ما حقيقة مجلس “العشائر” الذي شكلته تركيا في عفرين؟
نورث بالس
أعلن بعض الأشخاص ممن يدّعون العمل لصالح عفرين وأهلها عن تشكيل ما يسمى “مجلس عشائر الكرد في عفرين” في 20 مارس/ آذار 2022، والذي يغاير حقيقة المجتمع العفريني المتجاوز التصنيف على أسس عشائرية منذ أمد طويل.
المدعو “علي سينو” من أهالي قرية موساكا بناحية راجو، كان قد أعلن في صفحته الفيس بوك، انتخاب ما يسمى “مجلس عشائر الكرد في عفرين”، والذي يتألف من ستة أشخاص باسم “عشائر: “الشكاك، الهفيدي، رشوان، بيا، الشيخان، أومكا” ومنصّباً نفسه رئيساً للمجلس.
ولا يعد التشكيل الجديد الأول من نوعه فقد سبق وأن أوعزت السلطات التركية للمتعاونين معها لتشكيل أطر ومجالس” كـ (مجلس إنقاذ عفرين، ومجلس عفرين المدني، والهيئة العليا لكرد عفرين، ورابطة المستقلين الكرد غيرها) خدمةً لأجنداتها واتخاذها كستار للتغطية على “انتهاكاتها وجرائمها”، وفق ناشطين.
أفاد أحد النشطاء أن “علي سينو” قضى معظم حياته في حلب، ولا يعرفه أحد من قريته، حتى أنه لا يتكلم الكردية ولا يعترف بها، لأنه عاش طوال حياته في حي “السكري” بحلب، وله ارتباطات مع جماعة الإخوان المسلمين وموالي للسلطات التركي، والمعيّن مسؤولاً عن “مخاتير عفرين الحاليين”، والمقيم حالياً في ألمانيا، هو شريك متزعم ميليشيا “العمشات” المدعو “أبو عمشة” وبوقِه في تبرير انتهاكاته تجاه أهالي ناحية شيه/ شيخ الحديد، عندما خصّه “أبو عمشة” بتكليف تلقي شكاوي الأهالي وشن حملة شعواء ضد ميليشيات” الجبهة الشامية” التي تقود تحالف “عزم”، ليجاهد “سينو” من أجل تخفيف الضغط على شريكه عندما فُتح سجل انتهاكاته في عفرين.
وفي تاريخ 3/12/2018، أي بعد سيطرة تركيا والفصائل الموالية لها على عفرين بتسعة أشهر تقريباً، شكل ما يسمى “التجمع الوطني لأحرار عفرين” في إطار إيجاد واجهات بأسماء وشخوص محلية لتبرير خطوات تركيا داخل الأراضي السوري، في خرق واضح للقوانين والمواثيق المعنية بالحدود الدولية، ها هو يعلن عن تشكيل ما يسمى “مجلس عشائر الكرد في عفرين”.
وذلك في سياق محاولات تركيا تشكيل هياكل سياسية واجتماعية موالية وخلّبية، حيث أنّ منطقة عفرين معروفة بتقدّمها الاجتماعي والعلمي وتجاوزها للروابط العشائرية منذ عقود، وما الشخوص “المنتخبين” على رأسهم “علي سينو” إلاّ موالين لتركيا ولا يمثلون أوساطاً اجتماعية من أهالي عفرين.
إن ما تحاول تركيا عمله بعد ترسيخ التطرف الديني هو أن تلعب في مضمار العشائرية التي انحلت منذ أمد طويل بعفرين بغرض تفكيك الرابط الاجتماعي والقومي الموحّد بين أبناء منطقة عفرين.
فتشكيل المجلس العشائري أثار استهجان واستنكار من قبل أبناء عفرين، وعبّر بعضهم بالقول على صفحات الفيسبوك بِما يلي:
“احياء العشائرية السياسية الخادمة لأجندات الاحتلال، وشرعنة الواقع المفروض بقوة السلاح، وأدلجة المجتمع، ولا سيما الأطفال من خلال الكتاتيب والمدارس الدينية، وصهر المجتمع العفريني وهويته في البوتقة الإسلاموية، وتحويل المكونات المهجرة إلى عفرين من العرب والتركمان إلى أصحاب الأرض الأصليين، ونبش ونهب وتخريب المواقع الأثرية، وصبغ ما تبقى منها بالصبغة العثمانية. كلها أجندات تتلاقى وتصب في جدول الأنظمة المغتصبة”.
فالعشائرية التي تسعى تركيا لإحيائها هي عقلية أو اتجاه سياسي بقصد تحويل العشيرة إلى نوع من الحزب السياسي في مواجهة العشائر الأخرى، وإلى قوة سلبية على الساحة الاجتماعية لإحداث الفوضى في المنطقة.
فتركيا تسعى إلى توسيع رقعة نشاطاتها في منطقة عفرين، باستخدام الميليشيات العسكرية الإسلامية الراديكالية، ضمن خطة الجدار الديني العازل، واستكمالاً للجدار الجغرافي وإخضاعها للتغيير الديموغرافي الواسع وإضعاف الكرد بمفهوم العشائرية، وتعمد لطمس كل ما له صلة بالكرد، لخلق مناخ اجتماعي يتماشى مع سياساتها العثمانية.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.