إلغاء حرية الصحافة في تركيا والتهمة “إهانة الرئيس”
نورث بالس
أوضح التقرير الصادر عن منصة “اكسبرشن انتربرتد” بعنوان “حرية التعبير وأجندة الصحافة”، أن الضغط على حرية الصحافة مستمر بلا هوادة في تركيا، حيث إنه في الربع الأخير من العام الماضي تمت محاكمة 70 صحفياً في أكثر من 30 قضية شهرياً بتهم مختلفة من أبرزها تهمة “إهانة الرئيس”، وفق ما نقلته صحيفة العرب.
ويستند التقرير إلى البيانات التي تم الحصول عليها من التجارب وأعمال المراقبة الإعلامية التي قامت بها شركة إكسبرشن. وكشف التقرير أنه في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الماضي كانت هناك 98 قضية حوكم فيها صحفيون كمتهمين.
وفي هذه القضايا، حوكم 203 صحفي، سبعة منهم أجانب. وهذا يعني أنه في المتوسط، تتم محاكمة حوالي 70 صحفياً في أكثر من 30 قضية كل شهر.
وقال التقرير إنه من بين هؤلاء، حُكم على 18 صحفيّاً بالسجن لمدة 24 عاماً وخمسة أشهر في السجن، وصدرت ضدهم أوامر بدفع غرامات بلغ مجموعها 22.660 ليرة تركية (1.685 دولار أميركي)، مضيفاً أنه تمت تبرئة 36 صحفيّاً، مما قلل عدد الصحفيين وراء القضبان إلى 58 نهاية عام 2021
وفي الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الماضي رُفعت 10 قضايا جديدة ضد 17 صحفيّاً، بينما بدأت التحقيقات ضد 16 صحفياً. كما تم اعتقال 13 صحفياً أثناء تغطية إخبارية أو في نطاق التحقيقات التي فتحت ضدهم
ووفقاً للتقرير، فرضت هيئة مراقبة البث التركية، المجلس الأعلى للإذاعة والتلفزيون، غرامة على العديد من المحطات التلفزيونية الموالية للمعارضة بسبب تغطيتها التي تنتقد حزب العدالة والتنمية الحاكم في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الماضي، بما في ذلك غرامة مالية على هالك تي.في بمبلغ 16.032 دولار
وتتعرض حرية التعبير في تركيا لهجوم مستمر ومتزايد؛ إذ منذ “محاولة الانقلاب” في تموز/ يوليو 2016 يواجه أكاديميون وصحفيون، وكتاب ينتقدون الحكومة الإحالة إلى التحقيق الجنائي ومواجهة الملاحقة القضائية والترهيب والمضايقة والرقابة.
وتزامنت حملة الاعتقالات الواسعة مع إغلاق السلطات 180 وسيلة إعلامية على الأقل بموجب مرسوم تنفيذي أصدرته في إطار حالة الطوارئ المفروضة في البلاد.
وتعدّ تركيا وفق هذه المؤشرات وغيرها واحدة من أكثر الدول التي تسجن الصحفيين في العالم، وتحتل المرتبة 153 من بين 180 دولة في مؤشر حرية الصحافة العالمي لعام 2021 الصادر عن مراسلون بلا حدود في نيسان/ أبريل.
وتدين المنظمات غير الحكومية بانتظام ما تتعرض له حرية الصحافة في تركيا وخصوصاً منذ محاولة الانقلاب عام 2016. ودفعت شدة القمع الذي تمارسه الحكومة على حرية التعبير بعض المنظمات الحقوقية إلى وصف ما يحدث في تركيا بأنه موت للصحافة.
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع ألقت السلطات التركية القبض على الصحفية سيديف كاباش في إسطنبول بعدما أمرت محكمة بالقبض عليها على خلفية “إهانة الرئيس”.
وتم التحقيق مع كاباش بعد أن أشار إليها عدد من الوزراء في الحكومة من حزب العدالة والتنمية والمتحدث باسم الحزب باعتبارها مستهدفة بسبب تعليقاتها حول الرئيس خلال برنامج مناظرة على محطة البث الموالية للمعارضة “تيلي 1”. وانتقدت كاباش في البرنامج الحكومة لقمعها منتقديها وإذكاء الاستقطاب في المجتمع.
وكتبت لاحقاً عبر موقع تويتر “عندما يظهر ثور في أحد القصور، لا يصبح ملكاً، بل يصبح القصر حظيرة”، مشيرة إلى “مثل شركسي” دون أن تشير إلى أي شخص أو مكان
وتم احتجاز كاباش لفترة قصيرة في 2014 بسبب منشور عبر وسائل التواصل الافتراضي، انتقدت فيه ممثلي الادعاء العام لوقف تحقيق في الفساد يشمل أردوغان.
وعلقت نقابة الصحفيين في تركيا بالقول إن توقيف كاباش بتهمة إهانة الرئيس “اعتداء خطير على حرية التعبير”. وتعد إهانة الرئيس في تركيا جريمة قد تصل عقوبتها إلى السجن أربع سنوات وثمانية أشهر
وكتب البرلماني المعارض محرم إركيك عبر موقع تويتر السبت أنه تم رفع أكثر من 35 ألف دعوى قضائية بين عامي 2014 و2020 على خلفية مزاعم بإهانة الرئيس.
ويكشف حجم الاعتقالات وتمسك الرئيس التركي بالاستمرار فيها رغم الاحتجاجات الدولية المختلفة والتنديد الحقوقي الواسع بذلك، عن رغبة عميقة في تقييد حرية الصحافة وإسكات الأصوات الناقدة والمعارضة لسياساته ومن ثمة إقصاء خصومه وإلغاء وجودهم إعلاميا بصفة نهائية، وهو ما يتناقض كلياً مع صورة الحاكم الديمقراطي التي يسعى لترويجها داخل تركيا وخارجها.
ويسيطر النظام التركي على 90 في المائة من وسائل الإعلام الوطنية، من خلال المؤسسات التنظيمية لوسائل الإعلام، مثل المجلس الأعلى للقطاع السمعي البصري أو الهيئة المسؤولة عن توزيع الإعلانات العامة أو المجلس الرئاسي المعني بمنح بطاقات الاعتماد.
وتقول مراسلون بلا حدود إن هذه الهيئات تقوم بممارسات تمييزية فاضحة تهدف إلى تهميش الأصوات الإعلامية الناقدة أو تجريمها، حيث تعمل آلة التعسف بكامل طاقتها للإجهاز على التعددية.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.