صالح مسلم يؤكد تمسك أهالي شمال وشرق سوريا بالإنتخابات في موعدها: تلقينا تعليقاً من الأميركيين حيالها
نورث بالس
جدد الرئيس المشترك لحزب الاتحاد الديمقراطي صالح مسلم، التأكيد على تمسك “الإدارة الذاتية” بعزمها على إتمام الانتخابات المحلية المقررة في شهر أغسطس (آب) القادم، رغم تزايد التهديدات التركية التي أشارت إلى احتمال شن عملية عسكرية جديدة. وأوضح مسلم بشكل قاطع أنهم لا ينوون الانفصال عن سوريا، لافتًا إلى أن الهدف من الانتخابات هو تنظيم الأمور الإدارية لمناطق طالما كانت خارج نطاق سيطرة قوات حكومة دمشق
وفي تصريحات لافتة، كشف صالح مسلم أن الكرد تلقوا رسالة شفهية من الأمريكيين تشير إلى أنهم قد تسرعوا في إعلانهم عن الانتخابات. تعليقًا على ردود الفعل التركية، التي وصفها بـ”الاستفزازية”، أشار إلى أن الجانب السوري الرسمي لم يعلق عليها، مضيفًا أن النظام السوري يعي تمامًا عدم وجود أي أطماع انفصالية لدى الكرد في سوريا.
نص الحديث الذي أجرته “الشرق الأوسط” مع صالح مسلم :
– تأجلت الانتخابات المحلية في مناطق نفوذكم أكثر من مرة، هل كان ذلك بسبب التصعيد التركي، أم بسبب تحفظ حلفائكم في واشنطن؟
تأخرت الانتخابات المحلية في المناطق التي نتحكم بها عدة مرات. هذا التأجيل لم يكن بسبب التصعيد التركي ولا بسبب مواقف حلفائنا في واشنطن، بل كان بسبب عدة عوامل أخرى.
أولًا، حدث التأجيل في المرة الأولى من 30 مايو (أيار) إلى 11 يونيو (حزيران) بسبب نقص في الترتيبات اللوجيستية من قبل المفوضية العليا للانتخابات، والتي ربما كانت ناتجة عن نقص الخبرة أو عدم الإلمام التام بواقع المنطقة، ما أدى إلى تحديات كبيرة في التحضير لهذه العملية.
ثانيًا، واجهنا اعتراضات من قبل بعض الأحزاب السياسية التي كانت ستشارك في الانتخابات. وقد اشتكت تلك الأحزاب من أن المدة الزمنية المحددة في العقد الاجتماعي والتي تمنحها 20 يومًا للدعاية الانتخابية، كانت قد أختصرت من قبل المفوضية إلى 10 أيام فقط، وهو ما اعتبروه غير كافٍ.
ثالثًا، كان هناك رغبة في استضافة مراقبين وضيوف دوليين وعرب للإشراف على العملية الانتخابية. وبما أن تلك المؤسسات والجهات كانت بحاجة إلى وقت كافٍ لترتيب السفر إلى مناطقنا، وهو أمر معقد يتطلب تأشيرات وموافقات قد تستغرق أيامًا، فقد وجدنا أن المدة الممنوحة لهم والتي كانت 10 أيام فقط، لم تكن كافية.
هذه العوامل مجتمعة هي التي أدت إلى تأجيل الانتخابات إلى شهر أغسطس (آب) المقبل. كل هذا جاء على خلاف الادعاءات بأن التأجيل كان بسبب ضغوط أميركية أو بسبب التصعيد التركي. وبالنسبة لنا، فإن هذه الانتخابات يجب أن تجري في موعدها المحدد، بقرار من الهيئات المشاركة في المفوضية العليا والأحزاب السياسية، وقد تم التأجيل فقط لمعالجة النواقص التي ظهرت في البداية.
– واشنطن تحفظت وقالت إن الظروف غير متوافرة في مناطقكم، وإن أي انتخابات يجب أن تكون وفق القرار الدولي 2254؟
منذ بداية التعاون بين واشنطن والإدارة الذاتية، كان الجانب الأميركي يشدد على أهمية الحوكمة الرشيدة وضرورة مشاركة جميع مكونات المنطقة في الحكم. أما بالنسبة لموقفهم من تطبيق القرار 2254، فهو يستند إلى أن أي انتخابات يجب أن تُجرى بموجب هذا القرار. ومع ذلك، يدرك الجميع أن القرار لا يحدد إطارًا زمنيًا محددًا لتنفيذه، وتبقى عملية ترجمته إلى واقع ملموس غير واضحة، مما يطرح السؤال: هل يتعين علينا الانتظار عشر سنوات أخرى لإجراء انتخابات رئيس بلدية؟ هذا من غير المعقول بالتأكيد.
من المعروف أيضًا أن الإدارة الأميركية لها وجهة نظر خاصة بها وتسعى إلى تجنب التصعيد مع الجانب التركي. إذ تفضل عدم التورط في خلافات أو احتكاكات، نظرًا لكون تركيا حليفًا ضمن حلف شمال الأطلسي “الناتو”
– ماذا قال لكم الأميركيون بعد إعلانكم موعد الانتخابات؟
“قالوا لنا: ‘نحن نرى أنكم تستعجلون في هذه الخطوة’، هذا كل ما قالوه ولم يقدموا تفسيرات إضافية. ربما كانوا محقين بشأن الترتيبات اللوجيستية والإعدادات الناقصة لهذه الانتخابات، خاصة بالنظر إلى أهمية الزيارات المقررة للوفود الخارجية والمراقبين، نظرًا لخبرتهم الواسعة في هذا المجال. لا زلنا غير متأكدين من سبب هذا الاستعجال؛ إذا كان يتعلق بتهيئة الأجواء الدولية أم بضرورة وجود ترتيبات محلية أكثر تنظيمًا من قِبل مفوضية الانتخابات.
-في سياق متصل، عرض رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني التوسط لتنظيم اجتماع بين مسؤولين أتراك ونظرائهم من حكومة دمشق بهدف بحث سبل تسوية الخلاف بين الطرفين. يتساءل البعض إن كان هذا التقارب يثير قلق قادة الإدارة الذاتية؟
يُعتقد أن أي لقاءات رسمية بين تركيا وسوريا، سواء أُجريت هذا الشهر أو في لقاءات لاحقة ببغداد، لا ترتبط مباشرةً بالإدارة الذاتية أو بانتخاباتها. بدلاً من ذلك، يُنظر إليها على أنها جزء من حسابات واتفاقيات مؤجلة منذ عام 2015، بما في ذلك مبادرة “سوتشي” ومسار “آستانا”، وتستهدف تنفيذ الاتفاقات بين أنقرة ودمشق بخصوص إدلب والمناطق السورية التي تحتلها تركيا. على الرغم من الردود التركية الاستفزازية بشأن انتخاباتنا المحلية، لم يصدر الجانب السوري أي تعليق حتى الآن. يدرك النظام الحاكم جيدًا أنه لا توجد لدينا أي خطط للانفصال، بل هذه الانتخابات هي ترتيبات محلية لمعالجة القصور الذي كان يُرتكب في الانتخابات المحلية في الماضي. وأعتقد أن هذه الانتخابات تُعد نموذجًا ديمقراطيًا يُمكن تطبيقه على بقية المناطق السورية.”
– لكن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، ووزير دفاعه، هددا بشكل مباشر بشن عملية عسكرية ضد مناطقكم إذا ما تمت هذه الانتخابات؟
التهديدات الموجهة ليست نتيجة الانتخابات الحالية، بل هي مستمرة منذ العام 2016. تركيا، حسب النص، لا تحتاج إلى ذرائع لتستهدف وجود جميع المكونات السورية وأي مشروع قائم على الديمقراطية، ممارسة نفوذها كما تشاء وشن هجمات على المناطق المذكورة، وقد قامت بالفعل باحتلال مدينة عفرين ومدينتي رأس العين وتل أبيض. وفقًا للنص، تركيا تستهدف الوجود الكردي بشكل خاص كما تعيق تحقيق حل سياسي للأزمة السورية، مما يشكل عقبة أمام تنفيذ القرار الدولي رقم 2254.
تركيا تستغل الانتخابات كذريعة لزيادة عدوانها، وهناك جدية في التعامل مع هذه التصريحات، خاصةً وأنها صادرة من الرئيس التركي ووزير دفاعه. الهجمات التركية لم تتوقف عن استهداف المناطق المذكورة، بما في ذلك الضربات بالطائرات المسيرة وقصف البنية التحتية والموارد الطبيعية مثل حقول النفط. وعليه، لذلك نحن نخشى من تنفيذها ويجب أن نكون مستعدين لها.
– تتفق أطراف سورية معارضة مع تركيا على أنكم ماضون نحو الانفصال، بعد إقراركم عقداً اجتماعياً جديداً وتغيير التقسيمات الإدارية للمنطقة وأنتم ستنظمون انتخابات محلية، فما ردكم على هذه الاتهامات؟
– على العكس من ذلك تماماً. الجميع يقول ليس بإمكان سوريا العودة لما قبل 2011 بمعارضيها ونظامها، ولكن لا أحد يقول كيف يجب أن يكون شكل نظام الحكم. هل تتم العودة لحكم مركزي مستبد متسلط أو لنظام لامركزي ديمقراطي تعددي؟ في مناطقنا قمنا بتهيئة الفرصة لخلق بديل عن النظام السوري ككل، عبر تطبيق الديمقراطية من بوابة الانتخابات وعقدنا الاجتماعي مناسب لأن يكون دستوراً لكل سوريا.
ربما تقبل بعض الأطراف بهذا المشروع أو ترفضه، والباب مفتوح لمشاركة الأطراف الوطنية بتعديله، لكن نؤكد للجميع أن هذه الانتخابات تأتي في إطار تنظيم الشؤون المحلية، وكل ما جرى تجديد للعقد الاجتماعي، والانتخابات ترجمة عملية وشرعية لترتيب البيت الداخلي لأبناء المنطقة، علماً بأن الانتخابات جرت في مناطق سورية محتلة من تركيا وهناك حكومات «المؤقتة» التابعة (للائتلاف) و«الإنقاذ» لـ(هيئة تحرير الشام) وكلها تتعارض مع القرار الدولي 2254، فلماذا كل هذه الضجة والاستفزازات بخصوص انتخاباتنا؟ وهل نحن مرغمون على استئذان تركيا لاختيار رئيس بلدية أو مختار قرية في دير الزور او بالرقة أو بالحسكة من أهالي تلك المناطق؟ وهذه الانتخابات ما تأثيرها على الأمن القومي للنظام التركي أو على النظام الحاكم بسوريا؟
– لنقل إن هناك حساسية تركية من المناطق الكردية، لكن لماذا ينزعجون من اختيار رئيس بلدية في الطبقة ومن أهالي تلك المدينة، أما الذين يطبلون ويزمرون بأننا انفصاليون، نقول لهم: ننفصل عمَّن؛ فمناطق شمال شرقي سوريا أكثر من نصفهم من إخواننا العرب، ونعيش مع المكوّن السرياني المسيحي ومع التركمان والأرمن، وتَشاركنا بكتابة العقد الاجتماعي وأسسنا هذه الإدارة والكل راضون عن هذا النظام.
– هل برأيك التحفظ الأميركي على إجراء الاستحقاق الانتخابي مرده تحقيق جملة من الشروط الداخلية، من بينها إنهاء الانقسام بين القوى السياسية الكردية السورية؟
– منذ البداية رحبنا بوحدة الصف الكردي، وكل الجهود المبذولة من أميركا وفرنسا و«قسد» لتقارب الأحزاب الكردية هي جهود محمودة، لكنّ الأميركيين مطّلعون على هذه الخلافات ويعلمون جيداً واقع هذه الخلافات، كونهم شاركوا في جميع اللقاءات التي تمت بيننا في 2020، بين أحزاب «الوحدة الوطنية» و«المجلس الوطني الكردي»، حيث كان المسؤولون الأميركيون ممتعضين من مواقف قادة المجلس الكردي لعدم رغبتهم المشاركة في مشروع «الإدارة الذاتية»، على حساب رغبة أطراف أخرى كالائتلاف السوري المعارض وتركيا وبينهم علاقات وثيقة.
– كيف تقيّم موقف الرئيس السوري بشار الأسد خلال ترؤسه اجتماع اللجنة المركزية لحزب البعث الحاكم في مايو (أيار) الماضي، عن نية الحكومة الوصول إلى حلول سياسية مع «الإدارة الذاتية» خلال أشهر قليلة؟
– منذ البداية كنا نطالب بالحوار مع جميع القوى السورية بما فيها النظام الحاكم، وكذلك روسيا حاولت التوسط لعقد لقاءات سياسية بيننا لكنَّ النظام عارضها آنذاك. وتصريح الأسد كلام صحيح ونحن تأخرنا جداً في هذا الحوار، ويجب أن يكون حواراً مع جميع القوى الوطنية. فإذا كانوا يذهبون إلى جنيف لإجراء حوارات بين المعارضة والنظام فلماذا لا نُجري هذه الحوارات بحريّتنا هنا في الداخل، وأعود الى تأكيد عدم حدوث صدامات مسلحة بين قوات حكومة دمشق و«قسد»، لأن قواتنا دفاعية ولم تعتدِ على أحد ولم تخرج عن حدود سيطرتها، وحتى هذه المناطق التي تدافع عنها حرَّرتها من قبضة تنظيم «داعش»، وعندما اعتدت تركيا قاومت هذا الاحتلال، وهي ملتزمة الدفاع وحماية مناطقها، و«قسد» لم تذهب إلى دمشق ولم تذهب إلى منطقة سورية أخرى، إنما دافعت عن مناطقنا من تنظيم «داعش» ومن الهجمات التركية المعادية، وما دام النظام السوري يؤكد عدم اللجوء إلى صدامات عسكرية فهذا عين العقل، فما دمنا نستطيع الحوار فلا داعي لأي خيارات ثانية.
– هل جرت لقاءات رسمية بينكم وبين مسؤولي النظام السوري هذا العام؟
– لا؛ لم تحدث أي لقاءات سياسية ولم تجرِ حوارات سياسية.
– هل ستشاركون في الانتخابات النيابة السورية لمجلس الشعب المزمع إجراؤها في تموز (يوليو) المقبل؟
– لن نشارك في هذه الانتخابات البرلمانية السورية. نحن لدينا عقد اجتماعي وأنظمتنا وقوانيننا المحلية التي لا تنص على المشاركة في انتخابات مجلس الشعب، ولن نسمح بوضع صناديق اقتراع في مناطق نفوذنا.
المصدر: صحيفة الشرق الأوسط تم تعديله من قبل شبكة نبض الشمال
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.