خبير اقتصادي: الفئة الجديدة لليرة السورية يعكس تدهورها وعلى الإدارة الذاتية تطوير بدائلها
نورث بالس
أكد الخبير الاقتصادي جلنك عمر أن إصدار البنك المركزي السوري لفئة جديدة من العملة هو انعكاس واضح للتدهور الحاد في سعر صرف الليرة، وبالتالي زيادة كمية النقد ستؤدي إلى انخفاض قيمة العملة وارتفاع مستويات التضخم ومستويات الأسعار وتراجع القدرة الشرائية للمداخيل.
وجاء ذلك خلال تصريح خاص مع شبكة “نورث بالس” تعليقاً على إصدار الحكومة السورية لفئة جديدة من العملة بقيمة 5000 ل.س، وأسبابها وأثارها على الحالة الاقتصادية.
عمر قال في بداية حديثه: “إن قيام البنك المركزي السوري بإصدار جديد من فئة الـ 5000 ل.س هو انعكاس واضح للتدهور الحاد في سعر صرف الليرة لاسيما خلال العام الماضي، وبالتحديد بعد بدء تطبيق عقوبات قانون قيصر على سوريا، وهذا بحد ذاته اعتراف بأن الفئات النقدية الأدنى فقدت قيمتها أو لم تعد تلبي احتياجات المواطنين في التداول ما يخلق صعوبات في تسديد تعاملاتهم”.
وكان البنك المركزي السوري أعلن الأحد عن طرح أوراق نقدية من فئة (5000) ل.س، معللاً الأمر بأنه يأتي لتلبية توقعات احتياجات التداول الفعلية من الأوراق النقدية وبما يضمن تسهيل في المعاملات النقدية وتخفيض تكاليفها ومساهمتها بمواجهة آثار التضخم التي حدثت خلال السنوات الماضية.
وعن تأثير هذا الإصدار النقدي الجديد أشار عمر بأن الأمر يختلف فيما لو كان ذلك ضخ إضافي للعملة في الأسواق أم أنه فقط عملية استبدال للفئات التالفة أو الأدنى من العملة، “لم يوضح البنك المركزي بشفافية الهدف من هذه الخطوة، فلو كان هذا الإصدار الجديد هو ضخ إضافي للعملة في الأسواق فإنه سيؤدي إلى زيادة كمية النقود، وما لم يترافق ذلك مع توسع في الإنتاج فإنه سيؤدي لانخفاض قيمة العملة ما ينعكس على شكل ارتفاع في مستويات الأسعار وانخفاض القدرة الشرائية للدخل”.
ونوه عمر، أنه في الحالة السورية وفي ضوء انهيار مختلف قطاعات الاقتصاد السوري والدمار في البنى التحتية والعقوبات الموجودة على الحكومة وانسداد أفق الحل السياسي، من الصعوبة بمكان أن يترافق الإصدار النقدي الجديد مع توسع في الإنتاج، وبالتالي فالإصدار النقدي يمكن أن يؤدي إلى انخفاض قيمة العملة وارتفاع مستويات التضخم ومستويات الأسعار وتراجع القدرات الشرائية للمداخيل.
وأشار عمر أن الاحتمال الآخر يأتي في سياق استبدال الفئات النقدية الأدنى التي لم تعد لها قدرة شرائية فعلية، ولم تعد تستخدم في التداول، أو سحب العملات التالفة التي أصابها الضرر والاهتراء نتيجة التداول، في هذه الحالة لن تتغير كمية النقود ولن يكون للإصدار الجديد أثر على سعر الصرف.
ويقترب سعر الصرف في الآونة الأخيرة من 3000 ليرة مقابل الدولار في السوق السوداء، في حين يبلغ سعر الصرف الرسمي بحسب نشرة سعر الصرف الصادرة عن البنك المركزي 1256 ليرة مقابل الدولار.
وعن هدف الحكومة السورية من هذه الخطوة قال عمر: “يأتي الإصدار الجديد في سياق نفس السياسات المالية والنقدية المتبعة منذ بدء الأزمة في سوريا، فمنذ عام 2011 حتى عام 2018 زادت كمية النقود بمقدار ثلاثة أضعاف، ففي عام 2017 أصدرت الحكومة عملة من فئة الـ 2000 ل.س. فالنظام يلجأ لهذه الخطوات من أجل تمويل العجز في موازنته حيث بلغ حجم العجز في هذه الموازنة هذا العام 40%”.
وكانت الحكومة السورية أقرت الموازنة العامة للسنة المالية 2012 بقيمة 8500 مليار ل.س، ويقدر العجز في الموازنة بـ 3484 مليار ليرة.
وفيما يخص مناطق شمال وشرق سوريا، قال عمر: “قريباً سنرى هذا الإصدار الجديد في أسواق المنطقة أيضاً نتيجة الارتباط الاقتصادي أو التعاملات التجارية الموجودة ما بين مناطق الإدارة الذاتية ومناطق سيطرة الحكومة السورية، والأثر الاقتصادي الناجم عن هذا الإصدار سيمتد أيضاً إلى هذه المناطق، فالتداول والتعاملات النقدية في المنطقة لاتزال بالليرة السورية”.
وعن الحلول التي يمكن للإدارة الذاتية اللجوء إليها لتفادي الآثار السلبية قال عمر: “يجب ألا نغفل إن إمكانات الإدارة الذاتية ليست كبيرة نتيجة الحصار الاقتصادي الذي تشهده المنطقة وعدم الاستقرار السياسي، لذا يمكن أن تكون هناك صعوبة في اللجوء لرفع الأجور والرواتب كما جرى عقب البدء بتطبيق عقوبات قانون قيصر. لذا على الإدارة الذاتية تطوير بدائلها عبر تنشيط الاستثمار في الموارد الاقتصادية الموجودة في المنطقة والتوسع في الإنتاج المحلي وتأمين فرص عمل إضافية من أجل امتصاص الآثار السلبية الناجمة عن تدهور سعر صرف الليرة”.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.