نورث بالس
لم تدخر أنقرة جهدا لتكريس الأمر الواقع في سوريا من خلال تبني سياسات تتريك ممنهجة، وهذا بدوره يعكس النوايا التركية المضمرة في قضم تلك المناطق بشكل دائم، حيث انطلقت تلك النية أثر تدخلها في الشأن السوري وعملياتها في سنوات 2016 و2018 و2019 والتي أدت إلى سيطرتها ما يقرب من 10 آلاف كم مربع من الأراضي السورية.
وبعد السيطرة التركية على عدد من مدن الشمال السوري “عفرين، سري كانيه/رأس العين، كري سبي/تل أبيض، جرابلس، أعزاز والباب” ومدن آخرى بدأت بعمليات تتريك هذه المناطق، وتغيير ديمغرافيتها وتعيين ولاة أتراك عليها، في خطوة تعيد لواء اسكندرون إلى الأذهان.
وتركت الأزمة السورية اثنا عشر عاماً خلفها ودخلت عامها الثالث عشر، حيث كانت سلمية سورية عفوية تطالب بإسقاط النظام والحرية والكرامة.
ولكن سبعون دولة عربية وغربية وتحت مسمى “مجموعة اتصال دولية” توحدت على دعم تلك التظاهرات باسم “أصدقاء سوريا”، إلا أن تدخل دول عربية وإقليمية وعلى رأسها تركيا وقطر؛ وعملها على تجنيد المعارضين في سوريا وتسليحهم، وعسكرة الثورة والاستفادة من تلك القدرات البشرية في تحقيق مأربها وأجنداتها التوسعية في سوريا. حالت دون توسع تلك المجموعة وتوقفها عن مساعدة السوريين.
وفي خطوة جديدة تُسرّع مأربها في سوريا، أطلقت أنقرة حملة لنشر لغتها في مناطق سيطرتها في شمال وشمال شرقي سوريا، ويأتي التوسع في افتتاح مراكز تعليم اللغة التركية.
وتدار حالياً خدمات الصحة والتعليم والبريد والصرافة والكهرباء والمياه والهاتف بواسطة مسؤولين وموظفين أتراك، كما استبدلت الليرة السورية بالتركية، وتم إحلال مناهج تركية في مدارس مناطق الشمال السوري، الدوائر باتت ترفع العلم التركي، كما ترفع صور أردوغان داخلها، وأسماء الدوائر والمؤسسات مكتوبة باللغتين التركية والعربية، حيث تبدو الحروف التركية أكبر حجماً من الحروف العربية.
وكذلك، فإن الحدائق العامة باتت تحمل أسماء عثمانية مثل “حديقة الأمة العثمانية” في أعزاز، وساحة أردوغان في عفرين، وأطلقت أسماء تركية على العديد من المدارس السورية، مثل مدرسة “بولانت آل بيرق”.
وبحسب المراقبين، فأن كافة السياسات التي تنتهجها تركيا في المدن والبلدات التي تسيطر عليها في شمال وشمال شرق سوريا توحي بأن أنقرة تتصرف في تلك المناطق وكأنها جزء أصيل من جغرافيتها أو كأنها في طور الإعداد لإلحاق تلك المناطق بخارطتها إما رسميا أو بحكم الأمر الواقع.
وعمدت أنقرة إلى تغيير السجل المدني للسكان الأصليين في المناطق السورية التي تسيطر عليها وسحبت البطاقة الشخصية والعائلية السورية من القاطنين في تلك المناطق واستعاضت عنها بأخرى تركية.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.