بوتين وأردوغان يجتمعان في سوتشي للبحث عن توازنات جديدة حول سورية
نورث بالس
تستضيف مدينة سوتشي الروسية اليوم الأربعاء أول لقاء حضوري بين الرئيس فلاديمير بوتين ونظيره التركي رجب طيب أردوغان منذ مارس عام 2020.
وأكدت الرئاسة الروسية (الكرملين) أن أجندة محادثات اليوم ستشمل مناقشة مختلف المسائل المتعلقة بالتعاون بين موسكو وأنقرة في المجالات السياسية والتجارية والاقتصادية، بالإضافة إلى تبادل الآراء بشكل مفصل إزاء ملفات دولية ملحة، منها التطورات في سوريا وليبيا وأفغانستان وجنوب القوقاز.
وتأتي هذه القمة في وقت تبادل مسؤولو البلدين، عبر تصريحاتهم الإعلامية، الاتهامات بفشل كل من الطرفين في تطبيق التفاهمات في ما بينهما، وخاصة المتعلقة بإدلب، حيث بدأت سلسلة التصريحات بكلام وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، عن عدم إيفاء أنقرة بتعهداتها بمكافحة المتطرفين في إدلب.
ومن المقرر أن تجري المحادثات وراء أبواب مغلقة باستثناء “البروتوكول”، دون أن يدلي الزعيمان بتصريحات للصحفيين في أعقابها.
ومن المتوقع أن تتركز المحادثات على مستجدات الوضع في سوريا، على خلفية تصعيد التوترات حول محافظة إدلب ومدينة عفرين، وسط أنباء عن شن سلاح الجو الروسي غارات على تنظيمات مسلحة موالية لأنقرة هناك مؤخرا.
وكان أردوغان قد أكد أن لقاءه مع بوتين سيعقد “وجها لوجه” دون حضور أي مسؤولين آخرين، ومن المتوقع أن يتمخض عن “قرار هام” بالنسبة للعلاقات الدولية.
بدوره، ذكّر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مؤخرا، في تصريحات أدلى بها على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، أنقرة بتعهداتها بمحاربة الإرهابيين في إدلب والفصل بينهم والمعارضة المسلحة، مؤكدا أن تطبيق هذا الوعد يتعثر، وأن بوتين سيبحث هذه المسألة مع أردوغان في سوتشي.
وتجدر الإشارة إلى أن محادثات اليوم تأتي بعد أسبوعين من زيارة الرئيس السوري بشار الأسد إلى موسكو، وأول لقاء حضوري مع زعيم أجنبي يعقده بوتين منذ دخوله العزل الصحي بسبب رصد إصابات بفيروس كورونا في محيطه.
وبحسب مصادر إخبارية نقلا مصادر تركية مطلعة أن “اللقاء الثنائي يحمل في طياته محاولة من أردوغان لعقد اتفاقات طويلة الأمد، ويعول لعقد هذه الاتفاقات على الصداقة التي تربطه بالرئيس بوتين، كما سيحاول تأسيس الثقة على الساحة السورية، بعد التراجع الحاصل، خاصة أن الملف السوري بات أيضاً ملفاً ضاغطاً على الصعيد الداخلي التركي، ولذلك ربما يكون هناك توافق على آليات جديدة لتطبيق التفاهمات، من خلال تسيير الدوريات وفتح الطريق الدولية إم4 بين حلب واللاذقية”.
وأمام هذا الواقع الجديد في المنطقة، باتت القمة مهمة على الصعيد السوري، حيث أكد وزير الخارجية مولود جاووش أوغلو في تصريح له أن الملف الأساسي سيكون سورية، وسيتم التطرّق لمواضيع أخرى، وربما تتبع القمة لقاءات على مستوى الوزراء المعنيين في الفترة اللاحقة.
ومن جانبه قال المختص بالشؤون التركية، علي باكير، قال في حديث لـوسائل إعلام، في ما يخص القمة: “هناك حالة من التوتر المتصاعد في إدلب، نتيجة للضغط المتزايد لروسيا هناك، لذلك أعتقد أن القمة مهمة بشكل أساسي لمحاولة تجنب اندلاع معركة مشابهة للمعركة التي شنتها تركيا ضد نظام الأسد في بداية العام 2020”.
وأضاف: “التقارب وارد كما هي الحال بالنسبة إلى التباعد، التوازنات تحكمها الوقائع على الأرض، وموقف الولايات المتحدة بشكل أساسي، فإن قامت أميركا بالانفتاح على تركيا فقد يؤدي ذلك إلى تنافر تركي-روسي، والعكس بالعكس كما أثبتت التجربة، ولكن حتى الآن، لا يبدو أن الأميركيين يستجيبون بالشكل الذي يريده الأتراك”.
من ناحيته، قال الصحافي أورهان تشليك، للمصدر ذاته: “هذه القمة مهمة على الصعيد السوري، وعلى صعيد العلاقات بين البلدين ومستقبلها، خاصة أن ثمة ثقة بين الزعيمين على المستوى الشخصي، وعملا مع بعضهما لحل هذه المشكلات، ولا يمكن أن يبحثا عن بديل لهما في ظل فهم بعضهما البعض”.
وأضاف: “من المؤكد أن الزعيمين سيعملان على التوصل لتفاهمات، خاصة أن المنطقة تشهد متغيرات تتطلب بشكل طبيعي تغيراً في المواقف، وسيعمل الزعيمان على تأسيس علاقة الثقة فيما بينهما، وهنا لا بد من الإشارة إلى إمكانية عقد اتفاقات شاملة وتقديم خطة عمل، ربما تتضمن تنازلات متبادلة لحل الملف السوري، بالتوازن مع بقية الملفات الإقليمية”.
وختم بالقول إن “صفقة الصواريخ الروسية إس400 الثانية مرتبطة بالصفقة الأولى، وتشمل نقلاً للتكنولوجيا، ولا تريد تركيا التصعيد مع أميركا ولا خسارة روسيا، وبالتالي فإن أردوغان في موقف لا يحسد عليه، ومطلوب منه بذل جهود كبيرة للتوصل إلى توافقات”.
وتتعاون روسيا وتركيا في ملف التسوية السورية ضمن منصتي أستانا (التي تشمل أيضا إيران) والدوحة (بمشاركة قطر).
المصدر: وكالات
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.