نورث بالس
وصف السيد سيهانوك ديبو عضو رئاسة مجلس سوريا الديمقراطية “إن اجراء سيادي كالانتخابات الرئاسية تخص عموم سوريا غير منطقية وسط الانقسام السوري” وأكد أن “مفتاح الحل يبدأ من ركيزتين أساسيتين هما تجفيف منابع الإرهاب في سوريا وتغيير النظام شديد المركزية”. وقال: “الحل يكمن لدى من تم تغييبهم عن الحل السياسي”.
حديث سيهانوك ديبو جاء خلال مشاركته في برنامج (مع صناع القرار) الذي يعرض على شاشة قناة روجآفا، والذي تحدث فيها عن رؤيتهم كـ “مسد” للانتخابات وشكل الحل للأزمة السورية، وعن علاقاتهم مع الدول العربية ومصر بشكل خاص، وفيما يلي نص الحوار الكامل:
“إن اجراء سيادي كالانتخابات تخص عموم سوريا غير منطقية وسط الانقسام السوري”
تعليقاً على الانتخابات الرئاسية التي أجريت في سوريا وسبب رفضهم كـ “مسد” لها قال سيهانوك ديبو: “إن أهم القرارات الأممية التي تناولت حل الأزمة السورية متداولة في القرار الأممي رقم 2254 الذي يتألف من مسائل مفصلية أربعة وسلة الانتخابات هي إحداها، لذا نعتقد أن اجراء سيادي كالانتخابات بشكل عام والرئاسية بشكل خاص لا ينطبق على الشروط التي تؤدي إلى التحول الديمقراطي في سوريا ونحن كمسد لا نرى الشروط مناسبة لإجراء مثل هذه العلمية السياسية التي تخص عموم سوريا وسط انقسامها إلى 3 مناطق أساسية، نعتقد أن هذا من المبكر الحديث عنه طالما نتحدث عن انسداد في العلمية السياسية وأمور لم يحدث فيها أي تطور وتغيير كقضية المفقودين والمغيبين وملف المهجرين والتغيير الديمغرافي والاحتلال التركي لمساحات واسعة لسوريا بما تقدر بنص مساحة لبنان”.
وأضاف: “هذه الأمور كلها استدعت أن يكون لنا موقف ملامس لحقيقة حل الأزمة السورية لأننا لا يمكن أن نكون طرف ميسر لهذه العملية، لأنها أمور لا نعتبرها دستورية وشرعية في ظل كل هذه الظروف التي تمر بها سوريا”.
“مفتاح الحل يبدأ من ركيزتين أساسيتين هما تجفيف منابع الإرهاب في سوريا وتغيير النظام شديد المركزية”
وعن رؤيتهم لخطوات الحل للأزمة السوري قال ديبو: “هناك خطوات تمثل بمجملها الخطوة الكلية والحقيقة التي يمكن من خلالها اختراق الأزمة السورية نحو حلها وانهاء تشابكها مع الملفات الإقليمية المعقدة، أو الملفات الدولية، وهناك بعض الأمور الداخلية يجب حلها لتكون بمثابة مفتاح الحل للأزمة السورية، فجوهر المعادلة تتألف من شقين متداخلين الأول وجوب محاربة وتجفيف منابع الإرهاب كداعش والنصرة والجماعات المرتبطة بها، فهذه ظواهر فاشية أنتجتها الاستبداد الكلي للهيمنة العالمية والذي يرتكز على نظام طرفي وهي أنظمة استبدادية وجدت نفسها في شكل الدولية القومية المركزية، ومن هنا ظهرت ظواهر داعش وغيرها الغريبة عن مجتمعات الشرق الأوسط.
والنقطة الثانية هو التغيير الذي خرج السوريون من أجله أي التغيير من نظام شديد المركزية إلى نظام لامركزي ديمقراطي، ونحن كمسد نرى أن الإدارة الذاتية لشمال شرق سوريا هو نموذج مناسب للحل، وأن سوريا لامركزية في صيغة إدارات ذاتية هي الحل الأنسب من أجل استعادة سوريا لعمقها الإقليمي والعالمي المتناسب والمتناسق مع سورية التعددية الاثنية والطائفية والقومية”.
“لسنا مع معادلة فرض الحول من الخارج وعلينا الاستفادة من سلبيات وإيجابيات تجارب غيرنا كالعراق ولبنان”
وحول رؤيتهم للحلول الخارجية للأزمة السورية قال ديبو: “نحن لن نكون جزء من معادلة فرض الحلول من الخارج لأنها غير فاعلة ومن أمثلتها ماحصل في لبنان والعراق، ونحن كسوريين نستطيع الاستفادة من إيجابيات وسلبيات تلك النماذج، وذلك بعدم تكرار تلك السلبيات، ونحن نتحدث هنا عن الأنظمة شديدة المركزية كالنظام البعثي السابق في العراق، فبعد اسقاطه منذ 2013 كان هناك نظام فدرالي لامركزي سياسي، وكذلك في لبنان منذ اتفاقية الطائف وبعد الحرب الأهلية التي شهدتها والتي تشبه لحد ما مايجري في سوريا، والتي يمكن أن نسميها الانفجار السوري لأنه ذات بعد اقتصادي واجتماعي سياسي وإقليمي، لذا يجب أن يكون للعامل الذاتي حضوره في الحل، وليس كل الأطراف ترفض حل نموذج الإدارة الذاتية، ومثالها التوقيع على مذكرة التفاهم بيننا وحزب الإرادة الشعبية، فحينما يتم الاعتراف بنموذج الإدارة الذاتية كنموذج للحل في سوريا وكسلطة الشعب في مناطقه، يمكن حينها اعتبارها نموذج وتعميمها على عموم الجغرافية السورية”.
“الحل يكمن لدى من تم تغييبهم عن الحل السياسي”
وأشار ديبو بأن الجميع يؤكد أن هناك انسداد في العملية السياسية السورية “إن كان في طريق جنيف او زقاق آستانة ومخلفاتها من سوتشي وغيرها”، وقال: “كل ذلك يدل على أن الحل هو لدى من تم تغييبهم عن الحل السياسي”.
وعن مساعيهم لتنفيذ تلك الحلول أكد ديبو أنهم منذ المؤتمر الثالث لـ “مسد” عقدوا 3 ندوات حوارية سورية صرفة في الداخل للتباحث عن الحلول، ومن ثم جرى 6 ندوات في أوربا وخرج منها كلها لجنة تحضيرية لعقد المؤتمر الوطني للمعارضة الديمقراطية الوطنية، بالإضافة إلى مسعى مسد لمد أواصر الحوار وانضاج مذكرات التفاهم تهيئة لعقد مؤتمر وطني للمعارضة السورية لتكون مستعدة للاشتباك السياسي والتفاوضي مع السلطة المركزية في دمشق.
وأكد ديبو أن الاستعدادات لها مستمرة وجدية وقال: “نتواصل مع منصة القاهرة ومنصة موسكو وهيئة التنسيق وشخصيات خارج هذه الأطر ولدينا بشكل حثيث نقاشات دورية ونعتقد أن العام 2021 سيحظى بعقد هذا المؤتمر الذي سيكون قاعدة للانطلاق نحو البدء بالحل السياسي في سوريا”.
“توجهنا إلى القاهرة لأننا نرى أن الأزمة السورية هي انعكاس لأزمات الشرق الأوسط”
وعن أسباب اختيارهم لمصر لفتح ممثلية فيها قال ديبو: “إننا كمجلس سوريا الديمقراطية نرى أن الأزمة السورية هي جزء وانعكاس لأزمات الشرق الأوسط، ففي جذرها هي أزمة بنيوية ومعرفية سياسية تتعلق بمسألة رئيسية وهي فرض نموذج الدولة القومية المركزية بعد صفقات سايكس بيكو ولوزان على الشرق الأوسط وتقسيم المنطقة وإرادة الشعوب والاستيلاء على مقدرات الشعوب وجعل المنطقة في أزمة دائمة، وإذا ما احتاجت القوى المهيمنة تصدير أزماتها يرون في الشرق الأوسط أرضية خصبة ومهيئة لذلك، لذا رأينا أنه لابد من مد جسور العلاقات إلى العمق العربي لحل هذه الأزمات، ورأينا أهم محطة هي القاهرة بسبب رمزيتها ووجود الجامعة العربية فيها، دون أن نخفف طبعاً من أهمية دور باقي الدول العربية كالسعودية والإمارات وغيرها، وعليه توجهنا إلى مصر منذ 2015 حين عقد مؤتمر القاهرة 1 وكنا هناك ومثلنا الأحزاب في شمال شرق سوريا فيها بكافة مكوناتها وكان لمكونات الإدارة الذاتية وأحزابها مشاركة فعالة فيها، حيث شاركنا بحوالي 23 حزب سياسي ومكون تُعبر عن مجتمع شمال شرق سوريا”.
“هناك عدة عوامل سهلت علاقاتنا مع مصر بدون وسيط”
وعن العوامل التي سهلت التقارب وفتح العلاقات مع مصر أشار ديبو أن هناك عدة عوامل أولها أن مصر كدولة هي الأخرى مهددة من قبل العثمانية الجديدة وداعش وغيرها من الجماعات المتطرفة، وتلاقت هنا مصلحة الطرفين في مواجهة تلك الأطراف، ما جعلت العلاقات بينهما تكون سهلة بدون وسيط.
وأشار بأن الأسباب الأخرى هو أن مصر تعتبر من الدول التي لم تتدخل في الشأن السوري وأزمتها مقارنة بباقي الدول الإقليمية والعالمية، بالإضافة إلى تاريخ العلاقات التاريخية بين الشعبين المصري والكردي عبر العصور التي تعود في مرحلتها الأول إلى عصر ملكة تل حلاف “نفرتيتي” والمرحلة الثانية في عصر صلاح الدين الأيوبي والمرحلة الثالثة مع العائلة الخديوية التي تعود للأصول الكردية.
“ممثلية مسد في مصر تحظى بشرعيتها ورسميتها”
وأكد ديبو أن الممثلية التي افتتحوها في مصر موجودة بشكل رسمي وتحظى بشرعيتها ورسميتها وتلعب دورا واسعا وهاماً على المستويين الرسمي والمجتمعي هناك.
وأردف ديبو أنه لاتزال هناك عراقيل من حيث لعب الكثير من الأطراف دور تضليلي ومحاولات تشويه الإدارة الذاتية لدى مصر، ومنها الجهات المرتبطة بتركيا وحتى النظام السوري وغيرها. وقال: “ومع ذلك نجحنا إلى حد ما لإيصال الفكرة الحقيقة لمشروع الإدارة الذاتية إلى الجهات الرسمية والمجتمعية في مصر”.
“كان مشروع الإدارة موضوع كنموذج للحل في وثيقة وبيان مؤتمر القاهرة الثالث الذي تم عرقلته”
وأشار ديبو أنه من نتائج نشاطهم في مصر والتعريف بالإدارة الذاتية، “تم وضع مشروع الإدارة الذاتية كنموذج للحل في سوريا ضمن وثيقة وبيان مؤتمر القاهرة 3 الذي كنا جزء من اللجنة التحضيرية له، والذي كان من المزمع عقده ولكن تم عرقلته ولم يُعقد للكثير من الأسباب بعضها كانت معقولة ومقبولة وأخرى غير منطقية، ولكن كان التحضير يجري له على أساس أن يكون للإدارة الذاتية الحضور والدور البارز فيه. وتم ذكر الإدارة فيه كتشخيص لمفهوم اللامركزية الديمقراطية وبأن الإدارة الذاتية تجسيد لهذا المصطلح، وكان سيتم ذكر الإدارة الذاتية بأنه حفاظ على وحدة سوريا وحماية مكوناته عبر شكل قواته العسكرية المتمثلة بقوات سوريا الديمقراطية”.
“وزير خارجية مصر وصف لنا الهجمات التركية بالاحتلال والغزو ووصف مقاومة قسد بالمشروعة”
وحيال التماسهم للموقف المصري من التدخل التركي في شمال شوريا قال ديبو: “الموقف المصري تجاه الاحتلال التركي لسوريا كان واضح، فبعد 3 أيام من شن تركيا العدوان على سري كانية وكري سبي، حينها التقينا كوفد مسد مع وزير خارجية مصر وقال لنا بالحرف الواحد أن حالة التدخل التركي في سوريا هي احتلال وغزو ولا يمكن قبولها، وقال إن مقاومتكم لها هي مقاومة مشروعة تؤكدها المواثيق الدولية ذات الصلة والمنصوص عليها في القانون الدولي المتعلق بالدفاع المشروع، وقال ندعمها بكافة الأشكال التي تؤكد وحدة سوريا، فموقفهم في هذا الإطار واضح”.
“حظوظ تطبيع تركيا علاقات متكاملة مع مصر متدنية لأن الجميع بات يدرك النوايا الأردوغانية”
وحول مساع تركيا مؤخراً إعادة تطبيع علاقاتها مع مصر والسعودية وغيرها ومدى إمكانية نجاح هذا الأمر قال ديبو: “أعتقد أن حظوظ إعادة تركيا تطبيع علاقات متكاملة مع مصر والسعودية متدنية جدا لأن الجميع بات يعلم مدى البرغماتية المتطرفة التي يحظى بها أردوغان وأنه في سبيل انقاذ نفسه من الوضع الكارثي الذي وقع فيه وسياساته التي أوصلته إلى أعلى الشجرة، فهو يبحث عن طرف ينزله عنها، ولكن الجميع يدركون أنه وبمجرد أن يلامس قدميه الأرض سيعود للحديث عن العثمانية وأرض الأجداد”.
وأضاف ديبو: “وهناك أمر مهم وهو أن أردوغان الذي جمع ودعم الجماعات الإرهابية والمتطرفة كداعش وغيرها ولا زال يدعمهم، لا يمكنه أن يكون جزء من الحل للمنطقة لأنه أساس الأزمات في الشرق الأوسط”.
“الكرد أكثر الأطراف المهيئة لقيادة المرحلة الديمقراطية لأنهم لم يصابوا بمرض الدول القومية”
وعن رؤيتهم لدور الكرد في مستقبل المنطقة ورؤية الأطراف العالمية لدور الكرد أكد ديبو أن “الكرد اليوم هم أكثر الأطراف المهيئة لقيادة المرحلة الديمقراطي لأنهم الوحيدون الذين لم يمروا بمرحلة الدولة القومية ولم يصابوا بمرض الدولة القومية السلطوية المركزية، فنموذج الدولة القومية في الحقيقة هي مرض عضال ولايمكن معه العيش بسلام وديمقراطية خاصة في الشرق الأوسط متعدد المكونات والطوائف”.
وأضاف: “لذا فإن سبب الاهتمام الواسع من قبل الغرب وأمريكا بالكرد حاليا هو تأكدهم من أن الكرد قادرون على قيادة مرحلة إحلال الديمقراطية في المنطقة، وخاصة بعد النجاح الكبير الذي حققوه على المستوى العسكري عبر التحالف مع قوات سوريا الديمقراطية في هزيمة إرهاب داعش”.
وقال ديبو: “وإننا اليوم نأمل أن لا يُنظر إلى هذا التحالف والشراكة من منطق العسكرتارية فقط، ويجب أن يتحول إلى مرحلة سياسة واستقرار وخاصة فيما يتعلق بدويلة الهول، والتي يجب حلها من قبل المجتمع الدولي”.
“علينا عدم التشبث بقالب الإدارة الذاتية لأنها تقبل التغيير والتطوير”
وختم سيهانوك ديبو حديثه بالقول: “بالنتيجة فالقضية الكردية حان وقت حلها كمبدأ، ولا يمكن لأي جهة القفز فوق الإدارة الذاتية، ولكن علينا ألا نتشبث بقالب الإدارة الذاتية، لأنها مفهوم مجتمعي سياسي يقبل التغيير والتعديل والتطوير للخلاص من العيوب والنواقص التي شهدتها هذه التجربة، ولا يمكن الحل لسوريا بدون الإدارة الذاتية”.
حاوره: لزكين إبراهيم
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.