في انتظار لقاء بوتين وأردوغان …تطورات متسارعة تشهدها الساحة العسكرية في الشمال السوري
أيمن عبدالرزاق – نورث بالس
شهدت مناطق الشمال السوري وخاصة ريفي إدلب وعفرين، خلال الأيام الماضية تطورات عسكرية تنبئ بمصير مجهول ينتظر المنطقة، في ظل استمرار الخروقات للتهدئة المبرمة بين بوتين وأردوغان العام الفائت.
وتشير عدة وقائع وأحداث إلى وجود مخطط روسي لبدء حملة عسكرية للسيطرة على هذه المناطق ، كان آخر هذه الأحداث القصف المتكرر للمقاتلات الحربية الروسية على قرى ريف عفرين الجنوبي خلال الأيام الماضية، وهي مناطق نفوذ تركي كانت مستبعدة من قصف الطيران الحربي الروسي سابقاً ، حيث شنت المقاتلات الحربية الروسية في الـ 31 من آب /أغسطس الفائت في حادثة هي الأولى من نوعها عدة غارات جوية استهدفت محيط قرية “إسكان” الواقعة قرب بلدة الغزاوية بريف مدينة عفرين، القصف استهدف معسكراً لـ ”القوات الخاصة” في فصيل “فيلق الشام” وهو من الفصيل الأكثر قرباً من تركيا ، كما شنّت الطائرات الحربية الروسية يوم السبت 25 أيلول/سبتمبر الجاري ، ثلاث غارات جوية بالصواريخ بين قريتي “جلبل وبصلحايا” جنوب شرقي مدينة عفرين مما أسفر عن مقتل 4 عناصر و جرح 11 آخرين من عناصر الفصائل العسكرية الموالية لتركيا ،كما استهدفت المقاتلات الحربية الروسية في الـ 26 أيلول/سبتمبر الجاري معسكراً لفرقة “الحمزة” في قرية “براد” في ريف عفرين .
وترافقت هذه الغارات مع غارات جوية أخرى استهدفت العديد من مناطق ريف إدلب الجنوبي، الغارات التي استهدفت إدلب يمكن أن يفسرها البعض بأن ” هيئة تحرير الشام” مدرجة على لوائح الإرهاب في كل من روسيا وأمريكا، ولكن التفسير الاقرب للواقع لقصف المقاتلات الروسية للفصائل العسكرية الموالية لتركيا هو قرب عمل عسكري لروسيا على مناطق تواجد هذه الفصائل.
ويرى مراقبون أن روسيا استغلت ضعف الموقف الأمريكي وغضب واشنطن على أنقرة الذي تمثل برفض الرئيس الأمريكي جو بايدن مقابلة نظيره التركي خلال زيارة الأخير إلى أمريكا لحضور اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، وتسعى روسيا لكسب الوقت وتحقيق مكاسب على الأرض في ظل الوضع الراهن.
ومن المرجح أن العملية العسكرية المرتقبة تهدف للسيطرة على ما تبقى من قرى في ريف اللاذقية الشمالي، والريف الجنوبي لإدلب وخاصة القرى والبلدات جنوب طريق الـ M4 حتى الوصول إلى مركز المدينة، بالإضافة إلى مناطق ريف حلب الغربي والشمالي الغربي وصولاً إلى نهر عفرين شمالاً، أي أنها ستبقي في ريف إدلب على شريط حدودي يضم المخيمات واللاجئين فقط، وبعض القرى والبلدات القريبة من الحدود التركية السورية.
ويبدو أن روسيا تعمل عادة على زيادة وتيرة القصف الجوي والتحشيدات العسكرية قبيل كل زيارة لأردوغان إلى موسكو من أجل تحقيق مكاسب على الأرض، لكن هذه المرة يبدو الواقع مختلفاً من خلال استهدافها لفصائل تدعمها وتشرف عليها تركيا بنفسها.
وحول اللقاء المرتقب بين الرئيسين قال المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، إن البحث سوف يتركز على الوضع في إدلب السورية، مع التطرق إلى رزمة واسعة من الملفات التي يتعاون فيها الطرفان.
وأضاف “بيسكوف”، إن “الوضع في إدلب ما زال غير مقبول وخطير، وأنه يعرقل عملية التسوية في سوريا؛ والأرجح أن يكون كل ذلك ضمن أجندة النقاش”.
من جانبه اتهم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، تركيا بعدم تنفيذ اتفاق إدلب، المبرَم بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان،
وأن تركيا لم تتمكن من استكمال تنفيذ الاتفاقيات الخاصة بفصل المعارضة عن “الإرهابيين” في إدلب.
ويتوقع محللون سياسيون أن عملية مقايضة جديدة سوف تجري بين الطرفين على غرار اللقاءات السابقة بين الرئيسين، وعلى الأرجح ستكون منطقة تل رفعت على قائمة الأهداف بالنسبة للمعارضة وتركيا”، على حساب مناطق ريف إدلب الجنوبي وبعض القرى والبلدات في ريفي حلب الغربي واللاذقية الشمالي.
من جانبها تستقدم الحكومة السورية تعزيزات عسكرية مستمرة إلى مناطق الشمال السوري، وتشهد مناطق التماس مع المعارضة تحركات ومستمرة، وتأتي هذه التعزيزات مع حالة الاستقرار التي تعيشها درعا وبعض بلداتها، بعد عقد عدة اتفاقيات بينها وبين الحكومة السورية برعاية روسية، الأمر الذي سمح بنقل أعداد كبيرة من الوحدات العسكرية إلى الشمال السوري.
ويرى مراقبون أن الحملة العسكرية إن بدأت ستكون العملية الأكبر من نوعها، وأن هذه العملية ستكون حاسمة ومصيرية بالنسبة لطرفي النزاع، كما من المتوقع أن تقاوم ” هيئة تحرير الشام” بكل ما أوتيت من قوة كونها ستكون المعركة الأخيرة، وكون “هيئة تحرير الشام” ، تعلم أنها المستهدف الأول من هذه الحملة، فيما لا يستطيع أحد التكهن بموقف الفصائل العسكرية الموالية لتركيا، التي سوف تنتظر الأوامر من أنقرة، وذلك حسب مخرجات لقاء الرئيسين.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.