غصب شعبي بإدلب لافتتاح “تحرير الشام” معبر مع دمشق
نورث بالس – إدلب
تشهد مناطق سيطرة “هيئة تحرير الشام” في إدلب وريفها حالة من الاحتقان والغضب الشعبي نتيجة افتتاحها لمعبر مع مناطق سيطرة حكومة دمشق وإدخال شاحنات المساعدات الإنسانية من خلاله، في الوقت الذي تمنع فيه الهيئة دخول العديد من أنواع الخضار والمواد الغذائية القادمة من مناطق سيطرة الفصائل الموالية لتركيا.
“معبر ميزناز” الفاصل بين مناطق سيطرة “تحرير الشام” في ريف إدلب ومناطق سيطرة قوات حكومة دمشق في ريف حلب الغربي، شهد دخول أولى ثلاث شاحنات محملة بالمساعدات الإنسانية القادمة من مناطق سيطرة القوات الحكومية، وذلك يوم الإثنين 30 آب/ أغسطس الفائت، ثم تلاها العديد من الشاحنات وتستمر حركة دخول السيارات من وإلى مناطق سيطرة “تحرير الشام” دون أي عوائق وبتنسيق كامل بين الطرفين.
في المقابل تستمر تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) بمنع المدنيين من إدخال مؤونتهم من الخضار مثل الفليفلة والملوخية والبصل والثوم عبر معبر” الغزاوية” الفاصل بين مناطق سيطرتها ومناطق سيطرة فصائل “الجيش الوطني” المدعوم من تركيا.
هذا الفعل تسبب بحالة من الاستياء والغضب بين أوساط المدنيين متهمين “الهيئة” بمحاولتها إنعاش أزمة دمشق الاقتصادية، ويتخوفون من منح المجتمع الدولي الثقة لدمشق لتكون محطة استقبال المساعدات الأممية وتوزيعها في سوريا، وعبر الكثير من المدنيين ممن قابلتهم شبكة “نورث بالس” عن غضبهم ومعارضتهم للخطوة التي أقدمت عليها “تحرير الشام.”
” سعد قدور” نازح من مدينة معرة النعمان في ريف إدلب الجنوبي ويقطن في أحد مخيمات منطقة حربنوش في ريف إدلب الشمالي، في شهادته لـ”نورث بالس” يقول، “في الوقت الذي نموت فيه جوعاً بعد سنوات عديدة من النزوح نتفاجأ بفتح معبر لإنعاش النظام الذي هجرنا وقتل أطفالنا تحت وطأة الطيران، فهذه خيانة واضحة من قبل “تحرير الشام” لكل تضحيات المدنيين وتجاوز لا بد أن يوضع له الحد”.
مضيفاً، “على تحرير الشام أن ترجع عن هذا الفعل وتغلق المعبر بشكل فوري، وإلا سيكون هناك ثورة جديدة ضدها في إدلب التي ينحصر فيها أكثر من أربعة ملايين نسمة وقد أرهقهم ارتفاع الأسعار وانعدام فرص العمل وشح الدعم. تحرير الشام شريكة مع النظام في نزوحنا فهي من سلمته المناطق على طبق من ذهب وانسحبت منها”.
ويشير القدور، إلى تجهيزات شعبية قادمة لمظاهرات ستعم جميع مناطق إدلب وريفها احتجاجا على فتح معبر مع حكومة دمشق، الذي سيدخله آلاف الدولارات يومياً إذا ما تمت عمليات تهريب وتبادل تجاري بينه وبين “تحرير الشام” وأن استمرار افتتاح معبر “ميزناز” “خيانة لدماء الشهداء” ونسف لجهود النشطاء “الثوريين”، ففي آخر حملة تهجير في العام 2019 تم تهجير أكثر من مليون نسمة.
ويؤكد أخيرا، على رفض جميع المدنيين ولاسيما سكان المخيمات من النازحين لافتتاح المعبر، وأنهم يفضلون الموت جوعاً على أن يتلقوا مساعدات إنسانية من دمشق التي هجرتهم ودمرت منازلهم وأحلامهم.
السيدة” سهيلة العباس” وهي نازحة أيضاً من بلدة كفرزيتا في ريف حماة الشمالي وتقطن في أحد مخيمات دير حسان ومدرسة لغة “إنكليزية”، تتحدث عن رأيها في افتتاح المعبر لـ”نورث بالس” قائلة: “أصبحنا كل يوم نتفاجأ أكثر وأكثر بما تسمى تحرير الشام والأجدر تسميتها بتدمير وليس تحرير، فهي بهذه الأفعال تثبت لنا تعاملها مع النظام بشكل واضح”.
وتشدد على ضرورة وقوف الجميع ضد استمرار فتح المعبر، وأن استمرارها يعني شرعنة لحكومة دمشق دولياً وإظهارها بأنها تستحق التقدير، كونها تراعي إدخال المساعدات لمناطق معارضيه، لكن الحقيقة أنها تقاطع مصالح فقط لا غير.
وتؤكد ختاماً، على أن “تحرير الشام” تسعى جاهدة لتجويع المدنيين ضمن مناطق سيطرتها وإذلالهم وفرض قبضة أمنية مشددة عليهم بينما تساعد في إنعاش حكومة دمشق وتمنع دخول أي مواد من مناطق أخرى سواء مناطق قوات سوريا الديمقراطية أو مناطق الفصائل الموالية لتركيا، فهذا شيء جديد ويحتاج لإيضاح من جانبها.
بدورها بررت ما تسمى “حكومة الإنقاذ” التابعة “لتحرير الشام” افتتاح المعبر ودخول الشاحنات، بأنه بناءاً على تنسيق مع مكتب الشؤون الإنسانية في مدينة غازي عينتاب التركية لنقل 12 ألف حصة غذائية من مدينة حلب إلى مدينة إدلب ضمن برنامج “الغذاء العالمي” ونفت أن يكون المعبر بديل عن باقي المعابر أو محاولة لشرعنة حكومة دمشق، وجاء ذلك في بيان نشرته “الإنقاذ” بتاريخ 1 أيلول/ سبتمبر الجاري.
وتسيطر “تحرير الشام” إلى جانب بعض الجماعات الجهادية الأخرى وفصائل مدعومة من تركيا على أجزاء واسعة من إدلب وريفها وأجزاء أخرى من أرياف حلب وحماة واللاذقية وينتشر في هذه المناطق مئات المخيمات التي تضم آلاف النازحين والمهجرين من عدة محافظات سورية.
إعداد: أيمن العبد الرزاق
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.