نورث بالس
خلال الندوة الحوارية الثامنة لمجلس سوريا الديمقراطية التي عقدت أمس الثلاثاء في مدينة القامشلي شمال سوريا، والتي تعقد تحت شعار “نحو مؤتمر وطني لأبناء الجزيرة والفرات” ناقش الحضور بحسب برنامج الندور محورين رئيسيين، الأول عن الحوار السوري- السوري ويتضمن “الحوار مع المعارضة، الحوار مع النظام، الحوار الكردي- الكردي وانعكاسه على الحل السياسي”.أما المحور الثاني تمحور حول “العلاقات التاريخية بين شعوب المنطقة، ودورها في بناء الإدارة الذاتية، وآلية تطوير المشاركة والعمل المؤسساتي في الإدارة الذاتية”.
الهدف
وتأتي هذه الندوة ضمن سلسلة ندوات مشابهة يعقدها مجلس سوريا الديمقراطية في عموم مناطق شمال وشرق سوريا بهدف الاستماع إلى آراء واقتراحات كافة شرائح المجتمع في منطقتي “الجزيرة والفرات” ومن ثم عقد مؤتمر وطني موسع ينضم إليها كافة ممثلي المنطقة للوصول إلى صيغة توافقية لتطوير مشروع الإدارة الذاتية لتكون ضمان للمواطنة وحقوق كل المكونات في سوريا موحدة، وتعزيز التشاركية في مؤسسات الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا وتطوير وتمكين الإدارات الذاتية والمدنية فيها، ولتكون تمهيداً لعقد مؤتمر وطني سوري في المستقبل.
المشاركون في الندوة
وشارك في فعاليات الندوة الحوارية هذه 130 شخصية من ممثلي العشائر والأحزاب والقوى السياسية، والمجلس الوطني الكردي، وممثلي الإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم الجزيرة، ومثقفين وحقوقيين وشخصيات مستقلة.
الافتتاحية
وافتُتحت الندوة الحوارية بكلمة من قبل عضوة المجلس الرئاسي في مجلس سوريا الديمقراطية جاندة محمد، التي رحبت بكافة الحضور وذكرت محاور الندوة، وقالت: ” تتسارع وتيرة الأحداث والاضطرابات والمخاطر المحلية والإقليمية والدولية في هذه الأيام بشكل كبير، وذلك بعد مرور عشرة أعوام على انتفاضة الحرية، والتي تحولت فيما بعد إلى أزمة، والتي خلقت تصدعاً عميقاً في البلاد، ولقد أدركت مكونات شمال وشرق سوريا الأحداث المتسارعة التي حدثت بشكل مبكر، وأسست نظاماً ديمقراطياً جنّب المنطقة الكثير من الكوارث من خلال تعزيز السلم الأهلي “.
جاندة محمد أوضحت أن الندوات الحوارية هي خطوة للملمة البيت السوري، وقالت: “نحن ماضون على النهج الديمقراطي، لقاء اليوم هو لبحث سبل المشاركة الحقيقية والفعالة لتطوير الإدارة الذاتية، ونحن على قناعة تامةٍ بأنه يمكن تقديم المزيد والأفضل من أجل مستقبل مشرق لأولاد سوريا ومن أجل العيش بحياة حرة كريمة”.
المحور الأول: الحوار السوري- السوري وانعكاسه على الحل السياسي
موضوع المحور الأول من الندوة ألقيت من قبل رئيسة المجلس التنفيذي لمجلس سوريا الديمقراطية إلهام أحمد، والتي أوضحت أنهم سيعتمدون على مقترحات وآراء المشاركين في الندوات التي يعقدونها لاعتمادها في البحث عن حلول سياسية للأزمة السورية، مؤكدة أنه لا بديل عن الحوار بين كافة الأطراف السورية لإنقاذ الشعب وإنهاء معاناته.
وقالت إلهام احمد: “إن العملية السياسية والوضع الذي يمر به السوريون معقد جداً ومتأزم، ويتم تداول الأزمة السورية بين قوى خارجية”، وأوضحت: “رأينا اجتماعات جنيف وأستانا التي لم تأت بنتيجة، لغياب القرار السوري في تلك الاجتماعات، بل وتسبب بتغيير الهندسة الديمغرافية لسوريا، وكان لها تأثير سلبي على السوريين، وهجّرت نصف السوريين خارج البلاد، وآلاف منهم فقدوا حياتهم تحت الأنقاض، وتحولت سوريا إلى رماد، وكل ذلك بسبب عدم التوافق بين النظام السوري والمعارضة السورية”.
إلهام أحمد بيّنت أن الحكومة السورية مصرّة على أن تدير البلاد بعقليتها السلطوية ولا تتنازل عن قراراتها بما يخص حل الأزمة، وأن المعارضة تخدم الأجندات الخارجية خاصة الدولة التركية، ولا تخدم الثورة السورية، وقالت: “في البداية، الثورة السورية كانت سلمية تطالب بالحرية، ومن ثم تغير مسارها إلى معارضة مسلحة لا تخدم مصلحة الشعب السوري”.
ونوهت إلهام أحمد أن “الحكومة السورية بدلاً من أن تلجأ إلى حل الأزمة السورية تقوم بزعزعة أمن واستقرار المنطقة، وخلق الفتنة بين الكرد والعرب. وقالت: “النظام ينسف كل المحاولات التي نبادر بها في سيبل الوصول إلى تفاهمات وحل سياسي في سوريا”.
وأكدت إلهام أحمد أن لقاءاتهم مع الحكومة السورية لم تأت بنتيجة، وقالت: “علماً أن الروس أبدوا استعدادهم لأداء دور الضامن ولكنهم فشلوا في هذه الدور”.
وأوضحت إلهام أحمد: “نحن متأكدون أن مناطق شمال وشرق سوريا والإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا ستكون هي الركيزة الأساسية للانطلاق بسوريا إلى مرحلة جديدة في حال قمنا ببنائها بشكل جيد”.
ولفتت إلهام أحمد الانتباه إلى الحوار الكردي- الكردي، وقالت: “مع البدء بالحوار الكردي- الكردي، أطلقت إشاعات مفادها أن هذا الحوار يخدم المشروع الانفصالي، وأن الكرد أصبحوا أصحاب كل الثروات في المنطقة، وأن العرب حرموا منها”.
وأوضحت أن أهمية الحوار الكردي- الكردي تكمن في توحيد الصف السوري، وكل الادعاءات التي تقول بأن المنطقة ستتحول إلى إقليم منفصل على غرار تجربة إقليم كردستان فهي غير صحيحة. وبيّنت إلهام أحمد أن الادعاءات التي يتم الترويج لها هي لتحريض تركيا لشن هجمات جديدة على المنطقة.
نقاشات حول المحور الأول
بعد انتهاء رئيسة المجلس التنفيذي لمجلس سوريا الديمقراطية إلهام أحمد من الحديث عن المحور الأول، فتح باب النقاشات والاقتراحات أمام الحضور، وعليه أبدى الحضور والمحاورون في الندوة الآراء حول هذا المحور.
فحول رؤية مجلس سوريا الديمقراطية لسوريا المستقبل والذي كان من بين أسئلة الحضور، أجاب الرئيس المشترك لحزب الاتحاد السرياني سنحريببرصوم وأكد بأن سوريا لجميع السوريين، وتعيش فيها مكونات عديدة، وقال: “ومن هذا المبدأ، كل من لا يثق بالنموذج التشاركي لن يكون جزءًا من سوريا، ولا يخدم المصلحة السورية والشعب السوري”.
وبيّن سنحريب برصوم أن مجلس سوريا الديمقراطية يُستبعد دائماً من المباحثات التي تجري بين المعارضة والحكومة السورية حول مصير سوريا، وقال: “ولكن المجلس لا يتوقف عن عمله لحل الأزمة، ويعتمد مبدأ الحوار السوري- السوري مع المعارضة في الداخل والخارج، واليوم ومن خلال هذه الندوات الحوارية التي تعقد في شمال شرق سوريا، نسعى إلى تطوير العمل، والسعي إلى عقد مؤتمر وطني لأبناء الجزيرة والفرات، وعقد مؤتمر لكل السوريين”.
وردّاً على مقترح حول ضرورة فتح مجلس سوريا الديمقراطية الحوار مع القوى المعارضة كافة، أجاب عضو المجلس الرئاسي في مجلس سوريا الديمقراطية علي رحمون: “هناك انقسامات بين الأطراف المتصارعة في سوريا، والشعب السوري ضحية هذه الصراعات، ونحن في مجلس سوريا الديمقراطية نرى أن من الضروري عقد حوار سوري- سوري، لحل الأزمة السورية التي تتعمق يوماً بعد يوم، من أجل الوصول إلى توافق سياسي يُخرج السوريين من هذه الأزمة”.
وفي نفس السياق ردت إلهام أحمد وشددت على ضرورة الحوار مع الحكومة السورية والمعارضة معاً، وقالت: “البعض منكم قال لا يجوز الحوار مع المعارضة التابعة لتركيا، ونحن نقول إن كنا نرغب في حل الأزمة وتحرير المناطق المحتلة وإعادة المهجرين إلى ديارهم سلمياً فهذا سيحتم علينا أن نسعى لفتح الحوار حتى مع من كانوا السبب الرئيسي لدخول الدولة التركية إلى سوريا واحتلال عدّة مناطق منها، وبدون ذلك لن يكون هناك حل إلا بحروب ومعارك عسكرية جديدة”.
ونوهت أن الحكومة السورية مسؤولة أمام الانقسامات التي حصلت في سوريا، وتدعي بأنها الراعي الأول لسوريا والسوريين لذلك يقع على عاتقها الحوار مع السوريين للوصول إلى حل سلمي.
ودرّاً على سؤال وُجّه إلى ديوان المحور الأول والذي تضمن ما هو الحل لعودة المُهجّرين إلى ديارهم؟ أجابت إلهام أحمد: “الحل هو أن تخرج تركيا من بلادنا بالحوار السلمي والسياسي، وقتها يتغير الوضع في سوريا نحو الأحسن، وهناك محاولات كثيرة بيننا وبين الأطراف المعارضة في سوريا لهذا الغرض”
أما بخصوص الحوار الكردي- الكردي فقالت إلهام أحمد: “لا يوجد خلاف كبير بين الرؤية السياسية، ولكن المشكلة في تطبيقها، وقد تم الاتفاق على تشكيل مرجعية كردية عليا لتطوير العمل في مجال الوحدة الوطنية”.
وأكدت أن قوات سوريا الديمقراطية لم تكن طرفاً في الحوار الكردي- الكردي وإنما كانت داعمة له وساهمت في إزالة العقبات الموجودة، وفيما يتعلق بالنقاش حول السياسات التي تقوم بها تركيا في المنطقة نوهت إلهام أحمد: “الدولة التركية لم تخدم حلف الناتو، وتحولت إلى عنصر تخريب في الشرق الأوسط، ومطلوب من السوريين التوافق السياسي بما يخدم مصلحة سوريا”.
وتطرقت إلهام إلى تصريحات لافروف الأخيرة حول مشروع أمريكا في شمال وشرق سوريا ووصفتها بأنها :”تحريض لتركيا لشن هجوم على مناطق شمال وشرق سوريا”.
المحور الثاني: العلاقات التاريخية بين شعوب المنطقة
وفي المحور الثاني من الندوة تم التركيز على أهمية العلاقات التاريخية بين شعوب المنطقة في الجزيرة والفرات، ودورها في بناء الإدارة الذاتية.
وتم الحديث وشرح هذا المحور من قبل الرئيس المشترك لدائرة العلاقات الخارجية عبد الكريم عمر الذي تطرّق إلى العلاقات المتينة التي يتحلّى بها المجتمع السوري عبر التاريخ بكل مكوناته ووصفها بأنها نسيج اجتماعي تلاعبت به الحكومة السورية وضرب هذا النسيج التاريخي الاجتماعي, منوهاً أن حزب البعث عمل على تعميق الخلافات بين المكونات في المنطقة وزج بالآلاف من المواطنين في المعتقلات ومارس أشد أنواع الظلم و الاضطهاد من خلال كل الأجهزة الأمنية القمعية، ما أوصل الأوضاع إلى الانفجار وانطلاقة الثورة الشعبية السلمية في سوريا في بدايتها.
وأشاد عمر بالدور الريادي الذي لعبته حركة المجتمع الديمقراطي في ظل حكم البعث وبعد الأزمة السورية في تنظيم المجتمع في روج آفا وتهيئته ليكون قادراً على إدارة نفسه بنفسه.
وبيّن عمر بأنهم وبعد تحرير مناطق شمال شرق سوريا من النظام الاستبدادي بادروا إلى فتح العلاقات مع كافة مؤسسات المجتمع المدني والأحزاب والقوى السياسية الموجودة في المنطقة لتطوير العلاقات مع جميع المكونات والمؤسسات التي كان حزب البعث قد شكّل فراغاً بينها.
وقال عمر: “شكّلنا روئ موحّدة في الحياة التشاركية والتي بني عليها أساس الإدارة الذاتية الديمقراطية في الأقاليم الثلاثة كوباني, عفرين والجزيرة وبعد أن دحرنا الإرهاب بالقوة العسكرية الموحّدة والتي شارك فيها أبناء كافة مكونات المناطق. قواتنا قوات سوريا الديمقراطية أساس الإدارة الذاتية الديمقراطية تمثّل كافة شعوب شمال وشرق سوريا التي كانت بحاجة ضرورية لملء الفراغ الأمني والاجتماعي والخدمي”.
نقاشات حول المحور الثاني
ومن ثمّ فتح باب النقاش على المحور الثاني مع الحضور, والذين أشاروا إلى نقاط الضعف التي تعاني منها الإدارة الذاتية الديمقراطية في مضمونها وعملها وعلاقاتها, منوهين إلى ضرورة الاستعانة بشخصيات وجهات مختصة في مجال الإدارة الذاتية, ويجب دعم خدمات الشعب بما هو ملموس، وخاصّة في مجال التربية والتعليم.
ونوهت النقاشات أن المرأة تلعب دوراً ريادياً في الإدارة الذاتية ولكن شريحة الشبيبة لازال دورهم ضعيفاً لذا يجب إفساح الدور الأكبر لهم في الإدارة, والعمل على إيجاد حل سياسي واعتراف بالإدارة الذاتية.
مؤكدين أن العلاقات العشائرية في المنطقة كانت علاقات تاريخية تتميز بالأخوة والعيش المشترك والمساواة, لذا يجب تطويرها حالياً لتكون القوة في وجه الأعمال التخريبية.
وبعد الانتهاء من النقاشات ردّ نائب رئيس المجلس التنفيذي لمجلس سوريا الديمقراطية حكمت حبيب على التساؤلات والانتقادات التي قدّمها الحضور، وقال: “نحن نتقبّل النقد الذي يرفع من مستوى الإدارة الذاتية الديمقراطية, ونحن كمجلس سوريا الديمقراطية نرغب بدعمها بالمتخصّصين للتطوير والوقوف في وجه الفساد السائد”.
وبيّن حبيب بأنهم ومن خلال هذه الندوات يرغبون في الوقوف على الأخطاء والعثرات التي تمرّ بها الإدارة, وأنّهم مع تطوير العقد الاجتماعي, وهناك تحديات خارجية ضد الإدارة، وأنّهم سيرفعون هذه الاقتراحات والآراء للمؤتمر الذي سوف يتم عقده لبناء سوريا حرّة ديمقراطية تكون نموذجاً لكلّ السوريين.
وفي سياق متّصل شكر عبد الكريم عمر على المقترحات التي قدّمت من قبل الحضور وأنّهم سيهتمّون بالقطاعات القضائية والشبابية والتعليميّة والمحاكم.
وردّاً على نقاشات الحضور، قالت الرئيسة المشتركة للمجلس التنفيذي في إقليم الجزيرة نظيرة كورية: “الإدارة الذاتية تعني إدارة الشعب نفسه بنفسه, وتأسيس الإدارة الذاتية شكّل الوصول لحلّ الأزمة السورية, وتأسيسها جاء في ظروف صعبة من كافة النواحي من ناحية عدم وجود الكوادر ذوي الكفاءات العالية والإمكانيات الضعيفة والبسيطة, قد يكون هناك نواقص ومشاكل تعاني منها, لذا نحن نعقد هذه الندوات لسماع الانتقادات والآراء والاقتراحات لتطويرها”.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.