NORTH PULSE NETWORK NPN

تكاليف الإنتاج وصعوبة التسويق تقوضان العسل السوري

نورث بالس

تتعالى أصوات مربي النحل في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية محذرة من التحديات التي تعترض إنتاج العسل وطالبوا بتفكيك العقبات أمام تسويقه في السوق المحلية خاصة وأنه يشكل المصدر الوحيد للكثير من الأسر في الأرياف.

وتنتشر مهنة تربية النحل في العديد من مناطق البلاد لما تتمتع به من مناخ متنوع لا تنقطع فيه الأزهار طوال العام، ما دفع عددا كبيرا من السوريين إلى العمل في القطاع وإنتاج مختلف أنواع العسل وتأمين مصدر دخل إضافي لهم.

وشكلت تداعيات الحرب التي شهدتها سوريا في عام 2011 بين نظام بشار الأسد والمعارضة المدعومة من تركيا كابوسا للنحالين، حيث كانت معظم عمليات إنتاجهم تندرج ضمن مسعى تحقيق الاكتفاء الذاتي للسوق المحلية، والفائض كان يذهب للتصدير.

ورغم أن تحسن الوضع الأمني في عدة محافظات اشتهرت بإنتاج العسل من بينها حماة ودرعا سمح للآلاف من العائلات النازحة بالعودة إلى منازلهم وإعادة إحياء أعمالهم، لكنهم يجدون صعوبة بالغة في تحقيق طموحاتهم في هذا المجال.

وتقيم وزارة الزراعة بشكل مستمر بالتعاون مع اتحاد الغرف الزراعية ونقابتي المهندسين الزراعيين والأطباء البيطريين واتحاد الفلاحين وفرع سوريا لاتحاد النحالين العرب معارض ترويجية بين الحين والآخر وأحدثها المقام حاليا في العاصمة دمشق.

ويقول المسؤولون إن هذه المعارض تهدف إلى ربط منتجي العسل مع المستهلكين بشكل مباشر وتقديمه بسعر مناسب وجودة عالية ومعالجة مشاكل النحالين وإعداد خرائط رقمية تساعد المربين على معرفة المناطق التي تتواجد فيها المراعي لنقل القفران إليها.

ولم يخف رئيس الجمعية النوعية المتخصصة بتربية النحل بسام نضر الصعوبات التي تواجه المربين كنقص اليد العاملة وصعوبة التسويق وغلاء أسعار المواد الأولية ومستلزمات العمل والتي تسهم في مجملها بارتفاع تكاليف إنتاج العسل.

لكنه أكد أن الجمعية تعمل باستمرار على إقامة ندوات تدريبية وتوعوية للنحالين، بالإضافة إلى عقد محاضرات حول صحة النحل وأمراضه ومستجداته، وأيضا سبل المشاركة في المعارض المحلية والعربية والمتخصصة.

ويقول بعض المربين ومنهم جلال قاسو، الذي ورث مهنة تربية النحل عن والده الذي يعمل بها منذ أكثر من 55 عاما وتابع أبناؤه العمل في القطاع، إن ثمة صعوبات عديدة تواجه عملهم وليست لهم الإمكانيات المادية لكي يستمروا في نشاطهم.

وأكد قاسو لوكالة الأنباء السورية الرسمية وجود صعوبات تعترض عملهم أبرزها ارتفاع تكاليف نقل القفران كل فترة حسب مواسم الزهر على مدار العام، إضافة إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج، داعيا الجهات المعنية إلى دعم عملية التسويق والتصدير للخارج.

ووفق هذا المربي، فإنه يمتلك 800 قفير للنحل تنتج مختلف أصناف العسل من حبة البركة والعسل الجبلي والحمضيات والقبار، إضافة إلى كل منتجات الخلية من العكبر والغذاء الملكي وسم النحل وغبار الطلع.

وكانت لجنة النحالين السوريين المنضوية تحت اتحاد الغرف الزراعية، قد أطلقت في ديسمبر الماضي، صفارات الإنذار بشأن واقع القطاع بعد تراجع عدد المربين من 32 ألفا إلى 18 ألف مرب.

وقال رئيس اللجنة أمين قابقلي في تصريحات أوردتها وسائل إعلام محلية حينها إن “واقع النحل والنحالين مؤسف لأسباب كثيرة، تأتي في مقدمتها قلة المزروعات الزهرية، ما تسبب بقلة الإنتاج والمردود لجهة العسل”. وشدد على أن ارتفاع أسعار الوقود وزيادة تكاليف النقل وحراسة الخلايا خشية سرقتها وغيرها من المصاريف، شكلت عوامل أدت إلى تراجع هذا النشاط.

ووفق بيانات صادرة عن اللجنة قبل أسابيع، فإن إنتاج العسل للعام الماضي بلغ 1500 طن، من خلال 270 ألف قفير للنحل تعطي كل منها بين 10 و15 كيلوغراما في المتوسط.

وكانت سوريا قبل الحرب تعتبر واحدة من الدول المنتجة للعسل، بإنتاج يقدر بنحو 3 آلاف طن سنويا، وفي العام 2022 وصل الإنتاج إلى نحو 2500 طن.

وفي ظل انحدار العملة المحلية والأزمة المالية والاقتصادية التي تعيشها البلاد تحت وطأة عقوبات “قيصر” الأميركية الخانقة، تشير التقديرات إلى أن سعر الكيلوغرام من العسل يتراوح بين 150 و250 ألف ليرة (59 و99.8 دولارا).

وألحق النزاع، وفق تقرير للأمم المتحدة عام 2019، أضرارا بإنتاج العسل الذي كان يعدّ صناعة تقليدية في البلاد، مع انخفاض عدد القفران بنسبة 86 في المئة جرّاء الدمار أو الإهمال من ريف دمشق وصولا حتى اللاذقية.

وانخفض عدد قفران النحل في سوريا من 635 ألف قفير قبل النزاع إلى 150 ألفا عام 2016 حين كان النزاع في أوجه، قبل أن يعود ويتحسن تدريجيا اتحاد النحالين العرب.

ويشير عضو الاتحاد عمر مللي إلى أن من الضروري التنسيق بين الوحدات الإرشادية الزراعية والمزارعين مع النحالين في مناطق الإنتاج عند رش المبيدات بجانب المناطق التي تتواجد بها قفران النحل.

وذكر مللي أن إنتاج العسل من النوع الجبلي والشوكيات يتركز من خلال نقل قفران النحل إلى عدة مناطق بريف دمشق وكناكر ومزرعة النفور حيث تنتشر أزهار حبة البركة واليانسون والأزهار البرية.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.