إقليم كردستان العراق يفشل في الاستقلال الاقتصادي
نورث بالس
حول الوضع الاقتصادي بين الحكومتين العراقية وإقليم كردستان، قالت صحيفة العرب: “إذا كانت حرب الخليج عام 1991 قد أسفرت عن قيام حكومة إقليم كردستان، فإن الغزو الأميركي عام 2003 قد دفعها إلى المستقبل.
واليوم، تواجه كردستان العراق تحديات، أبرزها ضغوط قانونية ومالية من قبل الحكومة الاتحادية في بغداد وتهديدات بهجمات إيرانية وتركية. ولكن التهديد الفعلي الذي تتعرض له حكومة إقليم كردستان ليس خارجياً. فبعد ثلاثين عاماً من تأسيسها و20 عاماً من الغزو الأميركي، تفتقر حكومة الإقليم إلى رؤية واضحة لمستقبلها، كما لو أنها تمر بأزمة منتصف العمر.
وفي ظل خطر فقدان دورها المهم، تواجه احتمال حدوث انفجار داخلي بسبب عدم اليقين الاقتصادي والانقسامات الداخلية المزمنة والمؤسسات الضعيفة.
في السنوات الأخيرة، ظهرت انقسامات بين العائلتين الحاكمتين في كردستان العراق، والتي برزت مع ضعف الأحزاب السياسية في الإقليم. فبعد وفاة مؤسس الاتحاد الوطني الكردستاني جلال طالباني عام 2017، تولى نجله الأكبر وابن أخيه رئاسة الحزب بصورة مشتركة، وفي عام 2021، نشب نزاع بين أبناء العم بافل ولاهور طالباني، ونجح الأول بالإطاحة بالثاني.
وفي غضون ذلك، يستعر صراع على السلطة في عائلة بارزاني بين اثنين من أبناء العمومة، والذي من شأنه الإخلال بتماسك الحزب الديمقراطي الكردستاني وحكومة الإقليم بأكملها، وتعكس هذه الصراعات الداخلية نقاط ضعف مؤسساتية على نطاق واسع وتراجع الديمقراطية في إقليم كردستان.
وعلى سبيل المثال، كانت مؤسسات حكومة الإقليم متضعضعة وغير مستعدة على الإطلاق لمواجهة “التسونامي الاقتصادي” الذي بدأ في عام 2014. وكانت المرّة الأخيرة التي أقرّ فيها مجلس نواب إقليم كردستان ميزانية هي في عام 2012. وشهد القطاع العام تضخماً خارجاً عن السيطرة، مما أدى إلى مزاحمة وظائف القطاع الخاص.
وبحلول عام 2017، كانت حكومة إقليم كردستان أكبر القطاعات توفيراً للعمالة في كردستان، حيث كانت توظف نصف القوى العاملة، أي ما يقرب من 1.4 مليون شخص، بتكلفة 750 مليون دولار شهرياً.
وقد أدّى الفساد وعدم الكفاءة إلى تشويه التوظيف في القطاع العام، مع وجود الآلاف من الموظفين الوهميين ومزدوجي الوظائف والمعاشات التقاعدية والمتقاعدين غير المستحقين، في حين يدين القطاع الخاص الناشئ بوجوده لشركات قابضة يملكها أو يسيطر عليها أفراد من العائلتين الحاكمتين في كردستان. ولتجنب قيام قطاع الطاقة في حكومة الإقليم، بكشف أوراقه لبغداد، أصبح غامضاً وغير خاضع للمساءلة على نحو متزايد.
وبشكل عام، تدهورت سمعة حكومة إقليم كردستان من ناحية تقدير الديمقراطية وحقوق الإنسان منذ عام 2003. وبسبب الحرب الأهلية والانقسامات الداخلية في تسعينيات القرن الماضي، لم تُجرَ الانتخابات الثانية لمجلس النواب في الإقليم إلا بحلول عام 2005، أي بعد 13 عاماً من الانتخابات الأولى. ولم تُجرَ الانتخابات اللاحقة إلا بعد تأخيرات كبيرة
وأصبح الفوز الانتخابي والسلطة غير منسجمين بشكل متزايد في الإقليم. فعندما فاز حزب “كوران” المعارض غير المسلح بالمرتبة الثانية في انتخابات عام 2009، بحصوله على أصوات أكثر من تلك التي حصل عليها الاتحاد الوطني الكردستاني، لم يسمح الحزبان الحاكمان لحزب “كوران” بمشاركتهما السلطة.
وعلى الرغم من انتهاء ولاية الرئيس مسعود بارزاني في عام 2015، إلا أنه لم يترك منصبه إلا في عام 2017، مما أدى فعلياً إلى إغلاق مجلس النواب الكردي لمدة عامين من أجل تمديد فترة ولايته.
ومع تعمق الانقسامات الكردية وتحسن الوضع الأمني في بقية أنحاء العراق، يتحوّل ميزان القوى، الذي كان سابقاً لصالح حكومة إقليم كردستان، لصالح بغداد.
ومنذ الاستفتاء، اختلف قادة حكومة الإقليم على الرؤى المتعلقة بمركزهم داخل العراق وعلى خطط إنقاذ قطاع الطاقة المضطرب في الإقليم.
والأسئلة التي تطرح نفسها هنا، هل ينبغي أن يبقى الاقتصاد الكردي مرهوناً بالمساعدات الخارجية والنفط وتحويلات الميزانية من بغداد؟ أم يمكن للإقليم بناء اقتصاد قوي من خلال الإصلاح والتنويع؟ الإجابة على هذه الأسئلة ستحدد مستقبل إقليم كردستان.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.