نورث بالس
تنتقد العديد من الدول الولايات المتحدة بضبابية الموقف تجاه سوريا وأزمتها، بل عدم وجود إستراتيجية واضحة لها حيال للتعامل مع كل المستجدات، وأنها لا تلعب دورها كدولة عظمى.
ويبدو أنه بعد مرور أكثر من عشرة أشهر على تولي جو بايدن مفاتيح البيت الأبيض، توصل فريق إدارته إلى وضع صيغة نهائية لـ«أولويات أمريكا» في سوريا بعد مراجعة داخل المؤسسات في واشنطن منذ بداية العام، تتضمن خمسة أهداف رئيسية معلنة وملحقاً، لا تشمل «إخراج إيران من سوريا» كما كان الحال مع إدارة الرئيس دونالد ترامب، بل دعم استقرار الدول المجاورة لسوريا، أي الأردن وإسرائيل وغيرهما.
إن الأولويات الأمريكية التي تحدث عنها مسؤولون أمريكيون في جلسات مغلقة في واشنطن قبل أيام، تشمل: «أولاً، البقاء في شمال شرقي سوريا واستمرار هزيمة داعش. ثانياً، المساعدات الإنسانية عبر الحدود. ثالثاً، الحفاظ على وقف إطلاق النار. رابعاً، دعم المحاسبة وحقوق الإنسان والتخلي عن أسلحة الدمار الشامل. خامساً، دفع عملية السلام وفق القرار 2254». يضاف إلى ذلك حرص واشنطن على دعم الدول المجاورة لسوريا واستقرارها.
وحسب صحيفة “الشرق الأوسط”، فإن تفسير هذه الأولويات، التي أنجزت بعد الانتهاء من المراجعة الداخلية، بلورت سياسة فريق بايدن في سوريا ونقاط تركيزها الدبلوماسي خلال الأشهر العشرة الماضية، إذ إن قائد القوات الأمريكية كينيث ماكينزي زار سراً شمال شرقي سوريا بعد فوضى الانسحاب من أفغانستان، لإبلاغ «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) أن أمريكا باقية في شرق الفرات، ولن تكرر النموذج الأفغاني. كما ضغطت إدارة بايدن على الرئيس رجب طيب أردوغان كي لا يشن عملية عسكرية تؤثر على قتال «داعش» واستقرار «قسد». ويسود انطباع بأن القوات الأمريكية باقية إلى نهاية ولاية بايدن.
لم تعين أمريكا إلى الآن مبعوثاً للملف السوري كما في حقبة ترامب. فمسك السفير جيمس جيفري الملف من قبل، جعل دور الخارجية نشطاً، غير أن الملف إلى ألان لا يزال يديره المستشار بريت ماكغورك، ما أبعد الخارجية عن الملف، وسط تساؤلات عما إذا كانت الأمور ستتغير بعد تسلم باربارا ليف منصبها الرسمي الرفيع في الخارجية.
كما أن فريق بايدن لم يقم بقيادة حملة دبلوماسية وسياسية مع الدول العربية لمنع التطبيع مع دمشق، وإن كان دبلوماسيون أمريكيون أبلغوا محاوريهم العرب بنقطتين: أمريكا لا تشجع التطبيع ولن تقوم به، لكن يجب ألا يكون التطبيع مجانياً، مع تذكير بـ«قانون قيصر»، باعتباره تشريعاً من الكونغرس وليس قراراً تنفيذياً. ونُقل عن جيمس جيفري، الممثل الخاص لإدارة ترامب إلى سوريا، قوله في واشنطن: «لم يطلب من أي منهم» الامتناع عن الحديث إلى الرئيس بشار الأسد من قبل كبار المسؤولين الأمريكيين. وعليه، «شعرت دول عربية أن لديها ضوءاً أخضر للتطبيع مع الأسد».
لكن الموقف الأمريكي من التواجد الإيراني في سوريا، هو الآخر خاضع لحسابات جيوسياسية، ويبدو أننا بدأنا نشهد تغيراً في هذا الموقف الذي صاغه وزير الخارجية السابق مايك بومبيو، بدعم من جيمس جيفري ونائبه جويل روبرن، وتضمن المسائل التالية: “أولاً، هزيمة داعش، ومنع عودته. ثانياً، دعم مسار الأمم المتحدة لتنفيذ القرار الدولي 2254. ثالثاً، إخراج إيران من سوريا. رابعاً، منع النظام من استعمال أسلحة الدمار الشامل والتخلص من السلاح الكيماوي. خامساً، الاستجابة للأزمة الإنسانية ورفع المعاناة عن الشعب السوري داخل البلاد وخارجها». والواضح أن إدارة بايدن تخلت عن إخراج إيران من سوريا، بعد عودة العمل بالاتفاق النووي، وأنها تكتفي بتقليل نفوذها، ما يضعها في تعارض مع التطلعات الإسرائيلية، نوعاً ما.
كما أن إدارة ترامب وضعت ستة شروط مسبقة لـ«التطبيع» مع دمشق، هي: «أولاً: وقف دعم الإرهاب. ثانياً: وقف دعم الحرس الإيراني و«حزب الله». ثالثاً: عدم تهديد دول الجوار. رابعاً: التخلي عن أسلحة الدمار الشامل. خامساً: العودة الطوعية للاجئين والنازحين. سادساً: مكافحة مجرمي الحرب».
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.