NORTH PULSE NETWORK NPN

القنصل الفخري الأوكراني في أربيل الدكتور فرهاد شاكر: الجيش الروسي لم يحرز أي تقدم عسكري ملموس ولن يتطور الصراع إلى حرب عالمية ثالثة

نورث بالس

بدأت الحرب الروسية – الأوكرانية تلقي بظلالها على العالم أجمع، حيث تسود مخاوف من تحوّلها إلى حرب عالمية ثالثة وتستخدم فيها الأسلحة النووية، فيما تسببت الحرب في تدهور اقتصادات العديد من الدول، في ظل سلاح العقوبات الاقتصادية الذي لجأت إليه الدول الغربية وفرضتها على روسيا. صحيح أن أحداث هذا الصراع تدور على الجغرافية الأوكرانية، ولكن يعتبرها العديد من المراقبين، أنها ترسم عالماً جديداً.

لقد خلفت الحرب خلال ثمانية عشر يوماً آلاف الضحايا ودماراً هائلاً في المدن الأوكرانية، فضلاً عن تهجير أكثر من 3 ملايين من سكانهم خارج بلادهم.

لمعرفة كواليس الحرب الروسية – الأوكرانية، والقطب المخفيّة في هذا الصراع الدولي، حاورنا القنصل الفخري لأوكرانيا في عاصمة إقليم كردستان هولير/ أربيل، سعادة القنصل الدكتور “فرهاد شاكر”، وفيما يلي نصُّ الحوار:

1 – نرحّب بكم سعادة القنصل.. إن بدأنا من حيث صرح الرئيس فلوديمير زيلينسكي اليوم، بأن بلاده لا ترغب بالانضمام إلى حلف (الناتو)، هل هذا التصريح محاولة لوقف الهجوم الروسي على بلادكم ومحاولة التقرب من روسيا، أم يفهم أنه ردة فعل على خذلان غربي لبلادكم؟

فرهاد شاكر: أشكركم جزيل الشكر لاستضافتي. سأحاول الإيجاز في الردِّ على أسئلتكم التي تهم متابعيكم الكرام، وسأحاول اعتماد الشفافية في الإجابة وأن تكون بعيدة كل البعد عن البربوغاندا الدعائية.

جاء تصريح الرئيس فلاديمير زيلينسكي انطلاقاً من واقع علاقة أوكرانيا مع حلف الناتو، وليس من باب إرضاء روسيا أو أي دولة أخرى. أوكرانيا طلبت مراراً وتكراراً الانضمام الفوريّ للحلف. وكما تعلمون أن الدستور الأوكراني ينص على أن أوكرانيا تتجه نحو الانضمام إلى حلف الناتو. ولكن بعد أكثر من عشر سنوات من توقيع الاتفاقية بين أوكرانيا والناتو حول التحضير للانضمام إلى الحلف، إلا أنه لتاريخ اليوم الحلف يصرح بأننا غير جاهزين ومؤهلين للانضمام. لذلك ليست أوكرانيا هي التي لا تريد الانضمام، وإنما الحلف لا يريد أن يرى أوكرانيا ضمن صفوفه، وهذا ما صرح به الرئيس زيلينسكي.

2 – إلى أين وصلت المفاوضات بينكم وبين روسيا؟

شاكر: أريد أن أخبركم بأن أوكرانيا دائماً – ولا تزال – تصر على أن الحل الوحيد لجميع المشاكل العالقة هو طريق الحوار والتفاوض وبالطرق السلمية والدبلوماسية. المفاوضات بدأت منذ فترة، كمرحلة أولى وكضرورة من أجل فتح ممرات إنسانية لإجلاء المدنيين المحاصَرين في البلدات والقرى التي تجري فيها أعمال عسكرية، ومن ثم تطورت ووصلت إلى مستوى سياسي، وتوِّجَ باللقاء الذي جمع وزيري خارجية كل من أوكرانيا وروسيا في أنقرة.

واليوم يزور موسكو وزير خارجية تركيا جاويش أوغلو، وبعدها سيتوجه إلى كييف، من أجل تقريب وجهات النظر والتحضير للقاء القمة المباشرة بين بوتين وزيلينسكي، وهذا ما نرجوه أن يتم.

3 – ما هو الدور التركي في الحرب الروسية – الأوكرانية، وهل صحيح أنها – أي تركيا – زودتكم بطائرات مسيرة من نوع “بيرقدار”؟

٣شاكر: دور تركيا إيجابي ومهمٌّ جداً؛ بحكم أنها دولة جارة جغرافياً وذات نفوذ قوي على الطرفين، حيث بإمكانها أن تلعب الدور الوسيط بين الطرفين. ما يخص تزويد الجيش الأوكراني بطائرات بدون طيار من نوع “بيرقدار”، هذا الموضوع قديم، حيث تم شراء عدة مجموعات من طائرات “بيرقدار” التركية منذ أكثر من عامين وليس بعد اندلاع الحرب. وهي ملك الجيش الاوكراني، ويمكننا استخدامها حسب ما تراه القيادة العسكرية الأوكرانية مناسباً.

4 – يتردد في الإعلام العالمي أن تركيا نقلت “مرتزقة” سوريين للقتال إلى جانب جيشكم ضد القوات الروسية، بالمقابل قيل إن روسيا أيضاً نقلت عدداً منهم للقتال ضدكم، ما مدى صحة هذه الأنباء، خاصة بعد تصريح الرئيس زيلينسكي منذ فترة بتشكيل قوات أجنبية للقتال بجانب جيشكم؟

شاكر: أصرح لكم، وبشكل رسمي وقاطع، بأنه لا يوجد “مرتزق” واحد ضمن صفوف المقاتلين الأوكرانيين والجيش الاوكراني، ولم تزودنا لا تركيا ولا أية دولة أخرى بأي مرتزق. لكن بعد تصريح الرئيس زيلينسكي والسماح للمتطوعين الأجانب للقتال في أوكرانيا، فقد لبت مجموعة كبيرة من المتطوعين الأجانب وانضمت إلى صفوف المقاتلين الأوكرانيين، وتم ضمهم ضمن تشكيل خاص بالأجانب. وأنتم تعلمون جيداً الفرق بين “المرتزق” و”المتطوع”، ولا داعي للشرح هنا.

أما ما يخص المرتزقة السوريين؛ فقد وصلت الدفعة الأولى منهم إلى موسكو وسيتم إرسالهم لاحقاً إلى جبهات القتال، ولكنني هنا أشك في العدد المعلن (١٦٠٠٠مرتزق)؛ لأننا تعودنا على البروباغاندا الروسية والسورية على تشويه الحقائق والكذب والخداع على شعوبهم بالدرجة الأولى وعلى العالم بالدرجة الثانية، هذه من ناحية، ومن ناحية هؤلاء المرتزقة غير مؤهلين لخوض هكذا معارك، لذلك وجودهم هنا على أرض أوكرانيا غير مجدي، وأعتقد سيكون مصيرهم كمصير المقاتلين الشيشان (جماعة قاديروف)، أي في المقابر الجماعية.

5 – لا شك أن كل حرب تخلف مآسي لا حصر، ما عدد اللاجئين إلى الدول الأوروبية، وكيف يتم التعامل معهم؟

شاكر: تعداد اللاجئين الأوكرانيين لهذه اللحظة بحدود ٢٧٠٠٠٠٠ (مليونين وسبعمائة ألف) لاجئ ومعظمهم في دول الجوار الأوروبي. هنا أريد أن أشكر باسمي وباسم حكومتي وشعبي جميع الدول التي استقبلت اللاجئين الأوكرانيين، وأخص بالشكر شعب ودولة بولونيا الشقيقة وألمانيا وباقي الدول. حيث تم استقبالهم من الحدود الأوكرانية وتقديم جميع المستلزمات اللازمة لهم، من دواء وماء وطعام ولباس وكذلك المواصلات المجانية والسكن.

6 – يُقال إن حرباً عالمية ثالثة تدور رحاها في بلادكم، ما مدى واقعية هذه الرؤية، وإن كانت صحيحة، لماذا في أوكرانيا تحديداً؟

شاكر: شخصياً أستبعد اندلاع حرب عالمية ثالثة؛ والدليل على ذلك عدم انخراط أمريكا وحلف الناتو لحد الآن بشكل مباشر، حتى لا تشتبك مع القوات الروسية، حيث رفض الناتو إغلاق المجال الجوي الأوكراني، مع أن الرئيس زيلينسكي طلب ذلك أكثر من مرة وفي كل مناسبة يدعو لذلك. من ناحية أخرى إذا اندلعت حرب عالمية ثالثة؛ فسوف تكون حرب نووية، وأنتم تعلمون جيداً في هكذا حرب لا يمكن لأي طرف أن ينتصر.

7 – ما هي الدول التي تقف معكم وتدعكم في هذه الحرب؟

شاكر: هنا لا أريد أن أذكر تحديداً الدول التي تقف مع أوكرانيا ضد “العدوان الروسي”؛ لأن جميع دول العالم الحر والديمقراطي وقفت معنا في ضد “المعتدي الروسي”، والدليل على ذلك جلسة التصويت في الأمم المتحدة التي أدانت “الاعتداء الروسي”؛ حيث صوت على القرار أكثر من ١٢٠ دولة. أما على صعيد المساعدات، إن كانت عسكرية أو مدنية، فهنا أخص بالذكر كل من “بريطانيا، بولونيا، لاتفيا، ليتوانيا، أستونيا، وحلف الناتو” بشكل عام والولايات المتحدة الأمريكية بشكل خاص.

8 – ما حجم الدمار الذي لحق بالمدن الأوكرانية، وما هي المناطق التي خرجت عن سيطرتكم؟

شاكر: إن حجم الخسائر والدمار هائل جداً؛ لان الجيش الروسي لا يجيد القتال ولا توجد لديها أسلحة متطورة، لذلك يعتمدون في تكتيكهم على “الدمار الشامل” كما فعلوا سابقاً في سوريا. لذلك الخسائر المدنية وفي البنية التحتية تفوق بكثير العسكرية. وقد تم تشكيل موقع إلكتروني ولجنة مخصصة لتوثيق الدمار والخسائر، كي يتم إعادة إعمارها على حساب الدولة المعتدية لاحقاً.

بغض النظر عن “الأعمال الإجرامية” التي قامت بها روسيا، والضغط العسكري الضخم، فلن يستطيع الجيش الروسي إحراز أي تقدم عسكري ذو معنى عسكري ملموس، والدليل على ذلك لتاريخ اليوم ليس بإمكانهم الدخول أو “احتلال” أية مدينة من المدن الرئيسية ما عدا بعض القرى والمناطق، التي هي من الناحية العسكرية ليست لها أية فائدة تذكر مقارنة مع الخسائر الهائلة والمدمرة للجيش الروسي.

9 – هل تتوقعون أن تمتد الحرب إلى دول أوروبية أخرى؟

شاكر: روسيا وبوتين تحديداً يرغب بأن تنتقل الحرب إلى دول أخرى، وذلك من أجل إخفاء فشله العسكري والسياسي في أوكرانيا. والدول الأوربية وأمريكا تدرك هذا الأمر جيداً، لذلك يحاولون ألا يعطوا أية حجة لبوتين في هذا المجال.

10 – كيف تتوقعون نهاية هذه الحرب، ومتى؟

شاكر: كما تعلمون أن نهاية جميع الحروب هي في النهاية السلام، وهذا ينطبق على الحرب الروسية الأوكرانية أيضاً.

من المؤكدون أن روسيا خسرت هذه الحرب، بغض النظر ما ستؤول إليه الأحداث وكيف ستكون نتيجة الحرب، لأن العقوبات الاقتصادية قد فرضت على روسيا، تم منع استيراد النفط والغاز. لقد تم توقيف العمل بالبطاقات البنكية فيزا وماستر، خرجت جميع الشركات الأجنبية من روسيا، والقائمة تطول وتطول من جميع النواحي.

أما ما يخص الفترة الزمنية لإنهاء الحرب، أعتقد أن الجيش الروسي فقد خاصية ومبادرة الهجوم، وكذلك فشل في تحقيق الأهداف التي كان يطمح إليها، وهو الاستيلاء على العاصمة بشكل مباغت، وتبديل الحكومة والرئيس، وتنصيب موالين ومطيعين لروسيا، وهو ما لم يتحقق. لذلك حالياً كل ما تسعى إليه روسيا هو تقوية موقفه التفاوضي ليس إلا. كلي أمل أن تنتهي هذه الحرب الغاشمة ويعود الأمان والاستقرار إلى ربوع أوكرانيا المسالمة، والعودة القريبة للنازحين اللاجئين إلى ديارهم.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.