التسريع في إعادة الإعمار لا يعني الاستعداد الأمثل للكوارث في تركيا
نورث بالس
عن الزلزال قالت صحيفة العرب “أطلق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وعوداً بإعادة إعمار المناطق المنكوبة جراء الزلزال بسرعة، متجاهلاً أهمية التخطيط لسلامة المباني في بلد يذكره التاريخ كأحد أكثر المناطق نشاطاً على مستوى الزلازل، وهو ما عرّضه للانتقادات وذكّر بتصريحات سابقة لوزراء ومسؤولين لطالما اتهموا النظام الحاكم بالسيطرة على قطاع الإنشاءات والتفريط فيه لصالح شركات صديقة، دون مراقبة أو اهتمام بضرورة الالتزام بمعايير السلامة.
وقال مهندسون معماريون ومدنيون إن خطة الرئيس أردوغان لإعادة الإعمار سريعاً بعد الزلازل المدمرة التي ضربت بلاده تنذر بوقوع كارثة أخرى، ما لم تتم إعادة النظر بعناية في التخطيط لسلامة المباني.
فبعد أيام على وقوع أسوأ زلزال بتركيا في التاريخ الحديث، تعهد أردوغان بإعادة بناء المنطقة الجنوبية التي شهدت وقوع الكارثة في غضون عام، وهو تعهُّد تشير تقديرات متحفظة إلى أن تكلفته ستبلغ نحو 25 مليار دولار، في حين تشير توقعات أخرى إلى أنها أعلى من ذلك بكثير.
وفي مواجهة الانتخابات المقررة في يونيو المقبل، تتعرض حكومة أردوغان لموجة من الانتقادات بسبب أسلوب تعاملها مع ما حدث من دمار، وما يقول كثيرون من الأتراك إنه نتاج سياسات على مدى سنوات أدت إلى تدمير عشرات الآلاف من المباني بسهولة.
وقال أردوغان إن الحكومة ستغطي إيجارات من يغادرون المدن التي ضربها الزلزال، وأضاف “سنعيد بناء هذه المباني في غضون عام ونعيدها إلى المواطنين”.
لكن الخبراء يعتقدون أنه بحاجة إلى تطبيق معايير السلامة من الزلازل بعناية، وتشييد مبانٍ أكثر أماناً في المنطقة التي تمتد على أحد خطوط الصدع الثلاثة التي تتقاطع مع تركيا.
وفي إسطنبول، قالت إيسين كويمين، الرئيسة السابقة لغرفة المهندسين المعماريين في المدينة، “إحلال المباني المهدمة ليس هو الضروري فحسب، لكن أيضاً إعادة تخطيط المدن بناء على البيانات العلمية، مثل عدم البناء على خطوط الصدع وتعلم الدروس من أخطاء الماضي”، وأضافت “التخطيط الجديد هو ما يجب أن يتصدر الأولويات وليس البناء الجديد”.
وتسبّبت الزلازل التي وقعت في تركيا، والتي ضربت سوريا المجاورة أيضاً، في تشريد ما يربو على مليون شخص ومقتل عدد أكبر كثيراً من أحدث حصيلة رسمية بلغت 46 ألف شخص في كلا البلدين.
وقال خبراء إن الزلازل كشفت عن هشاشة البنية التحتية لتركيا؛ لأنها دمرت المباني الحديثة والقديمة، بما في ذلك مستشفيات ومساجد وكنائس ومدارس، وأضرت حتى بالمقابر مثل المقبرة المركزية بأنطاكيا التي سجلت اقتلاع أشجار وتحطم شواهد قبور.
وعلى مدى عشرين عاماً في السلطة، استغل أردوغان المشروعات العقارية الكبرى للحديث عن ازدهار تركيا الآخذ في النمو، ووفرت أعمال بناء المباني العامة والخاصة المزيد من الوظائف وزادت من المعروض في المساكن ودعمت نتائج التأييد له في استطلاعات الرأي.
وتشكل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي تلوح في الأفق، والتي ربما تتأخر بسبب الزلزال، أكبر تحد سياسي لأردوغان حتى الآن، بالنظر إلى أن أزمة تكلفة المعيشة ألقت بثقلها على الأتراك قبل وقوع الكارثة بوقت طويل”.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.