نورث بالس
ما تضمنته بيانات كل القمم الثلاثية، وآخرها قمة أنقرة التي عقدت منتصف الشهر الماضي، وجمعت الثلاثي (الروسي، الإيراني، التركي) من تشديد على سيادة سوريا، واستقلالها، ووحدتها، وسلامة أراضيها، مجرد لغو لا يعتد به بالنسبة للرئيس التركي.
تركيا، العثمانية الجديدة والتي باتت سبب أزمة حقيقية في الشرق الاوسط من خلال تدخلاتها في الدول العربية بذريعة حماية الأمن القومي التركي، بدأت بتتريك المناطق التي تسيطر عليها في سوريا بتصفيقً من مرتزقة سوريين باعوا الأرض لأجل المال.
وإلى جانب الانتهاكات التي تمارسها تركيا في سوريا، بدأت تستعد لافتتاح “جامعة غازي عينتاب” في ثلاث بلدات بالأراضي السورية، واحدة للتربية في عفرين، وكلية للعلوم الإسلامية في إعزاز، وثالثة للاقتصاد وعلوم الإدارة في الباب، وهو استكمال لعملية تتريك واسعة في المناطق الخاضعة لسيطرة القوات التركية والفصائل الموالية لها، في استباحة للهوية السورية، إذ كانت جامعة غازي عينتاب قد افتتحت العام الماضي فرعاً لها في جرابلس، كما تم فرض المناهج التربوية التركية على كل المدارس في المنطقة، وفرض تعليم اللغة التركية كلغة أساسية.
عملية التتريك تجري على قدم وساق، فالدوائر الحكومية والرسمية للمعارضة باتت ترفع العلم التركي، كما ترفع صور أردوغان داخلها، وأسماء الدوائر والمؤسسات مكتوبة باللغتين التركية والعربية، حيث تبدو الحروف التركية أكبر حجماً من الحروف العربية.
كذلك، فإن الحدائق العامة باتت تحمل أسماء عثمانية مثل “حديقة الأمة العثمانية” في أعزاز، وساحة أردوغان في عفرين، وأطلقت أسماء تركية على العديد من المدارس السورية، مثل مدرسة “بولانت آل بيرق”.
وتعمل الحكومة التركية على تغيير ديمغرافي واسع بعد تهجير مئات آلاف الكرد من المناطق الخاضعة لسيطرتها في سوريا، كما حدث في عفرين حيث وبحسب اخر احصائية هجر نحو 130 ألف كردي من تلك المنطقة. وتعمل تركيا حالياً على استقدام غير الكرد إليها خصوصاً المهجرين من دوما والغوطة الشرقية وحمص وحماة، وهم من عائلات مسلحي المعارضة الذين خرجوا من تلك المناطق وتحولوا فيما بعد إلى مرتزقة بيد تركيا في ليبيا؟
إضافة إلى ذلك، المجالس المحلية تم تعيينها من جانب التركي، وتدار من قبل الولايات التركية القريبة من الحدود السورية، في ظل غياب أي دور للشعب السوري. واتجهت تركيا إلى تقييد حركة الأموال الداخلة إلى سوريا وضبطها من خلال نظام الحوالات التركي. ومن مظاهر التتريك أيضاً أن القضاة والمحامين السوريين لا يتم تعيينهم إلا بالتنسيق مع وزارة العدل التركية، ولا يُسمح للشركات غير المسجلة في تركيا بالعمل في عفرين أو مناطق أخرى خاضعة لسيطرة تركيا.
وتم مؤخراً افتتاح مدينة صناعية واقعة بين الباب وحلب وربطها بتركيا لتسهيل عمليات الاستيراد والتصدير بين تلك المناطق وتركيا.
ويرى مراقبون، أن السياسة التركية في سوريا تتجه نحو التقسيم، وسط مخاوف من تطبيق سيناريو لواء اسكندرون والسيناريو القبرصي في الشمال السوري.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.