نورث بالس
يعاني سكان مدينة حلب كما باقي المناطق الخاضعة لسيطرة حكومة دمشق من رداءة جودة الخبز وارتفاع أسعاره، إلى جانب إمضاء ساعات طويلة أمام الأفران لتحصيل عدة أرغفة من الخبز.
ويعيش المواطنون في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية أوضاعاً اقتصادية صعبة جداً، نتيجة ارتفاع الأسعار وانخفاض الأجور وانتشار الفساد والمحسوبية في المؤسسات التابعة للدولة.
وتسببت الحرب الدائرة في البلاد منذ حوالي 10 أعوام، إلى تدمير 70 % من منشآت القطاع الخاص الصناعي، ولحقت أضرار كبيرة بالقطاع الزراعي يقدرها المختصون بما نسبته 60 % نتيجة ظروف الحرب ونزوح الأهالي وتحول الأراضي الزراعية إلى أراضي بور، علاوة على الحرائق التي التي تحصل في الأراضي الزراعية والغابات.
فسوريا التي كانت تعرف يوماً بأنها بلاد القمح، باتت تفتقر إلى مادة الخبز. إذ تحولت سوريا من دولة منتجة للقمح ومصدرة له إلى مستوردة له، بفعل توقف المواطنين عن توريد الأقماح إلى مراكز الحبوب التابعة للحكومة بسبب انخفاض أسعار الشراء مقارنة بارتفاع أسعار صرف الليرة أمام الدولار، وخروج غالبية المناطق عن سيطرة الحكومة، علاوة على انتشار الفساد والمحسوبية في مراكز استلام الحبوب هذه.
وهذا ما أجبر سوريا على الاعتماد على الحليف الروسي للحصول على القمح من أجل تأمين مادة الطحين لصناعة الخبز، فوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، قال في كانون الأول المنصرم أن روسيا زودت سوريا بـ 100 ألف طن من القمح كمساعدات إنسانية منذ بداية عام 2020.
ومع عدم توفر الخبز، يقف المواطنون في طوابير طويلة أمام الأفران ولساعات طويلة جداً في سبيل الحصول على ربطة خبز ذات جودة رديئة يشتكي منها أغلب المواطنين ولكنهم مجبرون على تناولها لأن مداخيلهم لم تعد تكفي لتأمين العديد من الاحتياجات.
ويبلغ سعر ربطة الخبز في مدينة حلب 100 ليرة سورية وتحتوي على 6 أرغفة، في حين يبلغ سعر ربطة الخبز السياحي التي تحتوي 14 رغيف 1500 ليرة.
وفي ظل عدم توفر الطحين، لجأت الحكومة إلى إصدار ما يسمى البطاقات الذكية وتوزيع الخبز على أساسها، ولكن هذه التجربة لم تنجح. فبين ليلة وضحاها قررت الحكومة تطبيق هذه الطريقة في حلب، ولكن هذا القرار الذي أصدر في 24 كانون الأول عام 2020، أثار استياء المواطنين الذين طالبوا بتوزيع الخبز دون البطاقة الذكية.
ولكن رغم تطبيق القرار وادعاء الحكومة بأنه من أجل تخفيف الازدحام وتحسين جودة الخبز وتأمينه لجميع المواطنين، إلا أن الوضع مختلف تماماً على أرض الواقع.
وفي هذا السياق أشار المواطن عبد السلام عساف (46 عاما) من سكان حي سيف الدولة، بأنه يعاني من الانتظار لفترة طويلة أمام الفرن للحصول على ربطة خبز.
وأوضح أنه يعمل في شركة خاصة، ووقوفه الطويل أمام الفرن يسبب له التأخر عن العمل، وبالتالي فأنه يتعرض لعقوبة يتم فيها خصم راتبه.
وأكد عساف بأنه يعمل في ثلاثة أعمال وبأوقات مختلفة من أجل أن يستطيع التعايش مع ارتفاع الأسعار التي تشهدها الأسواق المحلية، وأوضح أنه استغنى عن الكثير من الأطعمة بسبب الغلاء الفاحش.
وفي ذات السياق أشار المواطن أحمد الحميدي (37 عاما) ولديه محل تجاري لبيع الخردوات، بأنه يضطر لإغلاق محله التجاري بسبب انتظاره الطويل أمام الفرن الذي بات من أعماله الصباحية بعد ارتفاع أسعار الخبز السياحي الذي وصل لـ 1500 ليرة للربطة الواحدة.
وأشار أنه بعد تطبيق عملية البيع عبر البطاقة الذكية، ازدادت رداءة جودة الخبز، وقال: “وصلت إلى درجة لم تعد فيه المعدة تتقبله”، ولكنه أشار بأنه مجبر على شراءه لارتفاع أسعار الخبز السياحي وعدم قدرته على توفير احتياجات أطفاله الثلاث.
وأكد الحميدي أن القوة الشرائية لدى المواطنين انخفضت بشكل ملحوظ، وأوضح أنه غير قادر على تأمين احتياجات عائلته ولذلك اضطر للعمل كحارس لأحد المصانع حتى الصباح من أجل تأمين دخل إضافي، لافتاً إلى أنه لم يعد يرى عائلته إلا وقت الطعام.
وبيّن الحميدي أن هذا العام يعد من أقسى الأعوام التي مرت عليه لأنه استغنى عن الأطعمة التي اعتاد وأولاده عليها وعدم قدرته على تأمين ملابس لأطفاله بسبب الأسعار التي لم تعد تتناسب مع دخله المحدود، وقال مختتماً: “إن استمر الوضع هكذا فمن المؤكد أننا سنموت من الجوع ونتشرد في شوارع المدينة”.
وفي ظل رداءة جودة الخبز المنتج في مدينة حلب، أكد مصدر من مديرية المطاحن بأن الطحين الذي يوزع على أفران مدينة حلب أغلبه يكون ذو رائحة كريهة لأن القمح تعرض للعفونة قبل الطحن.
وأشار أن الرائحة الكريهة في الطحين تنتقل إلى الخبز وتؤثر على جودته، وقال مختتماً: “إن مديرية المطاحن ليس لديها كمية كافية من الطحين بجودة عالية”.
إعداد: علي الاغا
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.