نورث بالس
أكدت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية أن الاستقرار أكثر خطورة هو بعدما بات الخبز اليومي صعب المنال في شمال شرق سوريا، المنطقة التي مزقتها حرب تنظيم “الدولة” وتغير المناخ وجفاف الأنهار.
وقالت في تقرير إن طابوراً طويلاً من العائلات ينتظرون أمام مخبز قديم في الحسكة أكياس الخبز المدعوم، الذي يباع بنحو ربع سعر السوق، مشيرة إلى أن المخبز يعتمد على الآلات القديمة التي يعود تاريخها إلى ما قبل الحرب، وعلى حبوب الذرة التي جعلت من الطحين الملقى في أوعية الخلط أصفر اللون بدلاً من الأبيض.
ونقلت عن مزارع حبوب بالقرب من بلدة الشدادي، حيث حلت التربة العارية محل معظم حقول القمح بسبب نقص المياه ساخراً: “نحن نطعم الذرة للدجاج.. أصبحنا نأكلها اليوم”.
وأوضح التقرير أن الجفاف الذي طال أمده في المنطقة ارتبط بتغير المناخ في جميع أنحاء العالم. لكن في شمال شرق سوريا، سلة الخبز التاريخية للبلاد، تضاعفت آثارها بسبب أكثر من عقد من الحرب والاقتصاد المدمر والبنية التحتية المدمرة وزيادة الفقر.
وفي جميع أنحاء سوريا، أفاد برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، في الصيف الماضي، أن ما يقرب من نصف السكان ليس لديهم ما يكفي من الغذاء، وهو رقم من المتوقع أن يرتفع هذا العام.
ولقد ترك المزارعون العديد من حقول الأرض الحمراء غير قادرين على شراء البذور أو الأسمدة أو الوقود لتشغيل مضخات المياه لتعويض انخفاض هطول الأمطار في السنوات السابقة.
كما أن القمح بات أقل جودة ويباع بسعر أقل بكثير مما كان عليه قبل الجفاف الحالي قبل عامين، وفقاً لما نقله التقرير عن المزارعين والمسؤولين الحكوميين ومنظمات الإغاثة.
ولا تزال هذه المنطقة المنفصلة شبه المستقلة في شمال شرق سوريا، التي تحتاج بشدة للحصول على السيولة وعلاقات مستقرة مع دمشق، تبيع الكثير من محصولها من القمح للحكومة السورية، مما يترك القليل لسكانها.
كما نقلت عن “مات هول”، المحلل الإستراتيجي في منظمة إنقاذ الطفولة في الشرق الأوسط وأوروبا الشرقية تأكيده أن “مشكلة تغير المناخ مقترنة بمشاكل أخرى، لذا فهي ليست مجرد شيء واحد”.
وقال: “هناك حرب وعقوبات والاقتصاد مدمر، لا يمكن للمنطقة أن تتحمل الأزمة عن طريق استيراد القمح لأنها لم تعد تملك المال”.
وطال الجفاف سداً رئيسياً في شمال غرب سوريا للمرة الأولى منذ إنشائه قبل نحو ثلاثة عقود، جراء تراجع مستوى الأمطار والاهتراء وتزايد اعتماد المزارعين على مياهه، وفق ما قال مسؤول محلي ومزارعون لوكالة فرانس برس.
وتقول وكالة الفضاء الأمريكية، ناسا، التي تدرس تغير المناخ ، إن الجفاف الذي بدأ في عام 1998 هو الأسوأ الذي شهدته بعض أجزاء الشرق الأوسط منذ تسعة قرون.
في شمال شرق سوريا، كان الجفاف حاداً بشكل خاص خلال العامين الماضيين. لكن هطول الأمطار الأقل من المتوسط ليس سوى جزءاً من المشكلة.
وأتى الجفاف، وفق منظمات إنسانية، على مساحات زراعية واسعة تعتمد أساساً على مياه الأمطار، في بلد يعاني 60 في المئة من سكانه من انعدام الأمن الغذائي.
وأوردت الأمم المتحدة أن إنتاج الشعير قد يتراجع 1،2 مليون طن العام الحالي، ما يصعب تأمين العلف للحيوانات خلال الأشهر القليلة المقبلة، بحسب فرانس برس.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.