نورث بالس
يمر هذه الأيام الذكرى السنوية الأولى على اجتياح تركيا وفصائلها لمدينتي سري كانيه/رأس العين وكري سبي/تل أبيض اللتين تهجر منهما الآلاف من سكانها من كافة المكونات والطوائف اللذين كانوا يتعايشون معاً بسلام، واليوم يتعايشون معاً أيضاً ولكن في مخيمات التهجير، ويتقاسمون آلام فقدان الديار.
ففي مخيم “واشو كاني” بريف الحسكة التي يقطنها مهجروا مدينة سري كانيه، يستقبل القاطنون ذكرى الاجتياح التركي والهجرة بحسرة، ويستنكرون في الوقت نفسه الصمت الدولي حيال ما تعرضوا ويتعرضون له من انتهاكات على يد تركيا وفصائلها.
المواطن الأرمني عبد العزيز فارس من قرى ناحية تل تمر الذي تهجر من قريته أثناء تعرضها للقصف وهجمات تركيا وفصائلها، استذكر في لقاء مع شبكة NPN ماتعرضوا له قبل عام من الآن، وقال :”عززت قوات قسد تواجدها حول قرانا أثناء الغزو العثماني على مناطقنا. العثمانيون عطشة للدماء منذ تاريخهم القديم، ولن ننسى مجازرهم بحق أجدادنا الأرمن، هنا نتعايش مع باقي المكونات منذ عقود بسلام قبل الهجوم التركي”.
ونوه فارس أن لديه 10 أولاد صغار وحين شنت تركيا وفصائلها الهجمات حمل مقاتلو قسد أولاده وأوصلوهم إلى المناطق الآمنة لحمايتهم من خطر الهجوم.
وحول معاناتهم بعد النزوح يقول فارس :”تشتتنا جراء الهجمات، ثم استقرينا في هذا المخيم الذي تم بناؤه من قبل الإدارة الذاتية في ظروف صعبة، في أيام الشتاء الماطرة، وسكنا فيها رغم الرطوبة”.
منوهاً أن لديهم معاناة في موضوع التعليم وهناك أعداد كبيرة من الطلبة في المخيم، والصفوف الدراسية في المخيم لا تستوعبهم كلهم.
وخلال حديثه استنكر فارس صمت الدول الأوربية التي “لا تكبح جماح العثمانية التي تريد إعادة الإمبراطورية العثمانية” على حد وصفه. وأضاف :”وها هي تركيا تهاجم أرمينية أيضاً لتعيد مجازر أجدادها هناك بحق الأرمن أيضاً”.
وختم حديثه بالتأكيد أن حلمه هو العودة إلى داره التي فيها ذكرياته ومكان عيشه لطفولته.
أما المواطن خضر خابور من أبناء الديانة الإيزيدية من أهالي قرية “لزكة” بريف سري كاينه/رأس العين فأشار في حديثه مع NPN أنه مع مرور عام على الغزو والهجمات التركية وفصائلها على سري كانية وكري سبي لازال العالم صامتاً حيال ماتعرضوا له من جرائم وانتهاكات من قبل تركيا وفصائلها.
وقال :”الهجمات كانت همجية، تشردنا وفقدنا كل شيء، ونشكر الإدارة الذاتية التي أنشأت لنا مخيم واشو كاني التي يقطنها كافة مكونات سري كانيه التي تهجرت”.
كما استنكر خابور الصمت الدولي حيال انتهاكات تركيا وعدم إيجاد حل لآلاف المهجرين من ديارهم، مؤكداً أن تركيا تستغل هذا الصمت والوقت لاجراء تغيير ديمغرافي للمنطقة.
ويشير خابور أن أكثر من يتعرضون للانتهاكات هم الإيزيديون والأرمن والمسيحيون، لأن تركيا وفصائلها يعتبرون أملاكهم وأموالهم غنائم وحلال عليهم.
وحول مخيم واشو كاني وقاطنيها تحدثت ستيرا رشي الإدارية في المخيم لـ NPN وأكدت أن مخيم واشو كاني تم إنشاؤه بتاريخ 9-10-2029، وهو خاص بمهجري سري كانية.
منوهة أنه يبلغ عدد القاطنين فيها حاليا 12120 شخص، موزعين على 1885 عائلة اللذين يقطنون في 1620 خيمة.
وعن الجهات التي تقدم المساعدات لقاطني المخيم قالت رشي :”منذ بداية إنشائها وحتى الآن تقدم الإدارة الذاتية كافة الخدمات لها، وهناك بعض المنظمات قدمت خدمات محدودة لم تكفي احتياجات القاطنين”.
مؤكدة أن سبب عدم تقديم المنظمات المساعدة الكافية لهذا المخيم هو “عدم اعتباره مخيماً شرعياً حتى الآن، لأن الحكومة السورية لم تدرجها ضمن المخيمات المعترفة، لذا فإن المنظمات الإنسانية لا تقدم لها الخدمات، على عكس مخيمات أخرى كالهول التي يقطنها عوائل داعش التي تتمتع بدعم كبير من قبل المنظمات الإنسانية العالمية”.
وناشدت رشي في ختام حديثها كافة منظمات حقوق الإنسان والمجتمع الدولي للضغط على الدولة التركية لإخراجها من سري كانية، وليتمكن أهلها من العودة إلى مدينتهم ومنازلهم بسلام، مؤكدة أن لا أحد يستطيع العيش تحت سيطرة الفصائل التي تدعمها تركيا.
يذكر أنه وبتاريخ 9تشرين الأول / أكتوبر 2019 شنت القوات الجوية التركية غارات جوية على البلدات السورية الحدودية من رأس العين وحتى تل أبيض. وذلك بعد أن بدأت القوات الأمريكية بالانسحاب من شمال شرق سوريا، بعد عدّة أعوام من تدخلها العسكري في البلاد، حيث كانت تدعم قوات سوريا الديمقراطية في حربها على تنظيم (داعش).
وبعد سيطرة تركيا وفصائلها على تلك البلدات الحدودية تم الإبلاغ عن انتهاكات لحقوق الإنسان، حيث صرحت منظمة العفو الدولية بأنها جمعت أدلة تشير إلى أن القوات التركية والمجموعات المسلحة المدعومة منها قد “أبدت تجاهلًا مخزيًا للحياة المدنية، وارتكبت انتهاكات جسيمة وجرائم حرب، بما في ذلك القتل المتعمّد والهجمات غير القانونية التي أدّت لقتل وجرح المدنيين”.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.