“المرصد السوري والهيئة القانونية الكردية” يرسلان مذكرة قانونية إلى رئيس لجنة التحقيق الدولية ومفوضة الامم المتحدة
نورث بالس
عمد كل من المرصد السوري لحقوق الإنسان والهيئة القانونية الكردية، في الثامن من شهر كانون الأول/ديسمبر الجاري من العام 2020، إلى إرسال مذكرة قانونية إلى كل من السيد باولو سيرجيو بينيرو رئيس لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا، والسيدة ميشيل باشليه مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان المحترمة، وذلك حول قضية العنف ضد المرأة السورية، كما جرى إرفاق المذكرة بقائمة تفصيلية عن المختطفات، وجاء في نص المذكرة:
السيدة ميشيل باشليه مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان
السيد باولو سيرجيو بينيرو رئيس لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا ……….. المحترمون
أيتها السيدات والسادة
ففي الوقت الذي يحتفل فيه العالم باليوم الدولي لمناهضة العنف ضد المرأة والذي يصادف في 25 نوفمبر من كل عام فإن هناك الآلاف من نساء بلادنا سوريا يعانون الاضطهاد والعنف وحتى القتل والاختطاف والاختفاء القسري بشكل شبه يومي , فالعنف ضد المرأة لا يقتصر قانونيا على ممارسة العنف الجسدي والمعنوي المتمثل في العنف الاسري لا بل يمتد الى كافة انواع واشكال العنف الذي يمارس ضدها سواء كان مصدره الاسرة او المجتمع او الطغمة الحاكمة أو عصابات الإجرام والفصائل المسلحة الخارجة عن القانون سواء كان ذلك بممارسة التميز ضدها أو التحرش بها وتعريضها للعنف الجنسي أو اعتقالها واختطافها وإخفائها قسريا
فالاختفاء القسري يمثل تحدياً لمفهوم حقوق الإنسان بشكل مطلق، فهو يرقى إلى كونه إنكاراً صريحا لحقهم في الوجود أو أن يكون لديهم هوية، ويجرد الإنسان من صفته الإنسانية , إضافةً أنها تشكل ووفقا للقوانين والمعاهدات والمواثيق الدولية جريمة من الجرائم المصنفة ضد الإنسانية.
فالشخص الذي يتعرض للاختفاء القسري يصبح محروماً من كافة حقوقه دون أن يدافع عنه أحد على الإطلاق, ويكون في أيدي مرتكبي الجريمة خارج نطاق الحماية القانونية.
وفقا للإعلان المتعلق بحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، الذي اعتمدته الجمعية العامة في قرارها 133/47 المؤرخ 18 كانون الأول/ ديسمبر 1992 بوصفه مجموعة مبادئ واجبة التطبيق على جميع الدول، فإن الاختفاء القسري يحدث عند القبض على الأشخاص واحتجازهم أو اختطافهم رغما عنهم أو حرمانهم من حريتهم على أي نحو آخر على أيدي موظفين من مختلف فروع الحكومة أو مستوياتها أو على أيدي مجموعة منظمة، أو أفراد عاديين يعملون باسم الحكومة أو بدعم منها، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، أو برضاها أو بقبولها، ثم رفض الكشف عن مصير الأشخاص المعنيين أو عن أماكن وجودهم أو رفض الاعتراف بحرمانهم من حريتهم، مما يجرد هؤلاء الأشخاص من حماية القانون’’
كما نص كل من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، الذي دخل حيز التنفيذ في الأول من يوليو عام 2002م ، والاتفاقية الدولية لحماية الأشخاص من الاختفاء القسري، التي اعتمدتها الجمعية العامة في 20 ديسمبر 2006، على أن ’’الاختفاء القسري‘‘ يوصف بجريمة ضد الإنسانية عندما يُرتكب ضمن هجوم واسع النطاق أو منهجي على أي مجموعة من السكان المدنيين، ولا يخضع بالتالي لقانون التقادم الزمني..
صحيح أن الاختفاء القسري هي مشكلة عالمية ولم تعد حكراً على منطقة بعينها من العالم, وبعدما كانت الظاهرة في وقت مضى عبارة عن نتاج ديكتاتوريات عسكرية اساساً, أصبحت الآن سمة متلازمة للنزاعات العسكرية الداخلية بين الفرقاء ووسيلة من وسائل ممارسة الضغط السياسي فيما بين الخصوم والفرقاء , وخاصة في الدول التي تعاني من صراعات طائفية واثنية وعرقية وتعيش حالة الحرب الاهلية كما هي سوريا اليوم, حيث أصبح اختطاف النساء فيها أحد الوسائل الناجعة بيد الفصائل المسلحة التي تتبع للمعارضة السورية للحصول على مبالغ مالية ضخمة (الفدية المالية) ,كما يحصل الان في منطقة عفرين السورية ذات الخصوصية الكردية حيث تتعرض هناك يوميا العشرات من النساء الكرديات للاختطاف على يد الجماعات السورية المسلحة التي تتبع لاستخبارات دولة الاحتلال تركيا ولعل أشهر تلك الحوادث كانت اكتشاف مجموعة من النساء المختطفات رفقة أطفال رضع في معتقلات وسجون سرية تابعة لإحدى الفصائل المرتزقة والتي تسمى بفصيل فرقة الحمزة في شهر أيار من عام 2020 حينما تم مداهمة المقر من قبل اهالي الغوطة المنتفضين وما تلاه من نشر مقطع فيديو للنساء المختطفات التي تجاوز اعدادهن العشرة نساء واللواتي لايزلن مصيرهن مجهولا الى يومنا هذا
ففي سوريا التي تعيش منذ 9 سنوات حالة حرب طاحنة وبشعة تعرض فيها أكثر من 82 ألف شخص للاختفاء القسري منذ عام 2011 وذلك وفقا لتقارير منظمة العفو الدولية, ومايقارب من نصفهم هم من النساء والأطفال, فرغم حالة التعتيم الاعلامي السائدة في سوريا وخوف افراد المجتمع من البوح بالمعلومات التي تتضمن الانتهاكات التي تطال حقوق الإنسان خوفاً من ثأر وانتقام القوى والجماعات المسلحة ورغم صعوبة عمل وتحرك النشطاء في الداخل لما يحمله من مخاطر على حياتهم , إلا أننا تمكننا كمنظمة معنية بمراقبة وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان عشرات الحالات التي تم فيها اختطاف واختفاء النساء قسرا وذلك على امتداد التراب السوري ومن قبل مختلف التشكيلات والقوى العسكرية المتحاربة والمتناحرة بمختلف تسمياتهم وانتماءاتهم السياسية والدينية والاثنية والعرقية وبما فيها الدول التي تحتل اجزاءً من المناطق السورية وذلك بالاسم والتاريخ والصور وقمنا بتنظيمها في ملف خاص مرفق بهذه المذكرة
فكلمة ومصطلح سوريا التي هي مشتقة من اسم سرياني وتعني السيدة العظيمة … أما آن للمجتمع الدولي عامة وللمنظمات الحقوقية المختصة التي تتبع للأمم المتحدة بان تنهض بمسؤولياتها الأخلاقية والقانونية وان تتدخل لإيقاف كل هذا العنف الوحشي الذي يمارس ضد هذه (( السيدة العظيمة )) ؟؟؟؟؟؟
بناء على ماتقدم فاننا نتوجه الى حضراتكم بضرورة التحرك واستلام ذمام المبادرة وتشكيل لجنة اممية خاصة بملف النساء السوريات المختفيات قسرا وممارسة أقصى درجات الضغط على القوى العسكرية المتورطة في ارتكاب هذه الجرائم بغية الكشف عن مصيرهن والافراج عنهَن مباشرة مع توجيه تقرير وتوصيات خاصة بذلك الى مجلس حقوق الإنسان تمهيدا لاحالة الملف الى المحكمة الجنائية الدولية لمحاكمة المتورطين بارتكاب جريمة الاختفاء القسري هذه التي تشكل وفقاً لنص المادة (7) من ميثاق روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1998 جريمة ضد الانسانية.
ولكم منا فائق التقدير والاحترام.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.