سوريون يجبرون على بيع ممتلكاتهم لدفع بدل الخدمة العسكرية الاحتياطية
نورث بالس
يجد الكثير من السوريين أنفسهم مجبرين على بيع ممتلكاتهم من أجل دفع بدل الخدمة العسكرية الاحتياطية، على أمل العودة إلى نسق حياتهم الطبيعي، والتخلّص من كابوس الملاحقة الأمنية.
وتسجل شعب التجنيد إقبالا لافتا من المتخلفين عن الخدمة العسكرية، بعد المرسوم الذي أصدره الرئيس بشار الأسد في نوفمبر الماضي والذي يُجيز لمن يرغب من المكلفين المدعوين إلى الخدمة العسكرية الاحتياطية، الذين بلغوا سن الأربعين ولم يلتحقوا بعد، دفعَ مبلغ نقدي كبديل عن الواجب القانوني في الخدمة العسكرية الاحتياطية، قيمته 4800 دولار أميركي أو ما يعادله بالليرة السورية.
كما أجاز المرسوم لمن التحق بالخدمة العسكرية الاحتياطية وبلغ سن الأربعين ومازال يؤدي خدمته، دفعَ البدل النقدي المذكور، على أن يتم حسم مبلغ 200 دولار أميركي أو ما يعادله بالليرة السورية عن كل شهر أداه المكلف في خدمته العسكرية الاحتياطية.
ويرى عسكريون منشقون أن المرسوم يعكس عدم قدرة النظام على تغطية نفقات خدمة الاحتياط من رواتب وإعاشة، وقد لجأ إلى هذه الخطوة من أجل رفد خزينته.
وقال خالد (41 عاما)، من سكان قطنا بريف دمشق، إنه مطلوب للاحتياط منذ ثماني سنوات، وقد اضطر والده إلى بيع قطعة أرض كان يملكها لتأمين المبلغ المطلوب، ودفعه عن ابنه بديلا عن الخدمة العسكرية الاحتياطية. وأوضح خالد لموقع تلفزيون سوريا “بعد مرسوم بشار الأسد الأخير حول دفع البدل لم يعد أمامي سوى خيار دفع 4800 دولار”.
وأوضح الشاب أنَّ والده تقدم بطلب إلى شعبة تجنيده لدفع البدل وإعفائه من الخدمة العسكرية الاحتياطية، مضيفا أنَّه انتظر قرابة عشرين يوما لتأتي الموافقة على دفع البدل، وذكر أنّه اضطر إلى دفع 60 مليونا و600 ألف ليرة في البنك المركزي للحصول على حريته وبدء حياة جديدة. وفي ظل الضائقة المالية التي تعاني منها سوريا يجد الكثيرون أنفسهم مجبرين على تدبير مبلغ البدل بطرق عدة، منها بيع ممتلكات تعود إلى العائلة أو الحصول على المبلغ من أقارب لهم في الخارج، ثم التقدم بطلب إلى شُعب التجنيد ودفع المبلغ بالليرة السورية أو الدولار في البنك المركزي.
واضطر عيسى (من سكان دمشق) إلى استدانة المبلغ من أخيه المقيم في كردستان العراق ودفعه كي ينال حريته ويغادر البلاد دون عودة. وأوضح أنَّ شعبة التجنيد التابع لها عرقلت معاملته لعدة أيام بذريعة انتظار الموافقة من شعبة التجنيد العامة في دمشق على دفع البدل، وأنه اضطر إلى دفع 50 دولاراً لمساعد في الشعبة كي يحصل على ورقة الموافقة على دفع البدل، علماً أنَّ موافقة صديقه أتت قبل موافقته بأسبوع رغم تقديمهما طلبيهما في اليوم ذاته.
ويقر عيسى بأنه بعد التخلّص من خدمة الاحتياط ومن الخوف من حواجز النظام السوري صار يشعر بأنه “وُلِد من جديد”، وأصبح اليوم قادرا على استخراج جواز سفر والخروج بطريقة نظامية إلى أربيل والعمل مع أخيه هناك.
وبحسب مصادر موقع تلفزيون سوريا هناك أمهات يبعن ما تبقى لديهن من ذهب لإنقاذ أبنائهن من خدمة الاحتياط في الجيش بعد سنوات طويلة من بقائهم محتجزين في المنازل أو عرضة للاعتقال في أية لحظة بتهمة “التخلف عن تلبية الدعوة الاحتياطية”.
وكان موقع تلفزيون سوريا كشف في تقرير سابق عن تعرض مطلوبين لخدمة الاحتياط ويرغبون في دفع البدل للابتزاز من شُعب التجنيد بقصد تسهيل إجراءات معاملة دفع البدل مقابل مبالغ تتراوح بين 100 و200 دولار.
وتعد الخدمة العسكرية إلزامية في سوريا للرجال فقط الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و42 عاماً، لمدة 18 شهراً بحسب “قانون خدمة العلم”، بينما لم يحدد النظام مدة لخدمة الاحتياط أو الاحتفاظ بالعسكريين. وكان الأسد أصدر في ديسمبر الماضي قرارا إداريا يقضي بإنهاء استدعاء الضباط وضباط الصف والأفراد الاحتياطيين لدى الجيش، اعتباراً من فبراير الجاري.
وينهي الأمر الإداري استدعاء الضباط الاحتياطيين (المدعوين الملتحقين) اعتبارا من مطلع فبراير لكل من يتم سنة وأكثر في خدمة احتياطية فعلية حتى تاريخ 31 – 1 – 2024 ضمنا. و يُنهى الأمر الإداري أيضا الاحتفاظ والاستدعاء لضباط الصف والأفراد الاحتياطيين (المحتفظ بهم، والمدعوين الملتحقين) اعتباراً من نفس التاريخ.
المصدر: صحيفة العرب
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.