إدلب / نورث بالس
لم توفر “هيئة تحرير الشام” ( جبهة النصرة سابقاً) جهداً في هيمنتها وتضييقها على عمل المنظمات الإنسانية والمؤسسات الخيرية العاملة ضمن مناطق نفوذها في إدلب وريفها، من إعطاء الأوامر والتوجيهات وفرض الضرائب والأتاوات إلى استغلالها لهذه المنظمات في الحصول على المزيد من الأموال بواسطة جناحها المدني والسياسي “حكومة الإنقاذ”
تفيد معلومات مؤكدة وصلت عبر “مصادر خاصة” لـ”نورث بالس” بأن “تحرير الشام” تفرض نسبة 10 إلى 15 بالمئة كحصة خاصة لها عن جميع كميات المساعدات التي تقدمها المنظمات الإنسانية والمؤسسات الخيرية، وتشمل جميع أنواع المساعدات من أغذية وأدوية ومساعدات لوجستية للمخيمات، كما تفرض أيضاً ذات النسبة على المساعدات الصغيرة التي تأتي من متبرعين بشكل فردي.
كما وأكدت المصادر أن هناك عمليات نهب بكميات كبيرة تحصل عند دخول قوافل المساعدات عبر معبر “باب الهوى” حيث يتم تفريغ حمولة الكثير منها ونهبها داخل مكان يطلق عليه “المعمل الأزرق” فضلاً عن إجبار المنظمات العمل بتنسيق كامل مع ما تعرف باسم “إدارة شؤون المهجرين” التابعة “لحكومة الإنقاذ” وهي من تشرف على توزيع الدعم سواء كان لمخيمات النزوح أو للمنشئات الطبية والخدمية والتعليمية، ضمن سياسة محسوبيات وفساد إداري كبير ضمن صفوف موظفي هذه الإدارة، ولم يتوقف الأمر عند ذلك الحد فقط، بل وصل لإنشاء مخيمات وهمية وخالية من النازحين إلا من بعض عوائل عناصر تابعين “لتحرير الشام” وذلك بهدف إجبار المنظمات على تخصيص دعم لها، وقد تم رصد إنشاء نحو 30 مخيماً وهمياً في منطقة “كفرلوسين” في ريف إدلب الشمالي.
وأشارت المصادر، أنه يلاحظ على قيادات عسكريين ومسؤولين تابعين “لتحرير الشام” وحكومتها الإنقاذ، وجود ثروات طائلة بأيديهم ومن أبرز هذه الشخصيات المدعو” أبو عبد الرحمن الزبة” مدير شركة “وتد للبترول” والتي تتفرد بقطاع المحروقات، إذ يبلغ مدخوله الشهري بحسب المعلومات نحو 30 ألف دولار أمريكي، ويمتلك الكثير من العقارات، كما يمتلك ابنه “عبد الرحمن” منزل يبلغ قيمته نحو 100 ألف دولار في منطقة سرمدا شمال إدلب، فضلاً عن امتلاكه عدة سيارات ويدخل تركيا عدة مرات شهرياً بكل سهولة ودون تعقيدات.
“لؤي أبو شكيب” وهو عامل سابق في المجال الإنساني في الشمال السوري يتحدث في شهادته لـ”نورث بالس” قائلاً: إن “تحرير الشام” تشرف عبر حكومتها “الإنقاذ” على جميع المشاريع التي تقام ضمن مناطق نفوذها وهي من تملك حق تحديد المستفيدين من المشاريع الإنسانية، فضلاً عن المبالغ الضخمة التي تأخذها عن كل مشروع كضريبة مقتطعة، وتشكل هذه الهيمنة عائقاً كبيراً أمام عمل المنظمات بشكل عام.
مضيفاً، وتضيق “تحرير الشام” على موظفي المنظمات أيضاً وتتدخل أحياناً في أشياء خصوصية للموظفين، ما يثير استياءهم بشكل كبير، فضلاً عن الكثير من التجاوزات بحق موظفي المنظمات الإنسانية التي حدثت خلال السنوات الفائتة من اعتقال تعسفي وتعدي بالضرب وغيرها من التجاوزات والانتهاكات التي يقوم بها العناصر على الحواجز المنتشرة في جميع مناطق سيطرة “تحرير الشام”.
بدوره يؤكد الصحفي “خالد العمر” ( اسم مستعار) أن معظم قياديي الصف الأول والثاني في “تحرير الشام” يقتاتون على المنظمات الإنسانية جراء سرقتها واجبارها على دفع الأتاوات والضرائب، ويوجد الكثير منهم من يتنعم بممتلكات كثيرة، ومن أبرز هؤلاء ” أبو أحمد حدود” صاحب السمعة السيئة في المنطقة والذي يعد من أصحاب رؤوس الأموال إذ يملك الكثير من العقارات ومكاتب السيارات في عدة مدن وبلدات رئيسية في إدلب مثل سرمدا والدانا.
ويشير العمر، إلى أن الأتاوات والضرائب التي تفرضها “تحرير الشام” تذهب لجيوب القياديين ولا تعود بالفائدة على المنطقة، ومن جملة هذه الأتاوات هو ما يعرف بمكتب الزكاة الذي يفرض على جميع أصحاب التجارة والزراعة والحرف دفع أتاوات وتجمع مبالغ ضخمة شهرياً خصوصاً في أوقات المواسم الزراعية، وتذهب لجيوب القياديين ومتزعمي “تحرير الشام” وتشكل الضرائب المفروضة على المنظمات الإنسانية مصدر تمويل كبير جداً “لتحرير الشام” وحكومتها ” الإنقاذ”
ويجدر الذكر أن ما يقارب 90 منظمة إنسانية تعمل في مناطق سيطرة “تحرير الشام” في إدلب وريفها ومن أبرزها منظمات” IHH التركية وبنفسج وإحسان للإغاثة والتنمية وسيرياريليف وآفاد وغيرها الكثير، وغالبية هذه المنظمات مرخصة في تركيا ويوجد لها مكاتب وتتلقى دعماً من الإتحاد الأوروبي ودعم تركي وخليجي.
إعداد: أيمن العبد الرزاق
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.