دجلة والفرات… سلاحا تركيا لمحاربة وابتزاز سوريا والعراق
محمد محمد
ليست الحروب كلها بالرصاص والمدافع، فـ”تركيا أردوغان” لا تترك أسلوباً لتطوير الحرب على شعوب المنطقة، حيث تسعى لمقايضة المياه بمكاسب سياسية وعسكرية في العراق وسوريا.
ويشكّل وقوع أهم منابع المياه في العراق وسوريا خارج أراضيهما، تحدّياً كبيراًلشعوب الدولتين وعائقاً أمام طموحاتهم، لإدخال البلدين في مرحلة جديدة يتمّ خلالها تنشيط الدورة الاقتصادية وتحسين الأوضاع الاجتماعية والارتقاء بمستوى الخدمات بعد حرب مرهقة مع تنظيم داعش الإرهابي.
ابتزاز للعراقيين والسوريين
وعلى الجانب الآخر يمثّل ملف المياه لتركيا التي ينبع من أراضيها نهرا دجلة والفرات المصدران الرئيسيان للماء، ورقة ثمينة لابتزازالعراقيين والسوريين والضغط عليهم في ملفات عديدة.
حيث تسعى تركيا في العراق للضغط على الحكومة العراقية لإجبارها الصمت على الانتهاكات التي ترتكبها تركيا والغزو والقضم التدريجي للأراضي في شمال العراق وخروقاتها لسيادة هذه الدولة،وترغب بأن تتحرك بحرّية داخل الأراضي العراقية، وصولاً إلى إقامة قواعد عسكرية داخل العراق، وهو ما تقوم به تركيا عملياً وتفرضه كأمر واقع ولكن دون موافقة رسمية معلنة من قبل السلطات العراقية.
كذلك ترغب تركيا بمساومة العراقيين للحصول على امتيازات اقتصادية في البلد الغني نفطياً، بالإضافة إلى فتح الأسواق للمنتجات التركية.
ويعاني العراق من وقت لأخر من أزمة مائية خانقة ومع تقديرات المختصين لحجم التأثيرات السلبية لهذه الأزمة، فإن وصف الكارثة بات ينطبق على ما يجري.
وتعمل تركيا، بلد المنبع، منذ زمن على إنشاء العديد من السدود على نهري دجلة والفرات، كجزء من برنامج ري طويل الأمد.
وتجاهلت أنقرة عند إنشاء هذه السدود حصتي العراق وسوريا المتشاطئين معها في مياه دجلة والفرات. وفي خمسينات القرن الماضي، اقترحت تركيا بناء سد أليسو، وهو مشروع لتوليد الطاقة الكهرومائية، وبدأت ببنائه عام 2006، على نهر دجلة بالقرب من قرية أليسو، على طول حدود ولايتي ماردين وشرناخ في تركيا.
وانتهت منه وافتتحته في شباط/ فبراير 2018، وبدأت بملء خزانه المائي في أوائل يونيو من العام 2018، ثم أعلنت أنقرة عن تأجيل العملية إلى شهر يوليو.
وأثار هذا الإعلان غضبا دولياً لعدة أسباب، من أهمها تأثيره السلبي على مستوى المياه المتدفقة إلى سوريا وإيران والعراق، إلى جانب تأثر أكثر من 50 ألفا من سكان المناطق المحيطة بمنطقة السد في تركيا في قرية أليسو وغيرها من القرى المحيطة التي ستغرق كليا تحت مياه السد.
وتضررت أعداد من المدن الرئيسية في العراق من هذا السد، وهي: الموصل والسليمانية وبغداد والعمارة ومناطق البصرة في الجنوب، بالإضافة إلى المناطق الزراعية المحيطة بنهر دجلة في أقصى شمالي سوريا. كما أن منطقة قلعة دزة والمناطق المحيطة بنهر الزاب الصغير، تعتمد بشكل رئيسي في مياه شربها على ذلك النهر الذي قطعت إيران عنه الروافد.
معاقبة السكانبـ”العطش”
فإلى جانب تأثر المناطق الزراعية في سوريا من المخططات التركية الهادفة لتجويع المنطقة، تستمر حكومة أردوغان بالضغط بشكل أكبر بعد أن فشلت أهدافها باحتلال مزيد من الأراضي السورية وخصوصاً في مناطق شمال وشرق سوريا من خلال دعم تنظيم داعش الإرهابي والمجموعات الإرهابية الأخرى وتدخلها العسكري المباشر.
حيث تقوم تركيا بين الحين والأخرى على خفض منسوب المياه الوارد إلى سد تشرين وسد الطبقة ما يتسبب بانقطاع التيار الكهربائي عن العديد من المناطق السورية، ما يهدد الأمن الاقتصادي والغذائي لشعوب المنطقة أيضاً.
الحصار المائي من قبل تركيا لمناطق شمال وشرق سوريا لا يقتصر هنا فحسب بل هي تقطع مياه الشرب عن الأهالي أيضاً، حيث وضعت يدها على إحدى أهم محطات المياه “علوك” خلال احتلالها رأس العين (سريه كانيه).
وتقع محطة علوك شرقي سري كانيه وتقوم المحطة بتزويد مدينتي الحسكة وتل تمر وأريافهما بالمياه، وصولا إلى تخوم محافظة دير الزور، ناهيك عن مخيمات الهول والتوينا والعريشة، حيث يقطن عشرات الآلاف من السوريين والعراقيين والأجانب من عوائل تنظيم داعش الإرهابي.
وتعمدت تركيا وقف ضخ المياه من المحطة عدة مراتالأمر الذي ينذر بكارثة إنسانية في المنطقة خاصة مع انتشار فايروس كورونا.
أصوات خجولة تجاه انتهاكات تركيا
ودفع هذا الوضع بعض المنظمات الحقوقية الدولية على غرار “هيومنرايتسووتش” إلى إطلاق صرخة استغاثة لرفض الممارسات التركية.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.