نورث بالس
نشرت سفيرة فرنسا في سوريا بريجيت كورمي مقالاً لها في موقع “المجلة” قالت فيها “التطبيع كان الكلمة الرائجة لعام 2023، في سياق إعادة دمج سوريا في الجامعة العربية، ومحاولة التقارب بين أنقرة ودمشق، فضلاً عن بعض المناقشات بين قوات سوريا الديمقراطية والنظام السوري”.
بريجيت كورمي أشارت في مقالاتها أن ما حدث في 7 تشرين الأول والحرب التي تلته في غزة يظهر كيف يمكن للأزمات المجمدة أن تنفجر في أي وقت، إذا لم تتم معالجة الجذور العميقة للصراع”، مؤكدة على أنه “لهذا السبب، أصبح من المهم أكثر من أي وقت مضى أن نبقى متأهبين بشأن الأزمة السورية للتوصل إلى حل سياسي للصراع”.
وأضافت أنه “بعد 13 عاماً من الصراع، وخطوط المواجهة الثابتة نسبياً منذ عام 2020، يضعنا الوضع في سوريا أمام خيار مستحيل: إما التحرك نحو التطبيع من دون تنازلات أولية أو التفكير في الوضع الراهن”، مشيرة إلى أن “أي من هذه الخيارات لا يمثل حلاً مقبولاً, لافته إلى أن “كل هذه المسارات تواجه التعنت نفسه من بشار الأسد الذي يبقى العائق الأكبر أمام التطبيع”.
وقالت السفيرة الفرنسية إن “الوضع الراهن ليس حلاً قابلاً للتطبيق أيضاً”، مضيفة أن “الوضع على الأرض غير مستقر إلى حد كبير، والظروف المعيشية للسوريين تزداد سوءاً”.
وذكرت أن سوريا “شهدت مؤخراً أسوأ تصعيد عسكري لها منذ أربع سنوات، مع تصاعد التوترات والعنف في جميع أنحاء البلاد، مما يدل على أن الحرب السورية لم تنته بعد”.
ولفتت كورمي إلى تصاعد الأعمال العدائية في سوريا واستمرار التهديد الذي تشكله هجمات النظام السوري وروسيا على شمالي سوريا، والهجمات التي ينفذها “تنظيم الدولة” في البادية السورية، وتزايد الاحتياجات الإنسانية، وتدهور الوضع الاقتصادي داخل سوريا.
واعتبرت أن “الفشل في معالجة هذا الوضع يزيد من خطر حدوث المزيد من التدهور وعدم الاستقرار بشكل أعمق في سوريا والمنطقة ككل”.
وقالت إنه “بما أن أياً من هذين الخيارين لا يمثل حلاً طويل الأمد، فإننا بحاجة إلى رسم مسار ثالث بشكل جماعي”، موضحة أن “الوضع على الأرض وتوازن القوى بين الأطراف يظهر بوضوح أنه لن تكون هناك تسوية عسكرية لهذا الصراع، فالحل السياسي وحده هو الذي سيحقق السلام الدائم في سوريا ويسمح للسوريين بالعيش بأمان وكرامة”.
وعن قرار مجلس الأمن رقم 2254، أكدت السفيرة الفرنسية أنه “يقدم مبادئ توجيهية للتوصل إلى حل سياسي للصراع”، مشيرة إلى أن بلادها “تظل في حالة تأهب كامل لتنفيذ هذا القرار، وهي تقف بثبات على موقف الاتحاد الأوروبي، مشددة على أنه لن يتم التطبيع أو رفع العقوبات أو إعادة الإعمار دون عملية سياسية ذات مصداقية وشاملة”.
وأكدت أن مشاركة فرنسا في مجلس الأمن ودعمها لمبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، غير بيدرسن، مستمران، مضيفة أنه “في الوقت نفسه، يجب علينا أن نجمع جهودنا بشكل جماعي مع الوسائل المتاحة لكل واحد منا لدفع النظام إلى تغيير سلوكه، ونحن حريصون على مواصلة حوارنا مع مجموعة الاتصال العربية في هذا الاتجاه”.
وعن ما تسمى المعارضة السورية، شددت السفيرة الفرنسية على أنه “لن يتم بناء مستقبل سوريا بدون السوريين، ولهذا السبب، تدعم فرنسا باستمرار المعارضة والسوريين، الذين يقودون كفاحًا لا يكل منذ ما يقرب من 13 عاماً من أجل العيش بكرامة، سواء كان ذلك من خلال حركات مثل المظاهرات الأخيرة في السويداء ودرعا، أو من خلال إنشاء منتديات جديدة للتجمعات والقوى الدافعة السورية أينما كانت”.
وشددت على أن فرنسا “ستواصل دعمها للسوريين، سواء كانوا داخل سوريا أو خارجها، وفي مواجهة الوضع الإنساني الحالي في جميع أنحاء البلاد، يجب على الجهات المانحة الدولية الحفاظ على تمويلها”.
وأشارت إلى أن “التزام فرنسا المالي بالمساعدات الإنسانية في سوريا ثابت، ويظل ثاني أكبر ميزانية للعمل الإنساني لديها، وتم توسيع نطاقها استجابةً للزلزال، ويتم توجيه حصة كبيرة نحو الشركاء المحليين والمستقلين والموثوقين المشرفين على المشاريع في مختلف المجالات في جميع المناطق السورية”.
وبالإضافة إلى ذلك، أكدت كورمي أن فرنسا “تدعم الشخصيات البارزة في المجتمع المدني السوري، وخاصة النساء والرجال الذين يدافعون عن حقوق الإنسان ويكرسون حياتهم لمكافحة الإفلات من العقاب”، مؤكدة أن “مكافحة الإفلات من العقاب في سوريا هي أيضاً التزام فرنسي طويل الأمد”.
وختمت السفيرة الفرنسية في سوريا مقالها بالتأكيد على أن بلادها “لا تنسى السوريين، وتقف إلى جانبهم في سعيهم المتواصل من أجل السلام والكرامة”، داعية المجتمع الدولي إلى “عدم التغاضي عن الأزمة السورية بحجة أنها مجمدة، فالأمر ليس كذلك، وقصر أعمالنا على إدارة الأزمات في سوريا يخاطر بتأجيج الصراع المحتدم في المستقبل”.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.