نورث بالس
قالت صحيفة “العربي الجديد” في تقرير لها أنه “يلف الوضع في الجنوب السوري الكثير من الغموض، في ضوء تسريبات عن خطط أميركية لإقامة كيان عسكري جديد يضم المحافظات الجنوبية الثلاث؛ درعا والسويداء والقنيطرة، بهدف طرد إيران والنظام السوري من المنطقة. غير أن مصادر محلية تشكك بهذه المعلومات، لكنها تطرح تساؤلات عن مدلولات عودة قائد “اللواء الثامن”، أحمد العودة، إلى درعا قبل أيام، بعد غياب لنحو عام، مشيرةً أيضاً إلى تحركات في السويداء لتشكيل فصائل عسكرية جديدة.
كيان عسكري جديد بدعم أميركي في جنوب سورية
وتحدثت صحيفة “تركيا” التركية قبل يومين عن “مخطط أميركي لإنشاء كيان عسكري جديد يضم القنيطرة والسويداء ودرعا، مدعوم أميركياً عبر قاعدة التنف” التي تضم جنوداً أميركيين وآخرين من التحالف الدولي على الحدود السورية العراقية الأردنية.
وأشارت إلى أن “قوات التحالف الدولي بصدد إرسال أسلحة ثقيلة وذخائر ومقاتلين إلى درعا والسويداء والقنيطرة، بهدف إنشاء جيش جديد قوامه 30 ألف رجل لفتح الجبهة في الجنوب ضد النظام السوري وإيران”.
صحيفة تركية: أميركا تخطط لطرد إيران من درعا والسويداء والقنيطرة
ووفق الصحيفة “ستشارك فصائل السويداء في هذا التشكيل للمرة الأولى، إذ تم إنشاء غرفة عمليات مشتركة خلال اجتماع جرى أخيراً، حضرته العديد من فصائل المعارضة، خصوصاً مغاوير الثورة من التنف، وجماعة البلعوس من السويداء، ومجموعة خلدون الزعبي من درعا”.
وأضافت أن قوات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة “عرضت تقديم رواتب لمقاتلي المعارضة تصل إلى 1100 دولار للعنصر و2000 دولار شهرياً للضابط”، مشيرةً إلى أن “الاجتماع الذي حضره ممثلون عن وزارة الدفاع الأميركية ووكالة المخابرات المركزية تناول الاعتراف بالوضع في الجنوب ككيان مستقل يتمتع بالحكم الذاتي، ستوفر له إسرائيل الحماية الجوية”.
تشكيك بالخطط الأميركية
غير أن العميد المنشق إبراهيم الجباوي استبعد صحة هذه المعلومات. وقال الجباوي المنحدر من محافظة درعا، لـ”العربي الجديد”، إن “ناشطين تداولوا منذ حوالي الشهر مثل هذه المعلومات، وتحدّثوا عن اجتماع جرى في إحدى الدول العربية تم خلاله بحث هذه الخطط، لكن أعتقد أنها غير صحيحة، وهي مجرد فقاعة”.
وأضاف “لو كان لدى أميركا مثل هذا التوجه، لما كانت سمحت لروسيا باجتياح الجنوب عام 2018”. وحول الوجود الإيراني في الجنوب رأى الجباوي أن “الولايات المتحدة وإسرائيل يمكنهما طرد إيران من الجنوب خلال أسبوع واحد، لكن الخمول الأميركي يشجع إيران على البقاء هناك وفي مجمل سورية، لذلك هي تواصل التمدد ويقال إن ذلك جرى بتوافق أميركي في عهد (الرئيس الأسبق) باراك أوباما”.
واعتبر الجباوي أن “الأميركيين يريدون أن تكون سورية دولة فاشلة، على الرغم من تصريحاتهم العلنية التي تؤكد الحل السياسي، فهذا مجرد كلام عابر لا قيمة له، ولا أحد يحرك ساكناً على أرض الواقع، إذ ما زالت روسيا تتحكم بالوضع وتعرقل أي حل سياسي جدي”.
أسعد الزعبي: طريقة الطرح وأهداف الموضوع وخفاياه غير موضوعية
من جهته، قال العميد المنشق عن قوات النظام أسعد الزعبي إن “هذه الطروحات قديمة، إذ طُرحت للمرة الأولى عام 2013، وتُقدم كل مرة بصيغة مختلفة”. ورأى الزعبي في حديث مع “العربي الجديد” أن “جميع الصيغ التي طرحت حتى الآن لا تنطلق من مصلحة السوريين إلا جزئياً، وقد فشلت لأنها لم تجد تربة مواتية لها، إضافة إلى أن الجانب الأميركي غير جاد”، مضيفاً أنه “حتى الآن ما زالت طريقة الطرح وأهداف الموضوع وخفاياه غير موضوعية، وأعتقد أنها شائعات لا أساس لها من الصحة”.
وكان الأردن نفى في وقت سابق مثل هذه المعلومات، وتحديداً حول إنشاء منطقة آمنة بدعم عربي ودولي على الحدود مع سورية، لمواجهة خطر تمدد المليشيات الإيرانية على حدوده، والحد من نشاطها في تهريب المخدرات.
وجاء النفي الأردني بعد تصريحات أطلقها العاهل الأردني عبد الله الثاني في يونيو/ حزيران الماضي، دعا فيها إلى إقامة “ناتو عربي” أو “شرق أوسطي” لحماية المنطقة من التهديدات المختلفة.
تحركات في السويداء
وفي الإطار ذاته، قال الصحافي ليث أبي نادر، المقيم في محافظة السويداء، لـ”العربي الجديد”، إن “هذه الأفكار قديمة بعض الشيء، وقد جرى تداولها بالفعل بين الأطراف المختلفة، غير أنها لم تر النور حتى الآن، وجرى حرفها عن هدفها الأصلي، بعد تدخّل النظام السوري الذي عمل على تجييرها لمصلحته”.
وأوضح أن “الفكرة الأولى كانت تقضي بتشكيل كيان عسكري في الجنوب السوري مدعوم من الولايات المتحدة وإسرائيل، بهدف طرد إيران ومليشياتها من المنطقة، بتمويل من الإمارات، على أن يلتزم النظام الحياد، وفي حال حاول عرقلة العملية، يتم طرده هو أيضاً”.
الفكرة تحرّكت بعد تصريحات ملك الأردن حول الخطر الإيراني في الجنوب
وأضاف أن “الفكرة تحرّكت بعد تصريحات ملك الأردن حول الخطر الإيراني في الجنوب، ودعوته لإقامة حلف عسكري عربي، إذ تواصلت الإمارات مع الأطراف المختلفة لتجسيد الفكرة في الجنوب السوري، عبر إنشاء كيان عسكري قوامه 9 آلاف مقاتل؛ خمسة آلاف منهم في درعا والقنيطرة، وأربعة آلاف في السويداء، بهدف محاربة مليشيات إيران، والقضاء على تهريب المخدرات عبر الأردن”.
وأوضح أبي نادر أنه “إلى جانب إنشاء الكيان العسكري، كان هناك تخطيط لإقامة حكم لامركزي في المحافظات الثلاث، بما يبقيها تحت مظلة الحكم في دمشق، لكن مع صلاحيات واسعة في إدارة شؤونها المحلية، إذ عقد اجتماع موسع أخيراً في السويداء بدار عرى، ضم 250 شخصية بينهم ممثلون عن الفصائل المسلحة ورجال الدين والمجتمع المدني، لكنه لم يثمر عن نتائج”.
وتابع: “انقلبت الأطراف السورية على الفكرة بعد تدخّل نظام الأسد، الذي عمل على حرفها باتجاه تشكيل فصائل جديدة في السويداء بقيادة لؤي الأطرش أمير دار عرى، خصوصاً بعد رفض فصيل حركة رجال الكرامة (أكبر فصائل السويداء) الانخراط في الأمر”.
وأوضح أبي نادر أن “هدف النظام من هذا التشكيل العسكري هو دعم المحافظ الجديد (بسام بارسيك) وتثبيت النظام في المحافظة وتفككيك كل من يعاديه”، مشيراً إلى أن “النظام عمل على مجاملة الأهالي بتجميد عمل فرع الأمن العسكري في السويداء، المكروه محلياً، مقابل تنشيط فرع أمن الدولة”.
ويحمّل الأهالي في السويداء فرع الأمن العسكري مسؤولية كل المشكلات في محافظتهم، عبر رعاية العصابات وعمليات الخطف وتهريب المخدرات.
ليث أبي نادر: كان هناك تخطيط لإقامة حكم لامركزي في المحافظات الثلاث
وفي الإطار ذاته، قال مصدر محلي في السويداء، لـ”العربي الجديد”، إنه “لا توجد مؤشرات على الأرض لإقامة تشكيل عسكري جديد في الجنوب السوري”. لكنه أشار إلى أن “البعض يربط عودة القائد المحلي في درعا أحمد العودة للواجهة، بمثل هذه التحركات الرامية إلى تشكيل جيش الجنوب، والذي سبق أن تحدث عنه العودة قبل أكثر من عامين، لكنه اعتبر أن الأميركيين غير جادين في هذا الأمر”.
حول تحركات لؤي الأطرش في السويداء، أوضح المصدر أن “الأطرش مقرب من الأجهزة الأمنية التابعة للنظام، وهو يحاول العمل على جمع الفصائل المسلحة المدعومة من الأجهزة الأمنية، بهدف تعطيل عملية تفكيك العصابات والمجموعات المدعومة من إيران، إضافة إلى تعزيز مكانته والحصول على مكتسبات جديدة، لكن يبدو أنه لم يحقق نجاحاً كبيراً حتى الآن”.
عودة أحمد العودة
وتزامن الحديث عن المخطط الجديد في جنوب سورية، مع عودة أحمد العودة (الصورة) قائد “اللواء الثامن” المدعوم سابقاً من روسيا، إلى مدينته بصرى الشام في درعا، بعد أكثر من عام على وجوده في الأردن.
ووفق معلومات “العربي الجديد”، فقد عاد العودة في 22 أغسطس/آب الماضي، وكان في استقباله عدد من وجهاء مدينته. وكان لافتاً في مراسم الاحتفال بعودته، وجود شعار “قوات شباب السنة” في قاعة استقبال الضيوف، وهو الفصيل الذي كان العودة يقوده قبل عام 2018.”
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.