هرباً من الظروف المعيشية المتردية…مدنيون ضحايا استغلال المهربين في إدلب
نورث بالس – إدلب
في ظل الغلاء الفاحش بأسعار المعيشة وتردي الأوضاع الاقتصادية وانخفاض قيمة الليرة السورية بشكل كبير، يلجأ الكثير من المدنيين القابعين تحت سيطرة القوات الحكومية إلى الهروب إلى الشمال السوري حيث تسيطر فصائل المعارضة المسلحة، وذلك عن طريق التهريب ما جعل الكثير منهم يقع ضحية استغلال المهربين وجشعهم فضلاً عن الإتاوات التي تفرضها الفصائل عليهم للسماح لهم بدخول مناطقها.
مصادر خاصة أكدت لـ “نورث بالس” بأن عمليات التهريب هذه ازدادت وتيرتها منذ مطلع العام 2020 بعد أن بدأت تظهر ملامح سوء المعيشة ضمن مناطق سيطرة الحكومة السورية ونتائج قانون “قيصر” الذي تسبب بتردي الوضع الاقتصادي لحد كبير”.
وأضاف المصدر، “تجري عمليات التهريب من قبل شبكات تهريب ضمن مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام في إدلب وريفها وضمن مناطق سيطرة الفصائل الموالية لتركيا في ريف حلب الشمالي، حيث يتم تهريب أشخاص وعائلات وعسكريين ومنهم من يفضل استكمال طريقه لتركيا أو إحدى الدول الأوروبية”.
التقت “نورث بالس” بـ “خالد العلي” وهو أحد المهربين في منطقة إدلب، حيث يقول: ” أن الطريقة المتبعة بتهريب المدنيين الراغبين بالخروج من مناطق سيطرة النظام تتمثل أولاً بالتنسيق مع أحد الأشخاص المتعاونين الذين يتمتعون بنفوذ لدى قوات النظام ويستطيع التعامل معهم على الحواجز الأمنية، والذي يقوم بدوره بتمرير المدنيين على الحواجز بعد أن يدفع الرشاوي لها ويوصل المدنيين الراغبين بالخروج إلى أحد المعابر الحدودية التي تربط مناطق سيطرة النظام مع الشمال السوري”.
وتابع: ” ثم يأتي دور المهرب باستلام المدني الهارب أو العائلة من المعبر وتوصيله إلى إحدى البلدات بالشمال السوري بعد ان يدفع إتاوات أيضاً للفصائل، وتتراوح تكلفة التهريب للشخص الواحد ما بين 1500 إلى 2000 دولار أمريكي، ومن لديه قدرة مالية منهم فإنه يفضل الدخول لتركيا عبر طرق التهريب أيضاً ومنها إلى دول أوروبا”.
ويؤكد العلي، أنه وبشكل اسبوعي يتم تهريب ما يقارب خمسة إلى عشرة أشخاص من المعابر التي تربط مناطق سيطرة الحكومة مع مناطق سيطرة “تحرير الشام” في إدلب، وتفرض “تحرير الشام” مبلغ 150 دولار أمريكي كضريبة عن أي شخص يدخل عبر التهريب إلى مناطقها، وكذلك الحال أيضاً ضمن مناطق سيطرة فصائل “الجيش الوطني” في ريف حلب الشمالي.
ويشير العلي، إلى وجود نسبة كبيرة من المدنيين ضمن مناطق سيطرة الحكومة ممن يرغبون بالخروج ويتواصل معه العديد منهم يومياً لكنهم غير قادرين على دفع تكلفة التهريب، وسبب ارتفاعها لهذا الحد هو الإتاوات التي تدفع لحواجز قوات الحكومة وإدارة المعابر التابعة للفصائل.
“أبو سند” (اسم مستعار) لأحد المدنيين من مدينة حماة والذي خرج حديثاً من منطقته عبر طرق التهريب إلى الشمال السوري وتحديداً إلى مدينة إدلب، في شهادته “لنورث بالس” يقول، أنه اضطر للخروج وإخراج أحد أبناءه الذين قاربوا على سن الخدمة الإلزامية ويخشى أن يتم سحبه إلى المعارك فخرج برفقة ابنه وزوجته إلى مدينة إدلب عن طريق أحد المهربين بعد دفع مبلغ 5 آلاف دولار أمريكي”.
ويضيف، أنه اضطر لبيع منزل والده المتوفى حتى تمكن من دفع تكلفة الهروب، وقد واجه صعوبة بالغة أثناء الهروب فضلاً عن الخوف من إلقاء القبض عليه على أحد الحواجز، ويقطن حالياً في منزل أحد أقارب زوجته في مدينة إدلب وينوي مغادرة المنطقة قريباً والسفر إلى تركيا ومنها إلى مصر حيث يعيش هناك بعض أقاربه
وعن الأوضاع المعيشية في مدينة حماة الواقعة تحت سيطرة القوات الحكومية يوضح “أبو سند” بأن المعيشة أصبحت لا تطاق، غلاء كبير بالأسعار حيث أصبحت العائلة المؤلفة من خمسة أفراد تحتاج شهرياً لأكثر من 300 ألف ليرة سورية على أقل تقدير، بينما راتب الموظف لا يتعدى 100 ألف، جميع المواد الغذائية والتموينية والخدمات والعلاج باتت أسعارها مرتفعة ، دون وجود تحسن قريب في ظل عجز الحكومة عن تحسين الواقع المعيشي.
ويؤكد، أن الكثير من العائلات في مدينة حماة وغيرهل ممن يعرفها بشكل شخصي ترغب بمغادرة المنطقة للخلاص من الوضع المعيشي المزري لكن الضائقة المادية هي من تمنعهم ومنهم من يلجأ لبيع ممتلكاته لتأمين تكلفة التهريب.
يجدر الذكر أن مناطق سيطرة الحكومة تشهد انهياراً اقتصادياً كبيراً وغلاء في الأسعار يقابله انخفاض في رواتب الموظفين وأجور العمال في ظل عدم وجود اجراءات حكومية جادة في تحسين الواقع المعيشي للمدنيين ما يضطرهم للمغادرة بحثاً عن فرص عمل لتحسين ظروفهم.
إعداد: أيمن العبد الرزاق
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.