاولات عبر استعمال حديد مصهور ومعاد تصنيع في عملية البناء، وهذا يمكن أن يشكل خطراً على سلامة هذه الأبنية مستقبلاً.
وفي هذا السياق يقول المقاول زيدان عبد العزيز سليمان المدير العام لشركة إعمار في مدينة الرقة: “إن بعض الشركات ارتكبت بعض التجاوزات أثناء عملية البناء”، وأكد على ضرورة تقيد شركات البناء بالمواصفات الفنية والإنشائية أثناء إعادة الإعمار.
متابعة
ولقطع الطريق أمام استعمال الحديد المصهور في عملية البناء، أشار المهندس حمود العبد الله إلى أن مكتب الفنية في بلدية الشعب الذي يتألف من مكتب متابعة الرخص ومكتب المخالفات، يقوم بحصر التجاوزات والمخالفات في قطاع المدينة، بالتعاون مع الضابطة العامة.
وأضاف العبد الله: “يقوم مكتب المتابعة في بلدية الشعب بالاطلاع على كافة الرخص الممنوحة، ولا يتم منح الإذن بصب البيتون إلا بعد الاطلاع على الحديد المستعمل في البناء”.
ولكن رغم ذلك، أشار العبد الله إلى أن هناك تجاوزات ورغم كل محاولاتهم فأنهم لا يستطيعون حصرها وذلك بسبب ارتفاع وتيرة إعادة الإعمار.
ومن جانبه أكد المهندس تركي الشريدة رئيس مكتب متابعة الرخص في بلدية الشعب في الرقة، أن مهمة المكتب تنحصر في متابعة رخص البناء الممنوحة من قبل مكتب التراخيص في البلدية ومتابعة تطبيقها على أرض الواقع من حيث المكان ومواصفات العقار والمخططات.
ولفت الشريدة إلى أن استعمال الحديد المستعمل والمصهور في عملية البناء مرفوض تماماً، وقال: “يجب أن يكون الحديد المستعمل جديداً حصراً، لأن الحديد المستعمل والمصهور في عملية البناء يجعل من البناء غير صالح من ناحية المواصفات”.
وأوضح الشريدة أن ممثلين من نقابة المهندسين وكذلك مهندسين من البلدية وصاحب العقار، يشاركون معاً في الإشراف على عملية البناء، للتأكد من تلبيته للمواصفات الفنية وعدم حصول تجاوزات عبر استعمال الحديد المصهور.
وفي ختام حديثه أكد المهندس تركي الشريدة أن “مدينة الرقة تعرضت لدمار كبير خلال فترة الحرب ضد داعش، وتحولت إلى ركام، وهي حالياً تشهد حركة عمرانية كبيرة جداً، لذا يجب أن تتوفر في الأبنية المواصفات الإنشائية وأن تبنى وفق أسس صحيحة”.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.