نورث بالس
أكدت السيدة منى يوسف عضوة منسقية مؤتمر ستار في شمال شرق سوريا أنه يمكن استنتاج قاسم مشترك من حيث الأسباب والأهداف في الجرائم التي ارتكبتها تركيا وفصائلها بحق المرأة السياسية والمنظمة داخل وخارج سوريا.
وقالت: “فمثلاً لو بدأنا بمجزرة باريس التي استهدفت الشهيدة ساكينة جانسز ورفيقاتها، مروراً بمجزرة حلنج في كوباني وجريمة الاغتيال الوحشية بحق الشهيدة هفرين خلف، وحتى الجريمة الأخيرة التي طالت عضوة حزب الشعوب الديمقراطية الشهيدة دنيز بويراز، سنلاحظ أن كل تلك الشهيدات كن يناضلن من أجل هدف مشترك وهو خلق مجتمع حر ديمقراطي تسوده العدالة دون تمييز بين الجنس والعرق والدين والمذهب، وهنا ندرك أن الطرف الذي استهدف تلك المناضلات هو ضد كل تلك الأهداف”.
حديث السيدة منى يوسف عضوة منسقية مؤتمر ستار في شمال شرق سوريا جاء خلال مشاركتها في برنامج (مع صناع القرار) الذي يعرض على قناة روجآفا، وجاء حوارها على الشكل التالي:
“عانيت كامرأة فلسطينية من تهميش النظام القومي ووجدت نفسي في الأمة الديمقراطية”
في جوابها على سبب انضمامها كامرأة عربية من أصول فلسطينية لتنظيم مؤتمر ستار وتبني مشروع الأمة الديمقراطية قالت منى يوسف: “تنظيم مؤتمر ستار هو سقف أو كونفدرالية نسائية تجمع جميع مكونات النساء، وأنا كامرأة فلسطينية عانيت من النظام القومي الذي أعيش فيه، وكنت مهمشة من قبل النظام، ورغم أني امرأة جامعية لم يسمح لي العمل ضمن مؤسسات الدولة باعتبار ليس لدي هوية سورية، ولكن بعد ثورة روجآفا والانفتاح الذي حصل في المكان الذي أعيش فيه واطلاعي على فكر الأمة الديمقراطية رأيت أن هذا المشروع هو حل لجميع مشكلات المنطقة ومن بينها القضية الفلسطينية، لذا شد انتباهي هذا الفكر الفريد من نوعه، وبالرغم من أني امرأة متعلمة وجامعية لكن لم يفسح لي المجال للعب دوري الصحيح في المجتمع ضمن النظام القومي السلطوي، ولكن ضمن الكومين في الجغرافية التي كنت أعيش فيه، استطعت لعب دوري، ولقيت نفسي كامرأة ضمن هذا الفكر الذي طرحة القائد العظيم عبدالله أوجلان والذي ضم جميع النساء وتبنى قضية المرأة عامة”.
“يجب على المرأة أن تكون ذات ثقافة دينة واسعة للتفرقة بين الدين السياسي والأخلاقي”
وفي ردها على مساع تركيا والمجموعات المطرفة إظهار حرية المرأة كأنها مخالف للدين والشرع قال منى: “عندما نتكلم في هذا المجال الديني يجب أن تكون لدى المرأة ثقافة دينية عالية، فالدين هو أخلاق وتسامح وحرية، فعندما تقول تركيا والتنظيمات المطرفة والإرهابية أن حرية المرأة مخالف للدين نراها بالمقابل ترتكب أبشع الانتهاكات بحق المرأة، لذا فن أقوالها لاتقترن بأفعالها، لذا علينا أن نفرق بين الدين السياسي والدين الأخلاقي والإسلام الصحيح، لذا وحتى لا ننجر خلف محاولات تشويه حرية المرأة باسم الدين، يجب أن يكون ثقافتنا واسعة ونتعمق في هذا المجال، لذا نحن ومن خلال مجلس المرأة السورية ننظم المرأة في مجتمع الإسلام الديمقراطي للتعرف بشكل صحيح على الدين ولنشر الدين الصحيح والتفريق بين الدين السياسي والإسلام الحقيقي”.
“التنظيمات النسائية في العالم لم تتمكن من الوصول بالشكل العملي والفعلي للمستويات التي وصلت إليها المرأة في روجآفا”
وحول المكتسبات التي حققتها المرأة في روجآفا قالت منى: “كانت مكتسبات عظيمة وهي الأولى من نوعها في العالم، من حيث المستويات التي وصلت إليها المرأة، فكل التنظيمات النسائية التي كانت تدعو لحرية المرأة وتعمل بهذه القضية لم تتمكن من الوصول بالشكل العملي والفعلي للمستويات التي وصلت إلهيا المرأة في روجآفا، فالمرأة هنا اليوم باتت تشارك الحياة مناصفة وباتت رئيسة مشتركة في كافة الأماكن الإدارية والقيادية الهامة، والمناصفة في الإدارة الذاتية، وهذه مبنية على أسس قوية على أرض الواقع، وباتت تدير العجلة السياسية والاقتصادية وتعبر عن خصوصيتها كامرأة، ولنا خصوصية هنا لأنه يعتمد على الفكر الذي اخذناه من القائد والفيلسوف عبدالله أوجلان”.
“المرأة العربية في المناطق المحررة مؤخراً استفادت من تجربتنا وشكلت لنفسها (تجمع نساء زنوبيا)”
أما عن مدى استفادة المرأة العربية في المناطق المحررة كالرقة ودير الزور وغيرها من تجربة المرأة في رروجآفا قالت منى: “المرأة العربية تعاني أكثر من المرأة في روجآفا والمشكلة أن المرأة العربية تعاني من ذهنية المجتمع وزاد عليها سيطرة داعش وغيرها من تنظيمات على تلك المناطق، والطبيعة الاجتماعية هناك مغايرة عن المرأة في روجآفا التي تتمتع بنوع من الانفتاح، ولكن المرأة العربية استعادت الثقة بنفسها وخاصة بعد قدرة المرأة المقاتلة هزيمة داعش، واستطاعت خلال الأعوام القليلة الماضية تنظيم نفسها أيضاً وشكلت مؤخراً تنظيماً خاصا بها تحت اسم “تجمع نساء زنوبيا” على غرار تنظيم مؤتمر ستار في روجآفا، وقدمنا لهن تجربتنا للاعتماد عليها في تنظيم أنفسهن وحل قضاياهن ومشاكلهن، ونيل حقوقهن عبر هذا التنظيم الذي يجمع كل الأعمال التي تقوم بها المرأة في تلك المناطق المحررة ولتتمكن المرأة عبره وبحسب طبيعة مجتمعها تطوير ذاتها وتنظيمها.
“لازالت بعض النساء في الداخل السوري والمحتلة متشبعات بالذهنية القومية والمتطرفة”
وعن مدى تواصلهن مع النساء في المناطق تحت سيطرة الحكومة السورية والمحتلة من قبل تركيا قالت منى: “ليس لدينا أي تواصل مباشر مع النساء في المناطق الداخلية لسوريا كالتي تحت سيطرة الحكومة السورية أو المحتلة من قبل تركيا ولكن نحاول التواصل بشكل أو بآخر معهن عن طريق ممثلاتنا ضمن مجلس المرأة السورية فهدفنا هو واحد وهو تحرير المرأة وانتشالها من التهميش ووضع المرأة في مواقع القرار، ومجلس المرأة هي التي تنسق وتعمل بشكل أكثر فعالية للتواصل مع النساء في باقي المناطق.
ولكن للأسف لازالت هناك نساء في تلك المناطق متشبعات بالفكر القوموي وينظرن إلينا كتنظيم كردي ويتخذن موقف عنصري منه دون التعرف بتعمق على تنظيمنا، وهناك أخريات وخاصة في المناطق المحتلة من قبل تركيا متشبعات بالفكر المتشدد والمتطرف، وهذه صعب التواصل معهن، وكلن بشكل عام هناك رغبة واضحة من قبل شريحة واسعة للتواصل معنا والاستفادة من تجاربنا.
“زارنا الكثير من الوفود الرسمية الخارجية واندهشوا لما حققناه”
وحول علاقاتهن بالتنظيمات النسائية في الخارج قالت منى: “تقوم لجنة الدبلوماسية او العلاقات في مؤتمر ستار بالتواصل وفتح العلاقات مع التنظيمات النسائية في الخارج، وزارنا الكثير من الشخصيات المستقلة والوفود الرسمية من الدول الأوربية للتعرف على تجربتنا خاصة بعد الصيت الذي ذاع عن ثورة المرأة في روجآفا، وفي الآونة الأخيرة ازدادت الوفود الرسمية التي باتت تزور كل لجنة من لجاننا على حدى للتعرف على أعمالنا بشكل مفصل، وهناك الكثير أبدوا اندهاشهم من هذه التجربة وأنه رغم كل التحديات والظروف الصعبة أن تخطو المرأة خطوات متطورة على كافة المستويات السياسية والعسكرية والثقافية والفكرية. ويريدون الاستفادة من تجاربنا وهناك كاتبات من فرنسا وغيرها ألفن كتب عن تجربتنا وينظمون ندوات للتعرف على أعمالنا”.
“نسعى لتمتين العلاقات مع النساء في الوطن العربي”
وأضافت منى: “نعمل حاليا في التواصل وفتح العلاقات مع التنظيمات النسائية والشخصيات نسائية معروفة في الوطن العربي، وكان هناك وفود تحضر نفسها لزيارتنا بيوم المرأة العالمي، ولكن سياسات الدول ومشاكل الحدود حالت دون وصولهن إلينا”.
“الانتهاكات التركية بحق المرأة تخطت الخطوط الحمر”
وأكدت منى يوسف أن “الانتهاكات بحق المرأة من قبل الدولة التركية تعدت الخطوط الحمر سواء في المناطق المحتلة من قبلها وغيرها من المناطق داخل وخارج سوريا، وعليه أطلقنا حملات موسعة لفضح تلك الجرائم والانتهاكات والتنديد بها، (لا للاحتلال والإبادة معاً نحمي المرأة والحياة” تحت هذا الشعار أطلقنا كافة فعالياتنا ونشاطاتنا للفت أنظار المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية حيال الجرائم والانتهاكات بحق المرأة على يد تركيا وفصائلها”.
“هناك قاسم مشترك بين جرائم تركيا بحق المرأة السياسية والمناضلة”
إذا سلطنا الضوء على الجرائم والاغتيالات التي طالت المرأة المناضلة والسياسية على يد تركيا خلال العقد الأخير، يمكننا استنتاج قاسم مشترك من حيث الأسباب والأهداف، فمثلاً لو بدأنا بمجزرة باريس التي استهدفت الشهيدة ساكينة جانسز ورفيقاتها، مروراً بمجزرة حلنج في كوباني وجريمة الاغتيال الوحشية بحق الشهيدة هفرين خلف، وحتى الجريمة الأخيرة التي طالت عضوة حزب الشعوب الديمقراطية الشهيدة دنيز بويراز وغيرها الكثير من الجرائم بحق المرأة السياسية، سنلاحظ أن كل تلك الشهيدات كن يناضلن من أجل هدف مشترك وهو خلق مجتمع حر ديمقراطي تسوده العدالة دون تمييز بين الجنس والعرق والدين والمذهب، وهنا ندرك أن الطرف الذي استهدف تلك المناضلات هو ضد تلك الأهداف، لأن النظام التركي بقيادة أردوغان قائم على أساس الديكتاتورية والفاشية والإرهاب، وبطبيعة الحال هو يخشى من استلام المرأة زمام الأمور وإدارة المجتمعات وتغيير الواقع السياسي، لذا نرى هذه الوحشية في استهداف المرأة السياسية.
وأردفت منى يوسف: “حتى مسعى أردوغان الأخير للانسحاب من معاهدة إسطنبول لمكافحة العنف ضد المرأة، يأتي في نفس الإطار، أي التنصل من حماية المرأة، بالإضافة إلى مسعاه لإرضاء القوى المطرفة والراديكالية والإرهابية عبر نسف هذه المعاهدة”.
“نسعى لوضع قانون المرأة في دستور سوريا المستقبلي”
وأكدت منى يوسف أنهن يعملن في الوقت الراهن بالتعاون مع مجلس المرأة السورية وعن طريق ممثلاتهن ضمن مجلس سوريا الديمقراطية بوضع قانون المرأة ضمن الدستور السوري الجديد، وقالت: “ننظم لهذا الغرض عدداً من المؤتمرات والندوات”.
وختمت منى يوسف حديثها بالقول: “ورسالتنا لكل النساء أن يكن جسداً واحداً وبخصوصية واحدة ليتمكن من التحرر معاً والوقوف بوجه كافة الانتهاكات التي تتعرض لها المرأة في عموم العالم”.
حاورها: لزكين إبراهيم
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.