بدون عودة المهجرين والنازحين إلى مناطقهم تبقى سوريا غير آمنة لعودة اللاجئين
على الرغم من انخفاض وتيرة المعارك في عموم الجغرافيا السورية بعد انسحاب المعارضة السورية تحت العباءة التركية إلى الشمال السورية مفسحة المجال لسيطرة القوات الحكومية على مناطقها، وهزيمة تنظيم داعش في شمال وشرق سوريا، وقبول فصائل المعارضة في درعا وريفها لاتفاق التسوية عام 2018، رغم ذلك لا تزال سوريا غير آمنة لعودة اللاجئين المتواجدين خارج البلاد. حيث جرت محاولات من قبل الكثير من الدول صياغة انطباع بعودة الأمان إلى سوريا لتبرير عمليات التطبيع مع حكومة دمشق والضغط على اللاجئين للعودة بشكل قسري.
ويؤكد مختصون في الشأن السوري بأن المعيار الرئيسي الذي يجعل سوريا فعلاً آمنة هو عودة النازحين والمهجرين إلى مناطقهم الأصلية وبدون ذلك يستحيل الحديث عن عودة الاستقرار إلى البلاد، وبحسب المختصين فإن عودة المهجرين والنازحين لا يمكن أن يتم بدون مصالحة وطنية وإرادة دولية مما يعني حل أزمة البلاد، وهو أمر يبدو أنه لا يصب في مصلحة عدد من الدول الإقليمية كـ تركيا وإيران وروسيا، كون الحل الوطني السوري سيؤدي إلى فقدانهم هيمنتهم على البلاد.
ويحمل المجتمع الدولي الحكومة السورية المسؤولية المباشرة في عدم توفر بيئة آمنة للاجئين، على الرغم من وجود لاعبين آخرين، وفي هذا السياق يشير ناشطون حقوقيون إلى الدولة التركية التي تحتل مناطق من الشمال السوري وتهدد شمال وشرق سوريا، ويعتبرونها المصدر الرئيسي لحالة التدهور الأمني في المنطقة، ففي المناطق المحتلة تمارس سياسة التغيير الديمغرافي ويتم ارتكاب انتهاكات شبه يومية بحق المواطنين، وعلى صعيد متصل شنت ثلاث حملات مدمرة على البنية التحتية والمنشآت الخدمية في إقليم شمال وشرق سوريا متسببة بحرمان نحو 3 ملايين مواطن من الوصول إلى الوسائل التي تدعم البقاء على قيد الحياة، ومنح فرصة لتنظيم داعـ.ـش لرفع وتيرة عملياته ضد الأعيان المدنية وأجهزة حفظ الأمن وإنفاذ القانون.
من جانبها تلعب السياسة الإقليمية الإيرانية دور في التدهور الأمني في سوريا من خلال دخولها في حرب عبر وكلاء ضد إسـ.ـرائيل التي ردت بسلسلة من عمليات القصف العنيف على مناطق تحت سيطرة القوات الحكومية كان آخرها قصف تدمر التي وصفها مراقبون “بالأكثر فتكاً” حيث قتل وأصيب نحو 150 شخصاً، بالإضافة إلى محاولاتها زعزعة استقرار مناطق شرقي الفرات بذريعة مواجهة القوات الأمـ.ـريكية.
أما روسـ.ـيا فقد صعدت من عمليات قصفها على نقاط الفصائل الموالية لتركيا في إدلب وريفها التي تعج بملايين النازحين والمهجرين.
وفي هذا السياق، أكدت نجاة رشدي (نائبة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا) أن الأولوية الملحة الآن هي وقف التصعيد، فسوريا “تشهد عواصف متواصلة ناتجة من نزاع إقليمي، مع تضاؤل المساعدات الإنسانية، فيما يعيش السوريون ظروف صعبة وغير محتملة على نحو متزايد” بحسب تعبيرها. وهو ما أشار إليه أيضاً إيديم ووسورنو (مديرة قسم العمليات بـ أوتشا) بالتأكيد على وجود نحو 13 مليون شخص يواجهون “انعدام الأمن الغذائي الحاد في سوريا”.
وفي جلسة خاصة لمجلس الأمن حول سوريا، أكد جيمس كاريوكي (نائـب المندوب البريطاني الدائـم لدى الأمم المتحدة)، على أن “السوريون مازالوا يتعرضون لمستـويات مـروعة من العـنف”. وطـ.ـالب المجلس بتحقيق تسوية سياسة في سوريا بموجب قرار مجلس الأمن رقم 2254، وضرورة ضمان “تمـكين المـواطنين السوريين العاديين، وليس النـظام وداعميه”، وهذا ما لم يتحقق حتى الآن.
وعلى ضوء هذه التعقيدات تبدو تصريحات بعض الأطراف حول عودة الأمان إلى سوريا ليست سوى تضليل يُراد به ترحيل آلاف الاجئين السوريين بشكل قسري لغايات محددة، مما يعني تطور الأزمة السورية والدخول في مرحلة جديدة من الفوضى.
#نورث_بالس
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.