تقرير حقوقي: ميليشيات “السلطان مراد” و”المعتصم” ينهبون المنطقة الصناعيّة في رأس العين/ سري كانيه
صدر يوم الثلاثاء 6/10/2021 تقريراً مشتركاً ما بين ثلاث مؤسسات حقوقيّة هي: “بيل – الأمواج المدنيّة” و”رابطة تآزر” و”سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” تضمن أدلة تثبت تورط الميليشيات الإخوانيّة المنضوية فيما يسمى “الجيش الوطنيّ”، والتابعة للاحتلال التركيّ، بعمليات نهب وسلب واسعة النطاق للممتلكات في منطقة رأس العين/سري كانيه عقب العدوان العسكريّ على منطقة رأس العين/ سري كانيه فيما يسمى عملية “نبع السلام”.
وذكر التقرير أنّه بعد سيطرتها على المنطقة الممتدة ما بين رأس العين/سري كانيه وتل أبيض خلال عملية “نبع السلام” التركيّة، التي بدأت في 9 تشرين الأول/أكتوبر 2020، نفذت ميليشيات عسكريّة تابعة لما يسمى الجيش الوطني السوريّ عمليات نهب وسلب واسعة، طالت أملاكاً عامة وخاصة، من بينها محتويات المحلات والورشات والمستودعات التي تقع في المنطقة الصناعية في رأس العين/سري كانيه، والتي تحتوي على أكثر من 220 محل وورشة صناعيّة، وقد قدّر الأصحاب الأصليين للممتلكات قيمة المواد المنهوبة بملايين الدولارات.
عمليات بيع إلى جهات متعددة
تمّت إعادةُ بيع جزء بسيط جداً من المواد المنهوبة والمسروقة من المنطقة الصناعيّة من قبل مسلحي الميليشيات إلى أصحابها الأصليين، بينما قامت تلك المجموعات المسلّحة المدعومة من تركيا ببيع وصهر جزء آخر من المسروقات والاتجار بها لصالح تجار سوريين محليين وأتراك (قدموا من تركيا).
استولت ميليشيا “السلطان مراد” التي يتزعمها المدعو “فهيم عيسى” على محلات المنطقة الصناعيّة بشكل أساسيّ، ثمّ نهب مسلحو الميليشيا وسرقوا واستولوا على محتوياتها بالكامل. وأكّدت شهادات أخرى أنّ ميليشيا “فرقة المعتصم” التي يتزعمها المدعو “معتصم عباس”، متورطة أيضاً بعمليات النهب والسرقة. وتمّت تلك العمليات جميعها دون ان يتخذ الجيش التركيّ أيّ خطوات لمنع تلك الانتهاكات رغم وجوده الكبير بالمنطقة.
إضافة إلى ذلك، قامت ميليشيات أخرى موجودة في المنطقة الممتدة ما بين مدينة تل أبيض ورأس العين/سري كانيه ميليشيا (لواء صقور الشمال – تجمع أحرار الشرقية) بنهب وسلب أملاك عامة من أجل استخراج “مادة النحاس”، وقد تسبب ذلك بتخريب شبكتي الكهرباء والرّي والإضرار بالعديد من المباني والأراضي الزراعية.
تضمن التقرير عدداً كبيراً من الشهادات التي جمعها الباحثون الميدانيون لدى الشركاء الثلاثة الذين عملوا على هذا التقرير (منظمة بيل/الأمواج المدنية وسوريون من أجل الحقيقة والعدالة ورابطة تآزر) لضحايا الاجتياح العسكري التركيّ لشمال شرق سوريا)، عن تورط المجلس المحليّ لمدينة رأس العين، التابع لما يسمى لحكومة السورية المؤقتة (الائتلاف السوري المعارض)، في عملية تسهيل نهب وبيع المعادن المنهوبة، مقابل مبالغ ماليّة.
البيع إلى تجار أتراك بعلم والي أورفا
وذكر التقرير، أنّ مصدراً محليّاً مطلعاً بشكل كبير على عمليات “بيع الحديد” كشف لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، أنّ عمليات البيع تلك فيما يسمى “منطقة نبع السلام”، حدثت بعلم من والي شانلي أورفا، وبتنسيق منه، ما بين التجّار الأتراك وميليشيات “السلطان مراد والحمزة”، وعملية الاستيراد هذه، تمنعها السلطات التركية عادة، لتجنّب المنافسة مع المنتجات المحلّية التركيّة، حيث تأتي المواد الخام المسروقة من سوريا بسعر أقل من السعر المتعارف عليه في السوق التركيّة.
وعلمت “سوريون” أنّ جزءاً من المواد المنهوبة تم بيعها للحكومة السورية عبر “الفرقة الرابعة”، وبواسطة تجار آخرين من دمشق، بالتنسيق مع أحرار الشرقية وجيش الشرقية، وخرجت المواد المنهوبة من “معبر تفاحة” بعد حوالي ثلاث أشهر من عملية نبع السلام، باتجاه معامل “حمشو”.
خرق للاتفاقات والقوانين الدوليّة
تعزز النتائج التي وصل إليها الشركاء الثلاث في هذا التقرير، ما توصلت إليه لجنة التحقيق الدولية المستقلة حول سوريا، في تقريرها الذي نُشر بتاريخ 14 آب 2020 (A/HRC/45/31)، والذي أكّد وجود عمليات نهب واستيلاء على الممتلكاتِ بطريقة منظمة وواسعة النطاق في منطقة رأس العين/سري كانيه. (ب – الفقرة 49).
تخرق الأفعال الواردة في هذا التقارير مجموعة من قوانين الحرب، إضافة إلى بنود عديدة من “الاتفاق التاريخي” بين الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا حول وقف إطلاق النار عقب الغزو التركي لشمال شرق سوريا، منها البند الرابع الذي نصّ على حماية المجتمعات الدينية والعرقية وتعهّد تركيا بعد إلحاق الضرر بالمدنيين وضمان سلامة ورفاه المقيمين في جميع المراكز السكانية (البند السابع).
إنّ الشهادات الواردة في هذا التقرير تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك، أنّ تركيا لم تلتزم بالتعهدات التي وقعتها في الاتفاقية مع الولايات المتحدة، بل غضّت النظر وقامت أحياناً بأفعال يمكن أن ترقى إلى جرائم حرب وربّما جرائم ضد الإنسانية.
يطالب الشركاء الثلاثة الولايات المتحدة الأمريكية، بتوسيع نطاق العقوبات التي فرضتها على فصيل “أحرار الشرقية” السوري المعارض خلال شهر تموز/يوليو 2021، بحيث تشمل الكيانين العسكريين (فصيل السلطان مراد وفرقة المعتصم) وقياداتهم العسكرية إضافة إلى المجلس المحلي لمدينة رأس العين بسبب تورطهم في أعمال نهب وسلب واسعة النطاق بحق ممتلكات المدنيين (وخاصة من الكُرد السوريين) في منطقة رأس العين/سري كانيه.
وكان المركز السوري للعدالة المساءلة قد اعتبر أنّ فرض العقوبات الأميركية على فصيل “أحرار الشرقية” المسلح المدعوم من تركيا خطوة إلى الأمام في حماية حقوق الإنسان في شمال سوريا. مطالباً بتوسيع العقوبات وفقاً لذلك لتشمل الجماعات المسلحة الأخرى التي ترتكب الانتهاكات في المنطقة دون عقاب، بما في ذلك فصائل الجيش الوطني السوري مثل لواء السلطان سليمان شاه. وينبغي أن تقترن هذه العقوبات بضغط دبلوماسي لمقاومة محاولات تطبيع الاحتلال التركي لشمال غرب سوريا.
شهادات من المواطنين
الشاهد محمود علي (35 عاماً)» المقيم في الحسكة. كان عاملاً بالمنطقة الصناعية في رأس العين وعاد إليها بعد أقل ن شهر على احتلالها، لتفقد محله وممتلكاته. ووجد أنّ المسلحين قد أفرغوا محله وسرقوا منه كافة ا لمواد والمعدات، وكان مسلحو ميليشيا “السلطان مراد” يتمركزون بالمنطقة الصناعيّة ولا يسمحون لأحد بالاقتراب منها لأنهم كانوا قد جمعوا قسماً من المواد والمعادن التي سرقوها هناك”. وعلى مرأى منه باع المدعو “حمزة شاكر” المتزعم في ميليشيا “السلطان مراد” وجماعته. أطناناً من المعادن وحديد البناء والخردوات المنهوبة جمعوها في ساحة مؤسسة الإسمنت/الجمارك سابقاً، إلى تجارٍ أتراك يتحدثون العربية بصعوبة جاؤوا برفقة شاحنات كبيرة ورافعات من أجل تحميل المعادن وحديد البناء والخردوات المنهوبة ونقلها إلى تركيا
وأشار الشاهد أنّه قد شهد عملية تخزين جزء من المعادن والمعدات المنهوبة في العراء وتم بيعها مبلغ بخس مقارنة بقيمتها الحقيقيّة (بعد أن تم نهبها أثناء غياب مالكيها). وقام متزعمون من ميليشيا “السلطان مراد” منهم “حمزة شاكر” و “الجحيشي” ببيع الخردوات والمعادن المنهوبة إلى تجار أتراك، ومن ضمن المعدات المنهوبة قطع تبديل محركات وكوليات فرامل السيارات والآليات.
مسلحون من ميليشيا “السلطان مراد” وتحديداً كتيبة “ميماتي باش” ويتزعمها “أبو البراء” و”أبو الموت”، حوّلوا الثانوية الصناعيّة بجانب الفرن الآليّ إلى موقع لتجميع وتخزين المعادن والخردوات.
المواطن إدريس الأحمد تعرض للاعتقال من قبل مسلحي ميليشيا “السلطان مراد” لعدة أيام، وشهد على تجميع أطنان من المعدات الصناعيّة والمعادن في الثانوية الصناعيّة التي سُجن فيها، وأفاد بأنّ مسلحي الميليشيا حوّلوا قسماً من المدرسة إلى سجن احتجز فيه وتعرض مع آخرين للتعذيب، واستخدموا القسم الآخر إلى موقع لتجميع المعادن وصهرها بهدف بيعها لاحقاً”.
كما جاء في الشهادات أنّ تاجراً ينحدر من السفيرة بريف حلب يدعى “أبو محمود السفراني”» حوّل عدة محلات تجارية قرب دوار الحسكة إلى مخازن يجمع فيها المواد التي يشتريها من متزعمي ميليشيا “السلطان مراد” من حديد بناء ومحركات آبار المياه وغيرها ثم يبيعها إلى تجار من مدينة تل أبيض”.
وقال مواطن (رمضان علي/اسم مستعار) بأنه “ترك جميع ممتلكاته وراءه نتيجة العملية العسكرية التركيّة. وعندما عاد إلى المدينة الصناعية مرة أخرى ليتفقد محله تفاجأ بأنّ الجزء الأكبر من البضاعة والمعدات قد سُرق ونُهب. وطلب منه مسلحو ميليشيا “السلطان مراد” مبالغ طائلة ليحصل على بضاعته التي يملكها أساساً. وأنّ كان شخصاً اسمه (حمزة شاكر) مسؤولٌ عن المنطقة من جهة ميليشيا “السلطان مراد”. ويبدو أنَّ جميع عمليات النهب والسلب وإخراج البضائع لاحقاً كانت تتم بإشرافه”.
المواطن (حسين أحمد/اسم مستعار) خاطر بحياته وزار المدينة بعد الاحتلال وبقي فيها مدة 10 أيام. وزار المدينة الصناعية وشاهد أنْ جميع المحلات قد تم فتحها ونهب وسُرق معظم البضاعة. قام مسلحو ميليشيا المعتصم (التي كانت تسيطر على الجزء الذي يقع فيه محله) بأخذه إلى المحل وهو فارغ تماماً من بضاعة كانت تُقدّر بحوالي 150 ألف دولار. ولم يعطوه محله مجدداً وعاد أدراجه خائباً.
المواطن (أبو محمد) عاد إلى المدينة بعدما أصبحت مدينة أشباخ، وتابع “لقد قمت بإعادة شراء القسم المتبقي من بضاعتي التي أملكها حيث قام المسلحون بجلبها لي إلى “حي زرادشت’””. بحماية مسلحين من فرقة “السلطان مراد”. لقد كانت البضاعة التي باعوني إياها لا تشكّل سوى 10% من مجموع كامل البضاعة التي كنت أملكها”.
المصدر: عفرين بوست
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.