نورث بالس
أصدرت الإدارة الذّاتيّة في شمال وشرق سوريّا، اليوم الأحد، بياناً إلى الرّأي العام حول أحداث سجن “الصّناعة”، وذلك في مبنى مقاطعة الحسكة.
وتقدّم بالتّهاني والتبريكات إلى مكوّنات شمال وشرق سوريّا على ما عدَّته “الانتصار الكبير والجديد الذي تحقّق ضُدَّ تنظيم “داعش”. واعتبر البيان أنَّ هذا الانتصار هو امتدادٌ “لجميع الملاحم البطوليّة التي قادها شعبنا ضُدَّ الإرهاب”.
وأشار البيان إلى أنَّه “بعد تحرير الباغوز في مارس/ آذار ٢٠١٩ وإعلان قوّات سوريّا الدّيمقراطيّة بالتنسيق مع التّحالف الدّوليّ الانتصار على تنظيم “داعش” الإرهابيّ عسكريّاً والقضاء على دولته المزعومة، وبعد تقديم تضحيات كبيرة من قوّات سوريّا الدّيمقراطيّة، ووحدات حماية المرأة وقوى الأمن الدّاخليّ أكثر من /١٢٠٠٠/ شهيد و/٢٥٠٠٠/ جريح، بينهم إعاقات مستدامة، في مواجهة هذا التنظيم الإرهابيّ دفاعاً عن الإنسانيّة، اعتباراً من معركة كوباني إلى الباغوز وحتّى أحداث سجن الصّناعة في الحسكة”.
وواصل البيان “استمرَّت مشكلة الإرهاب من خلال تواجد العشرات من الخلايا النّائمة، بالإضافة إلى انتشار أيديولوجيّتهم الإرهابيّة في المناطق التي بقيت تحت سيطرتهم لسنوات، وكذلك واجهت الإدارة الذّاتيّة مشكلة حوالي /١٢٠٠٠/ من مرتزقة داعش المعتقلين، منهم حوالي /٢٠٠٠/ عراقيّ و/٢٠٠٠/ آخرين من أكثر من خمسين دولة و/٨٠٠٠/ سوري والآلاف من عوائلهم في مخيّمي الهول وروج.
وأكّد البيان أنَّه “بالرُّغم من الإمكانيّات المحدودة؛ حافظت الإدارة الذّاتيّة وقوّات سوريّا الدّيمقراطيّة عليهم في أماكن آمنة، بالتّزامن مع الحملات المستمرّة ضُدَّ الخلايا الإرهابيّة واعتقال آخرين، مما زاد العبء على الإدارة الذّاتيّة”.
ونوّه البيان إلى أنَّ الإدارة الذّاتيّة “أكَّدت على الدوام أنَّ هذا الملفّ الخطير والمعقّد والذي هو من تداعيات الحملة الدّوليّة في مواجهة “داعش”؛ هو مشكلة تخصّ كُلّ المجتمع الدّوليّ ويجب مواجهتها من خلال التنسيق بينهم وبين الإدارة الذّاتيّة”، وفق ما جاء في البيان.
واعتبرت الإدارة في بيانها أنّ مواجهة “داعش” مشكلة أكبر من أن “تواجهها الإدارة الذّاتيّة لوحدها”، مشيرةً “أنَّه يستلزم تشكيل محكمة دوليّة أو محكمة ذات طابع دوليّ في شمال وشرق سوريّا لكي يأخذ العدل مجراه”، وأكّدت أنَّه على الدّول التي لديها مواطنين منتمين إلى التنظيم الإرهابيّ أن تتحمّل مسؤوليّاتها وذلك “بترحيل مواطنيهم المتورّطين بالإرهاب، وبصورة خاصّة الأطفال والنّساء لمحاكمتهم، ومن ثُمَّ لدمجهم بمجتمعاتهم الأساسيّة وإعادة تأهيلهم، وكذلك دعم الإدارة الذّاتيّة لإخراج الأطفال من الأماكن والأجواء غير الصحّيّة لإعادة تأهيلهم، بالإضافة لتحسين وضع المخيّمات والمعتقلات من النّواحي الأمنيّة والإنسانيّة ريثما يَتُمُّ حلّ هذه المعضلة”.
وحمّل البيان المجتمع الدّوليّ القصور في تحمّل مسؤوليّاته، مبيّناً أنّه “هذا حدث وهذا ما كنّا نحذّر منه على الدَّوام”، معتبراً أنًّ “ما يحصل في مخيّم الهول يوميّاً من عمليّات قتل وذبح وحرق للخيم وغيرها، أو ما حدث بتاريخ ٢٠ من كانون الثّاني باستهداف سجن الصّناعة بالحسكة من قبل ما يقارب الـ٢٠٠ مرتزق من إرهابيّي داعش بعمليّة معقّدة وخطيرة؛ تَمَّ التخطيط لها وإعدادها خارج الحدود؛ انطلاقاً من المناطق المحتلّة من قبل تركيّا، وبدعم مجموعات قادمة من الحدود العراقيّة وبعض الخلايا النّائمة في المنطقة وذلك لإحياء “داعش” من جديد، ونشر الفوضى وضرب مكوّنات المنطقة ببعضها البعض واستهداف مشروع الإدارة الذّاتيّة”.
وشدّد البيان على القول إنّه “في الوقت الذي كانت الإدارة الذّاتيّة في المواجهة مع هذا التَّنظيم الإرهابيّ داخل السِّجن وفي المناطق المحيطة به، وبغرض تشتيت قوّاتنا وإفساح المجال للإرهابيّين بالفرار؛ بدأت القوّات التركيّة والمرتزقة المرتبطين بها باستهداف المدنيّين العُزّل بمنطقة عين عيسى عن طريق القصف المدفعيّ والهجوم البرّيّ لمرتزقة تركيّا، بالإضافة إلى محاولة السُّلطة في دمشق وبما يُسمّى الإئتلاف الأردوغاني باستغلال هذا الوضع واتّهام قوّات سوريّا الدّيمقراطيّة والتّحالف الدّوليّ بارتكاب جرائم وإجراء عمليّات تغيير ديمغرافيّ وغيرها، معتبراً أنَّ كُلّ ذلك هدفه، “النيل من الإدارة الذّاتيّة ودعم الإرهابيين، وأيضاً لخلق فتنة عرقيّة بين مكوّنات المنطقة”.
وأعاد البيان التَّذكير بأنَّه “على تلك القوى أن تُعيد النَّظر في سياساتها الخاسرة التي لا تخدم سوى إنعاش الإرهاب”، مؤكّداً أنَّه بالتَّضحيات التي قدَّمها “شعبنا بكُلّ مكوّناته وتضامنه والتفافه حول قوّاتنا العسكريّة؛ تمَّ إفشال هذا المخطّط الإجرامي والإعلان عن السَّيطرة على الوضع في نفس يوم تحرير كوباني، ليُعيد التّاريخ نفسه من جديد ولينهزم الإرهاب وكُلُّ داعميه والمستفيدين منه”.
وحدّدت الإدارة الذّاتيّة في بيانها عدداً من الخطوات التي يجب أن يخطوها المجتمع الدّوليّ وبالأخصّ شركاؤهم في التّحالف الدّوليّ، لتتضافر مع جهود الإدارة الذّاتيّة، لطوي ملفّ تنظيم “داعش” الإرهابيّ نهائيّاً. وجاءت تلك الخطوات كما يلي:
أوّلاً – زيادة دعم قوّات سوريّا الدّيمقراطيّة وقوى الأمن الدّاخليّ والجهات الأمنيّة عسكريّاً، وتقديم المستلزمات والتّقنيّات الضروريّة لمواجهة خطر الإرهاب وخلايا “داعش” الإرهابيّة.
ثانياً – تشكيل محكمة دوليّة، أو محكمة ذات طابع دوليّ في شمال وشرق سوريّا لمحاكمة المجرمين، ولكي يأخذ العدل مجراه.
ثالثاً – أن تقوم كُلّ دولة لديها مواطنين في شمال وشرق سوريّا بتحمّل مسؤوليّاتها، لجهة إعادة مواطنيها من مقاتلين ونساء وأطفال، أو تقديم الدَّعم للإدارة الذّاتيّة لتحسين الظروف الخدميّة والأمنيّة للمخيّمات والسُّجون، وبالتّالي إعادة تأهيلهم ومحاكمة من يَتُمُّ تثبيت إدانتهُنَّ من النّساء.
رابعاً – تقديم الدَّعم الاقتصاديّ لشمال وشرق سوريّا، واستثناء المنطقة من عقوبات قانون قيصر، وذلك لتطوير الواقع الخدميّ ودعم قطّاع التَّعليم والصحّة؛ لسَدِّ الطريق أمام محاولات تنظيم “داعش” في استغلال هذا الجانب في عمليّات تجنيد الخلايا والتّنظيم الأيديولوجيّ.
خامساً – زيادة الدَّعم الإغاثيّ والإنسانيّ، والعمل على إعادة النَّظر بقرار إغلاق معبر اليعربيّة (تل كوجر)، لأنَّ المساعدات الإنسانيّة التي تأتي من المجتمع الدّوليّ من خلال منظّمات الأمم المتّحدة عن طريق دمشق لا يصل منها إلَّا القليل، وكمثال على ذلك تقول الأمم المتّحدة أنَّها أرسلت مؤخّراً ٣٦ شاحنة إلى الحسكة لدعم المنطقة نتيجة لحوادث سجن الحسكة، ولكن لم يصل منها شيء وكُلّها ذهبت إلى المربّع الأمنيّ الذي يُسيطر عليه النِّظام في قامشلو.
سادساً – دعم الإدارة الذّاتيّة سياسيّاً، وتكثيف الجهود لدعم الاستقرار في المنطقة، والضغط على دولة الاحتلال التركيّ للانسحاب من المناطق المحتلّة والتي أصبحت حاضنة وملاذاً للإرهابيّين، ولوقف عدوانها المستمرّ من خلال الهجوم البرّيّ والقصف المدفعيّ واستخدام المسيَّرات لاستهداف المدنيّين العُزّل والتي تهدف إلى دعم الإرهاب وزعزعة استقرار المنطقة.
سابعاً – تقديم الدَّعم للإدارة الذّاتيّة لبناء مراكز إعادة تأهيل للأطفال ولتحسين الظروف الأمنيّة والإنسانيّة داخل المعتقلات والمخيّمات.
واختتم البيان بتوجيه رسالة إلى التّحالف والمجتمع الدّوليّ بضرورة الانتقال إلى مرحلة جديدة، من خلال العمل والتّنسيق مع الإدارة الذّاتيّة والقوّات العسكريّة والأمنيّة لمنع تكرار ما حدث “وإلحاق الهزيمة المُستدامة” بالإرهاب”، حسب وصف البيان.
كما توجّهت الإدارة من خلال بيانها بالشّكر إلى قّوات سوريّا الدّيمقراطيّة وقوى الأمن الدّاخليّ على تضحياتهم الكبيرة التي بذلوها لإحباط الهجوم، كما شكر أهالي حيّي “غويران والزّهور” على تعاونهم مع القوّات العسكريّة، وتوّعدت بعودة الجميع إلى منازلهم، حالما تنتهي عمليّات تطهير تلك الأحياء من مرتزقة “داعش”.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.