ماذا جنى مجلس الوطني الكردي من الائتلاف؟
مصطفى خليل_نورث بالس
لقد أفرزت التطورات التي وقعت في الآونة الأخيرة من حوارات وجولات حول الوصول إلى اتفاق كردي كردي موحد، عن واقعية العمل السياسي للأطراف الكردية وبمختلف التوجهات والمواقف، وقد أدت الجولات التفاوضية إلى ظهور توجهات مختلفة كلياً عما تطمح إليها الساحة السياسية الكردية في إطارها العام، والمتمثلة في إعادة النظر إلى ديناميكيات الفاعلية السياسية للمجلس الوطني الكردي من ناحية وجوده ضمن الائتلاف السوري “المعارض” العنصري، وسعيه إلى تحقيق الوحدة الكردية بمطالب خلال الحوارات الجارية مكامنها الأساسية تتمحور حول ما تسعى تركيا إلى تحقيقها في هذه المنطقة، لأن تركيا باتت تدرك صعوبة القضاء على التجربة الديمقراطية في شمال وشرق سوريا أو عرقلة مسيرة النجاحات، وخاصة أن المشروع الناجح في المنطقة تتجه نحو كسب نوع من الاعتراف والشرعية الدولية.
فالأجدر بالنسبة إلى تركيا في هكذا وضعية أن تتسيد طرف كردي وتنفذ إملاءاتها بدلاً من طرف كردي ترفض السياسة التركية كلياً والتي باتت معروفة للجميع ماهية الهوية القومية للنظام التركي تجاه شعوب المنطقة. وما يؤكد صحة هذا الادعاء، النبرة التركية الغير جادة لجهة رفضها للحوار الجاري بشكل مطلق، لأنها لو كانت جادة في رفضها للتقارب الحاصل بين الأطراف الكردية لتغيرت طبيعة تعاملها وعلاقاتها مع المجلس الوطني الكردي بعد قطع أشواط من التقارب خلال هذه الجولات التفاوضية.
وبالطبع ما حصل منذ حوالي عدة أيام من قيام الائتلاف السوري بإبعاد ممثل مجلس الوطني من هيئة التفاوض حواس عكيد، على خلفية إعلان الأطراف الكردية بنجاح الجولات التفاوضية السابقة، تضع المجلس الوطني الكردي أمام مسائلات الشارع الكردي، والتي باتت تتردد على الألسنة كثيراً، وفي ظل التصريحات العنصرية والطائفية للائتلاف بحق أبناء المنطقة ووصفهم بالإرهابيين، ماذا يفعل المجلس الوطني الكردي إلى الآن ضمن هذا الائتلاف الذي يرفض أية إرادة أو حقوق مشروعة للشعب الكردي وليست لها فائدة حتى للسوريين؟ وأين فاعليته في تضمين حقوق الكرد لطالما اعتبر نفسه الممثل الشرعي للكرد في سوريا وله شرعية في المحافل الدولية، ما هي رؤية هذا المجلس لما يمارسه هذا الائتلاف وعناصره المسلحة في عفرين وسري كانيه/ رأس العين، من ممارسات الإبادة الممنهجة وارتكاب أبشع الجرائم بحق الكرد طيلة الفترة الماضية في هذه المناطق المحتلة، لماذا هذا الإصرار من قبل المجلس الوطني الكردي على البقاء ضمن ائتلاف يعتبر أبناء جلدته إرهابيين وطرد أحد أعضائه من هيئة التفاوض، كل هذه الأسئلة تطرح نفسها تلقائيا في الأذهان.
وفي تصريح لأحد أعضاء المجلس الوطني لوكالة “نورث برس” اعتبر قرار طرد ممثليهم في هيئة التفاوض بأنه قرار فردي من قبل رئيس الائتلاف نصر الحريري، في إشارة منه إلى عدم وجود خلافات جدية أو تناقضات بينهم وبين الائتلاف.
ولكن معظم الشخصيات من الائتلاف أساءت للكرد والمكونات المنطقة وأظهروا النزعة العدائية والفاشية لديهم، فيما لو اعتبر أنه قرار فردي، ولكن فيما يبدو أن المجلس الوطني الكردي يريد البقاء ضمن الفلك التركي والائتلاف “العنصري” لتمرير المفاهيم السياسية البارزة التي لا تخدم الوحدة الكردية والتي أدت إلى ترسيخ الواقع الاحتلالي التركي لشمال سوريا، لفرض شروطه على القوى الكردية الموجودة ضمن الإدارة الذاتية، والسيطرة على الإنجازات التي تحققت في المنطقة، واعتبر تواجده ضمن الائتلاف المعترف به سيكون ضمان له بتمثيل السياسي للكرد السوريين، وبذلك يعبر المجلس عن هشاشة المنطق السياسي لديه وازدواجية في معايير التعامل والعلاقات التي من المحال أن تدوم طويلاً إذا استمر الحال بهذا المنوال.
المعطيات السياسية الجديدة للواقع الكردي في شمال وشرق سوريا لا يتلائم وينسجم مع سياسية المجلس الوطني الكردي بهذه الشاكلة المتبعة من قبله، فالمنظومة الموجودة من هيكليات الإدارية سياسية ً أو عسكرية ً، والاحتلال التركي للمناطق الكردية والسياسات الفاشية المتبعة هناك، يتطلب من مجلس الكردي تحديد موقفه ومسار علاقته بشكل واضح، فالحقائق الواضحة للعيان لا يستطيع المجلس التغاضي عنه والتبرير لعلاقته تحت يافطات لا تمت إلى الكرد بصلة وحجج واهية تتخذه ولا تدخل في خدمة تعزيز الصف الكردي وتتسبب في تسخين وتأجيج للخلافات.
المقال يعبر عن رأي الكاتب
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.