نورث بالس
وتحت عنوان “هل تقوم تركيا بتهريب معتقلي داعش من سوريا، رأت صحيفة جيروزالم بوست، أن هذه القصة تسلط الضوء على قضية أكبر، وهي عملية تهريب أعضاء داعش من مراكز الاحتجاز الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية.
خلال الأيام الماضية، احتفت وسائل الإعلام الموالية للحكومة التركية بعملية قامت بها المخابرات التركية بتهريب عائلة داعشية مؤلفة من “امرأة مولدوفية وأطفالها الأربعة” من مخيم الهول شرقي سوريا التي تخضع لقوات سوريا الديمقراطية.
بعد هزيمة داعش في 2018، انتهى الأمر بعشرات الآلاف من أعضاء التنظيم، بما في ذلك أسرهم، إلى الاحتجاز في شرق سوريا في السنوات الماضية، الآلاف منهم من مواطني دول أجنبية، ولأن قوات سوريا الديمقراطية ليست دولة، لكنها جهة فاعلة، فإن معظم وزارات الخارجية تفضل عدم التفاوض معها مباشرة بشأن معتقلي داعش، مما يترك المعتقلين في طي النسيان.
وأضافت الصحيفة أن أكثر من 70 دولة شريكة للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد داعش لا تريد عودة مواطنيها في الغالب، ولا يمكن تسليم أعضاء التنظيم إلى النظام السوري لأن معظم الحكومات تنظر إليه على أنه نظام إجرامي، كما لا يمكن تسليم هؤلاء الأشخاص إلى تركيا لأن أنقرة تدعي أن قوات سوريا الديمقراطية هي جماعة “إرهابية” عبر ارتباطها بحزب العمال الكردستاني.
منذ يناير الماضي، قطعت الأمم المتحدة مساعدتها لقوات سوريا الديمقراطية عبر معبر اليعربية، الأمر الذي ترك سكان مخيم الهول ومراكز احتجاز داعش الأخرى غير قادرين على الحصول على الدعم، مما مكن تركيا من التدخل لتدعي أنها “تساعد” سكان المخيم، وتصويرهم على أنهم أبرياء، مشيرة إلى أن أنقرة لعبت دورًا متناقضًا عندما يتعلق الأمر بتنظيم داعش منذ عام 2014.
تهريب الداعشية عبر الاستخبارات التركية
وأشارت الصحيفة إلى أن ما يصل إلى 50 ألف شخص انضموا إلى داعش بعد دخولهم عبر تركيا، وأن العديد من أعضاء وقيادات داعش فروا إلى تركيا، ويُزعم مراقبون أن عائلة زعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي عبرت تركيا، كما قال بعض أعضاء التنظيم الذين فروا من معركة الرقة عام 2017 إنهم يريدون شق طريقهم إلى تركيا.
وأوضحت أن حكومة مولدوفا تواصلت مع تركيا “للمساعدة” لاستعادة مواطنتها، لكن من غير الواضح لماذا لم تستطع مولدوفا إخراجها عبر العراق والعمل مع قوات سوريا الديمقراطية. ويبدو أن هذا يرجع إلى حقيقة أن الحدود العراقية مع سوريا مغلقة في الغالب، كما أن تصنيف أنقرة لقوات سوريا الديمقراطية على أنها “إرهابية” جعل من المستحيل في الواقع أن تعيد مولدوفا مواطنيها إلى الوطن بسلام عبر تواصل يحصل بين قوات سوريا الديمقراطية وتركيا، مما يستلزم عملية “إنقاذ”.
ووفقا للصحيفة، تطرح هذه الأمور تساؤلات عن غياب العشرات من أقوى الدول عن هذه المفاوضات، بما في ذلك دول الاتحاد الأوروبي ودول الناتو، جميعهم شركاء في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة والذي يدعم قوات قوات سوريا الديقراطية، لم يتمكنوا من مساعدة مولدوفا على استعادة هذه المواطنة، وبدلاً من ذلك، عملت مع أنقرة، لإرسال عملاء استخبارات إلى سوريا لتهريب شخص من أراضي قوات سوريا الديمقراطية.
الرئيس المولدوفي يشكر أردوغان لتهريب الداعشية
كيف حدث ذلك على الأرض؟ قالت وسائل الإعلام التركية إن وحدات المخابرات التركية وأجهزة الأمن والاستخبارات المولدوفية قامت “بعملية مشتركة”، و”أنقذوا” المواطنة من تحت سيطرة التحالف المناهض لتنظيم داعش بقيادة الولايات المتحدة، وشكر رئيس مولدوفا إيجور دودون الرئيس التركي على المساعدة.
يبدو أن المواطنة المولدوفية جاءت إلى سوريا عام 2013 مع زوجها السوري، كانوا يعيشون في منبج، المنطقة التي كانت تحت سيطرة داعش، وتم تحرير منبج عام 2016 من داعش، وذكر التقرير أن الزوج قتل في 2017 خلال “اشتباكات عسكرية”، ولم يتم ذكر الطرف الذي كان زوجها يقاتل إلى جانبه.
انتهى المطاف بالمرأة المولدوفية وأطفالها الأربعة في مخيم الهول في عام 2019، في نفس الوقت الذي هزم فيه داعش أخيرًا في سوريا، واتضح أن تركيا ساعدت مولدوفا في إعادة عائلة أخرى في عام 2019 عبر تركيا، وقالت المرأة المولدوفية إنها مرت بأوقات صعبة في “الأسر”.
من جانبها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية ووسائل الإعلام الإدارية المستقلة في شرق سوريا أن تركيا ساعدت أعضاء داعش على “الهروب من مراكز الاحتجاز” في الماضي، مؤكدين أن العديد من أولئك المرتبطين بداعش الذين هربوا من الاحتجاز في شرق سوريا ذهبوا إلى تركيا.
قد تكون هذه حرب كلامية بين أنقرة وقوات سوريا الديمقراطية، لكنها تدل أيضًا على الوضع الغريب الذي يستخدم فيه أحد أعضاء الناتو عملاء استخبارات للتسلل إلى منطقة في سوريا تعمل فيها الولايات المتحدة، وهي أيضًا عضو في الناتو، ضد خلايا داعش النائمة.
المصدر: الحرة
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.