NORTH PULSE NETWORK NPN
This handout picture provided by the Syrian Presidency Press Office on May 19, 2023 shows Syrian President Bashar al-Assad (4th L) posing among Arab leaders for a group picture, during the Arab Summit in Jeddah. Saudi Crown Prince Mohammed bin Salman welcomed Bashar al-Assad back to the Arab League today, as Assad attended his first summit since being suspended by the bloc in 2011. (Photo by Syrian Presidency / AFP) / RESTRICTED TO EDITORIAL USE - MANDATORY CREDIT "AFP PHOTO / Syrian Presidency" - NO MARKETING NO ADVERTISING CAMPAIGNS - DISTRIBUTED AS A SERVICE TO CLIENTS

التطبيع العربي مع دمشق يواجه أزمة

نورث بالس

 

في الشأن السور، تطرقت صحيفة “العرب” إلى مسار التقارب العربي مع دمشق، إذ رأت الصحيفة أن حكومة دمشق بقيادة “بشار الأسد” لا تزال متوجسة من الانفتاح على محيطه الإقليمي تمهيداً لإنهاء الأزمة السورية.

 

ولم تنجح مبادرة خطوة مقابل خطوة إلى حد الآن في دفع “الأسد” إلى تقديم تنازلات حقيقية تساعد في إعادة تعويم نظامه إقليمياً بدرجة أولى ثم دولياً في نهاية المطاف.

 

وأشارت إلى أن سوريا لا تزال تمثّل أحد أصعب التحديات في المنطقة التي لا تخلو من التعقيدات، ونشرت تقريراً تحت عنوان ” إعادة دمج سوريا إقليميا تواجه تحديات شديدة التعقيد” حول ذلك.

 

ونص التقرير كالآتي:

 

“لا تزال سوريا تمثل أحد أصعب التحديات في المنطقة التي لا تخلو من التعقيدات. ويتجلى هذا في تباطؤ التقدم الدبلوماسي الذي تحقق منذ عودة الرئيس السوري بشار الأسد إلى الحظيرة الإقليمية في مايو عندما دعا الزعماء العرب حكومته إلى العودة إلى جامعة الدول العربية.

 

ويواصل الزعماء العرب التعامل مع الحكومة السورية المتعنتة ضمن لجنة الاتصال العربية وغيرها من الجهود الثنائية لتصحيح المسار تمهيدا لإنهاء النزاع المستمر منذ فترة طويلة.

 

وشكلت الدول العربية اللجنة في مايو بعد أن اختارت البدء في إعادة العلاقات مع دمشق قبل عودتها إلى الجامعة العربية في الشهر نفسه. وعلى هذا النحو، فهي تشكل الآلية الأساسية للتعامل العربي مع نظام الأسد وفق المبادرة الأردنية “خطوة بخطوة”.

 

وضمن هذه الآلية جرت مؤخراً محادثات في القاهرة مع مسؤولين سوريين لمناقشة الملفات المثيرة للقلق، مثل عودة اللاجئين، وتهريب الكبتاغون، والعقوبات، ووحدة الأراضي السورية، واحتياجات التعافي المبكر وإعادة الإعمار.

 

وعقدت القمة في الفترة من الخامس عشر إلى السادس عشر من أغسطس. وتضمن اليوم الأول اجتماعات ثنائية متعددة، التقى فيها المسؤولون المصريون بشكل فردي مع الوفدين السوري والسعودي. كما عقد وزيرا الخارجية الأردني والسوري اجتماعا ثنائيا. وضمت محادثات اللجنة الكاملة وزراء خارجية سوريا ومصر والأردن والمملكة العربية السعودية والعراق. ويشارك الأمين العام للجامعة العربية أيضا في اللجنة.

 

وتمحورت المناقشات حول حالة الصراع في سوريا والمواضيع ذات الاهتمام الإقليمي، وتحديداً القضايا سالفة الذكر.

 

ومن المثير للاهتمام أن المجموعة ناقشت أيضًا اللجنة الدستورية السورية والاختفاء القسري. وعقب الاجتماع المشترك، أعلن وزير الخارجية المصري سامي شكري أنهما سيعقدان الاجتماع المقبل في بغداد. كما يتوقع شكري أن تستأنف اللجنة الدستورية عملها في عُمان بحلول نهاية العام، وهي نقطة جديرة بالإثارة.

 

وبشكل عام، تشير البيانات والتقارير الرسمية إلى أن المحادثات كانت مثمرة وودية. وقال بيان لوزارة الخارجية المصرية إن شكري أكد أن اللجنة “ستقدم يد العون للشعب السوري الشقيق للخروج من محنته”. وكان البيان الختامي الصادر عن اللجنة ودودا بالمثل، حيث قال “إن اللجنة تشجع الحكومة السورية على مواصلة الخطوات والإجراءات المتخذة للتعامل مع كافة تداعيات الأزمة السورية بما يحقق تطلعات الشعب السوري في الخروج من الأزمة”.

 

ويهتم جيران سوريا حقاً بحل الأزمة نظراً لسلسلة القضايا النابعة من “قلب الشرق الأوسط”. وهم على حق أيضاً في إدراكهم بأن القضايا الصادرة عن هذه الجارة من الممكن أن يكون لها تأثير كارثي على الأمن والرخاء الإقليميين. ولهذه الأسباب، من المرجح أن تستمر اللجنة في عملها، حتى في ظل بيئة سياسية صعبة وعدم اهتمام الحكومة السورية الحالي بتقديم تنازلات.

 

لم يتم إحراز تقدم يذكر منذ أن قرر هؤلاء القادة إعادة التطبيع مع دمشق. ويبدو أعضاء اللجنة عالقين اليوم، وهو ما يتجسد في قرار المملكة العربية السعودية تأجيل إعادة فتح سفارتها في العاصمة السورية.

 

ومن جانبه، يشهد الأردن تقدمًا ضئيلًا في مجال تهريب الكبتاغون على طول حدوده مع سوريا. وبالمثل، يواجه العراق قضية تهريب متفاقمة على طول حدوده الغربية التي يسهل اختراقها مع سوريا.

 

ويثير الجمود العام في المحادثات السورية – التركية القلق بنفس القدر، حيث إنها معلقة على مسألة الوجود العسكري التركي في شمال غرب سوريا.

 

والحقيقة هي أن الأسد نجح فعلياً في عرقلة كل الجهود الدبلوماسية الرامية إلى إعادة التواصل مع حكومته حتى الآن، حيث طالب بتنازلات صارمة وثابتة في مقابل الحصول على بنود تهم جيرانه.

 

ومن المؤكد أن دمشق حاولت تقديم صورة عامة أفضل، من خلال إعادة فتح المعابر الحدودية التركية أمام المساعدات الإنسانية. لكن الشيطان يكمن في التفاصيل، أي أن الحكومة السورية تظل السبب الأساسي لمعاناة الملايين من الدول الحائزة للأسلحة النووية التي تسيطر عليها المعارضة والأراضي التي يسيطر عليها النظام، حيث تمنع المساعدات وتفرض حصاراً على مدن بأكملها بالأسلحة الكيميائية.

 

ومع ذلك فإن جيران سوريا يتخذون القرار الصحيح من خلال إشراك دمشق. ومن الناحية الواقعية، ليس لديهم خيار كبير في هذه المرحلة، فسوريا ذات أهمية جغرافية بالغة بالنسبة لعمل المنطقة بحيث لا يمكن تحويلها إلى وضع دولة مارقة على قدم المساواة مع كوريا الشمالية.

 

وعلاوة على ذلك، فقد انتهى موضوع تغيير النظام منذ سنوات، تاركاً قضايا أكثر هامشية، ولكنها عملية، يتعين معالجتها اليوم. وحتى إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تدرك ذلك، حيث أعربت مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى باربرا ليف عن أن الزعماء الإقليميين يجب أن “يحصلوا على شيء” في المقابل.

 

وتتحلى الدول العربية بالواقعية وبالمثل، لن تقدم دمشق تنازلات سهلة، ومن المرجح أن تختار بدلاً من ذلك استخدام منتديات ومحادثات مختلفة مع جيرانها لتحقيق نتائج يتم التفاوض عليها بشكل أفضل.

 

ويقدم الكبتاغون مثالا على ذلك فقد زاد النظام من جهوده الأمنية المشتركة مع الأردن، بينما كان في الوقت نفسه يتولى قيادة عملية المخدرات برمتها في المقام الأول.

 

ويدرك جميع أصحاب المصلحة الذين يركزون على سوريا هذه التناقضات. ومع ذلك، فإن مثل هذه القضايا تمثل المشكلة الرئيسية لأن الأسد لن يغير سلوكه دون الحصول على شيء مهم في المقابل، ولعل ذلك يتمثل في تمويل إعادة الإعمار مع أقل قدر ممكن من الإشراف أو القيود.

 

هل تنجح خطوة بخطوة؟

 

هذا هو الواقع الذي يأمل النهج التدريجي الذي يقوده الأردن والذي تم استخدامه من خلال لجنة الاتصال في رؤية تقدم.

 

وتحدث شكري مع المبعوث الأممي الخاص لسوريا غير بيدرسن بعد فترة وجيزة على الاجتماعات في القاهرة لبحث “الاتفاقات” التي تم التوصل إليها. ومن المثير للاهتمام بالتأكيد رؤية هذا التعاون في أعقاب التقارير التي تفيد باستئناف محادثات اللجنة الدستورية في عمان بحلول نهاية العام.

 

ومن شأن مثل هذه الخطوة أن تكون خطوة جيدة إلى الأمام إذا فُهم أيضا أنها تمثل تنازلا صغيرا نسبيا من جانب الأسد، الذي استخدم اللجنة لسنوات لكسب الوقت عندما استعاد معظم أراضي بلاده بالقوة. والأمل هو أن المناقشات التي تم الإبلاغ عنها حول الاختفاء القسري يمكن أن تشهد بالمثل بعض التقدم هذا العام.

 

ومن هنا، قد يدفع القادة العرب الأسد إلى الدخول في محادثات جادة من خلال تقديم الجزرة لدمشق على شكل مشاريع إنعاش مبكر أو إعادة إعمار مختلفة. وستكون عودة اللاجئين والضمانات الواقعية لسلامتهم نقطة محورية، رغم أننا لا ينبغي لنا أن نخلط بين زعماء المنطقة والإيثار عندما يتعلق الأمر بحماية اللاجئين، ناهيك عن الحكومات الغربية.

 

إن عمليات العودة القسرية للاجئين تحدث بالفعل ومن المرجح أن تتوسع بشكل مستقل عن المحادثات مع دمشق. وهذا الواقع هو أمر يجب على واشنطن أن تتدخل لإيقافه بأي ثمن. ولكن من الحماقة وضع إستراتيجية للتعامل مع سوريا على افتراض أن مثل هذه الانتهاكات للقانون الدولي لن تحدث ببساطة.

 

وإذا وصلت المحادثات في نهاية المطاف إلى مرحلة التبادلات الجادة خطوة بخطوة، فسيصبح التركيز في نهاية المطاف هو كيف تمنع العقوبات الغربية أي جهود محتملة للتعافي أو إعادة الإعمار مرتبطة بهذه المناقشات وكيف ستتم حماية السوريين.

 

وقد أبدت الإدارة الأميركية الحالية مرونة بشأن العقوبات حتى الآن، مما سمح للشركاء الإقليميين بجس مدى التقارب مع الأسد. لكن تجاوز العقوبات يمثل وحشا آخر ينطوي على تحديات خطيرة تعتمد جزئيا على الأقل على دفع الكونغرس الأميركي إلى اتخاذ إجراءات أكثر صرامة ضد دمشق.

 

ولم يستخدم الرئيس جو بايدن حتى الآن عقوبات قانون قيصر على نطاق واسع، مما قد يشير إلى كيف يمكن أن تبدو الصفقات المستقبلية مع الحكومة السورية إذا لم تستخدم السلطة التنفيذية في واشنطن آليات العقوبات. وقد يقع الضغط العلني والسري لحماية اللاجئين ضمن إستراتيجية البيت الأبيض أيضا.

 

ويرى محللون أنه من الحكمة أن يفكر بايدن في هذا النهج. وإذا قام القادة الإقليميون والمبعوث الخاص للأمم المتحدة أخيراً بتنفيذ إستراتيجية فعالة خطوة بخطوة، وتحقيق انتصارات متواضعة ولكن مهمة في وضع مستحيل، فسيكون من الحماقة أن تمنع واشنطن مثل هذا السيناريو.

 

ويشير هؤلاء المحللون إلى أنه يجب أن تشمل هذه الانتصارات الحماية الأساسية للاجئين وجميع المواطنين السوريين أولاً وقبل كل شيء، لاسيما بالنظر إلى حتمية عمليات العودة القسرية الجارية بالفعل في تركيا وسوريا.

 

ويعد التقدم في بعض الإصلاحات والمعلومات المتعلقة بالمختفين أمرا بالغ الأهمية أيضا. وأخيرا، يمكن أن يكون تعزيز الجهود لتأمين خط أنابيب الغاز العربي دعما لاتفاقية الطاقة لعام 2022 بين لبنان والأردن وسوريا ومصر مكسبا كبيرا آخر من التقدم في الملف السوري.”

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.